محكوم مؤبد وقضى 44 عيدا في الاسر.... والد الاسير جمال ابو محسن : المرض حرمني زيارته فهل يتحقق حلمي واعيش معه ولو عيدا واحدا ؟"
جنين –علي سمودي
بين نوبات الالم والمرض الذي جعلته طريح الفريش وعاجزا عن زيارة نجله خلف القضبان التي تحرمه منه للعام الثاني والعشرين على التوالي، لا يتوقف لسانه عن الدعاء لله ليفرح قلبه بامنيته الوحيدة في الحياة رؤية نجله بين ذراعيه واحتضانه في العيد لمعايدته والفرح بزفافه دون ان تفارقه صور وذكريات لحظة رحيل رفيقة دربه زوجته قبل سنوات قبل اكتمال الحلم، فيبكي وتشتد الامه حتى يقول " الم غياب ابني وحرماني منه اقسى واكبر بكثير من نوبات الالم ، فهل يتحقق حلمي واعيش معه ولو عيدا واحدا ؟".
44 عيدا في الاسر
كلمات الوالد الحاج خالد ابو محسن تثير الحزن والالم في هذه الايام بشكل اكبر واصعب لدى عائلته التي تشاركه المخاوف والامنيات والدعوات خاصة في ايام شهر رمضان الاخيرة وفي عيد الفطر السعيد الذي تستقبله ونجلها جمال (41 عاما ) ،ما زال يقبع خلف القضبان ويعيش نفس المشاعر جراء تدهور صحة والده ، ويقول شقيقه وليد " في العيد نعيش الحزن مضاعفا ولا نشعر باي معنى لفرح وسعادة ، فوسط المنا المستمر والعمر يمضي واخي خلف القضبان ، تغيب والدتي التي رحلت دون وداع جمال ، وابي يعيش مرارة الالم الذي نال منه فاصبح عاجزا عن زيارته ولا يتوقف عن الحديث عنه "، ويضيف " 44 عيدا قضى جمال في رحلة الاعتقال المريرة وفي كل المحطات الصعبة كان ابي اول من يؤازره ويدعمه ويعمل لحريته ، لم ينقطع عن مسيرة او اعتصام ، ولم يتاخر عن زيارته ولكنه اليوم لا يقدر على مغادرة فراشه وكلما مضى يوم من رمضان يتحسر لانه مشتاق لجمال ولا يتوقف عن طلبه والدعاء له ".
ايام مؤلمة
في منزل العائلة في مدينة طوباس ، يجتمع الاهل حول رب العائلة لرفع معنوياته وتخفيف المه المزودج بين المرض واعتقال جمال ، ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الابن وليد لعلاج والده لكن حالته الصحية تدهورت منذ مطلع العام الجاري ، ويقول " تنقلنا بابي بين المستشفيات وامهر الاطباء ولكن المرض نال منه وقد اثر ذلك كثيرا على اخي جمال الذي يعيش الالم والمعاناة بسبب خوفه وقلقه على والدنا خاصة وانه منذ عام لم يزره ، وفي كل زيارة لا يتوقف عن حثنا على علاج والدنا فهو نسي السجن والمه وكل همه صحة ابينا ".ويضيف " رغم معنويات ابي وصموده وقوة عزيمته وايمانه ، لكن جسده لم يحتمل المرض وهو يصلي دوما لله ليتشافى حتى يزور جمال ويعايده في العيد ، وطوال شهر رمضان لم يتوقف عن الدعاء ليتمكن من قضاء العيد معه ".
نفس الدعوات يرددها وليد ، الذي تجرع مع اسرته كل صنوف المعاناة التي لم تتوقف منذ اعتقال جمال في 40-10- 1991 ، ويقول "اعتقال جمال وهدم منزلنا وتشريد عائلتنا لم يكن كافيا للاحتلال الذي تفنن في الانتقام منه ومنا وعقابنا فحرمني رغم كوني شقيقه الوحيد و وكذلك شقيقتاي من زيارته وبعد 11 عاما من الفراق والالم الذي رافقنا بسبب شوقنا لرؤية اخي واثر تدخل عدة مؤسسات وافقت اسرائيل على منحي واحدى شقيقتي تصريحا لزيارته، ويضيف " لكن المؤلم ان جدتي توفيت وكانت تتمنى ان تراه لمرة واحدة، بينما ترفض سلطات الاحتلال منحنا تصريح لبناتي اللواتي ولدن خلال اعتقال عمهن رغم صغر سنهن والمؤلم انه لم يراهن الا بالصور ويوميا تردد طفلاتي بيسان 12 عاما ودنيا 10 سنوات ونوران 6 سنواتعلى مسامعي كلمات الغضب والاستنكار لحرمانهن من رؤية ومعرفة عمهن حتى داخل السجن" .
حرمنا الاعياد
ووسط الاجواء المؤلمة في منزل العائلة عشية عيد الفطر السعيد ، لا تبدو أي استعدادات للمناسبة ، ويقول وليد " رغم اعتزازنا ببطولات وتضحيات اخي الذي يعتبر من قادة حركة فتح وعمداء الحركة الاسيرة ، لكن الصدمات التي تلقيناها برفض الافراج عنه وشطب اسمه من كل الصفقات اثرت علينا ، ابكتنا وجعلتنا نشعر بالظلم فلم يعد هناك فرح في حياتنا ، واتذكر كلمات امي عندما ياتي العيد " حرمنا الاعياد ما دام جمال في السجن "، ويتابع " كل مناسباتنا السعيدة حتى زواجنا لم تدخل ادنى مشاعر الفرح لوالدتي التي لم يشفع لها كبر سنها فعوقبت بالمنع الامني لسنوات عديدة ، وكلما كان يحل العيد تمضي ايامه مريضة وحزينة وباكية لانها عاجزة حتى معايدة ابنها ".
ويضيف وليد " لم تتاخر والدتي يوما عن اعتصام وهي تحث الامهات على الصبر والدعاء ، ارادتها وصلابتها كانت اقوى من السجن والسجان ، فكانت تتحدى وهي تخطط لمستقبل جمال وعروسه وفرحه ، فقد امنت دوما ان يوم الحرية قادم لا محالة ، ولكن المؤلم ان يومها كان اسرع فرحلت في 3-8-2010 ولسانها يردد اسم جمال وتوفيت قبل أن تتحقق أمنيتها برؤيته ولو لمرة واحدة، وقد كانت جدران السجن العائق بأن يكون جمال بيننا ليشاركنا وجع فقدان أمنا المناضلة ".
عيدنا يوم حريتهم
يقاوم الحاج الثمانيني ابو محسن الوجع ، ويضم لصدره صورة جمال ويقول " في العيد الجديد ليس لي سوى رسالة واحدة للرئيس محمود عباس ان يحقق حلم حياتي، صورته لا تفارقني وعذاب سجنه يؤلمني اكثر من مرضي ،لقد صبرنا وصمدنا ولن نندم على كل ما قدمناه من اجل فلسطين وشعبنا ، فاعيدوا الي ابني "، ويضيف " جمال ظلم في كل الصفقات ونحن ظلمنا معه في كل الحياة ، خذوا كل شيء حتى حياتي ولكن هبوني يوما اراه فيه محررا ، وامنحوني فرحة العيد كاب بعدما حرمت منها امه المناضلة الوفية ، وليعلم الجميع ان عيدنا الوحيد سيكون يوم حرية جمال وكل الاسرى فهل سياتي ذلك العيد ؟".