الرئيس والمهام الوطنية الجثيمة!!! - رامي الغف*
الرئيس الفلسطيني (أبو مازن) محمود عباس قائد الشعب الفلسطيني بشيبه وشبابه ونساءه وأطفاله وهو ربان السفينة الفلسطينية، شاء من شاء وأبى من أبى، يقود فلسطين وشعبها إلى بر الأمان بالرغم من العواصف الهوجاء العاتية، والمواج المتلاطمة في الساحة الفلسطينية، فكم من أزمات وعقبات ومنعطفات خطيرة عصفت في الساحة الفلسطينية، فتجاوزها بحكمته ويقظته وصلابتة وفطنتة السياسية القوية في أحلك الظروف وأصعبها، عندما كانت تحبس الأنفاس، وتعز الرجال، فأصبحت بصيرتة ثاقبة تؤكدها وقائع التاريخ وواقع الحال، فهو القائل دوما "وحدتنا رمز عزتنا"و"بالوحدة الوطنية نختصر الكثير من الألام والتضحيات ونبني دولة المؤسسات" قائد مسيرة الشعب الفلسطيني يواصل محادثاتة مع جميع ألوان الطيف السياسي من أجل تمتين البيت الفلسطيني وتقوية أواصر المحبة والأخوة بين الكل الفلسطيني لتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية الفلسطينية الفتية.
فلسطين التي أحبها الرئيس أبا مازن وترعرع بها حراً، فهو ينتمي إلى قضية فلسطين (أرضاً وإنساناً وهوية) ولديه إيمان مطلق بوجوب رص الصف الفلسطيني، وإعادة اللحمة والوحدة لها وإعلان دولة القانون والقضاء والمؤسسات"دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشريف".
الرئيس أبو مازن وقيادة الشعب الفلسطيني يؤكدون دوما وأبدا على أن الإحتلال الإسرائيلي لا يجوز أن ينام على حرير الوقت، ولا يعقل أن يساومهم على ثوابتهم المقدسة بالحرية والإستقلال وإقامة الدولة المستقلة، حيث لا يخفى على أحد أن حكومة الإحتلال تحاول دوما أن تشل القوة الفلسطينية، وتريد أن تضعف الفلسطيني على كل المحاور وعلى كل الجبهات، لأن ذلك بالنسبة إليهم هو الكفيل بالإنتقاص من حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني الوطنية، التي شرعتها لهم جميع الأعراف والمواثيق الدولية، وزيادة ما يستولى عليه من حقوقهم.
لذلك إن كانوا الجماهير الفلسطينية بحق يحبون وطنهم فلسطين ويفدونه بأرواحهم وبدمائهم، فمن واجبهم أن يفشلوا محاولة إسرائيل وجنرالتها وحكامها الخبيثة والدنيئة تماما، لأن قدر الفلسطيني أن يحرر أرضه ويسترد حقوقه وحريته وإستقلاله "شبرا شبرا وجزءا جزءا وذرة ذرة"،وهذا سيؤدي حتما إلى العدل الكامل والحرية والإستقلال وإقامة دولتهم الفلسطينية العتيدة التي حلموا دائما ببزوغها.
ولكي يتمكنون من إفشال هذه المحاولة الرخيصة والسافرة من إسرائيل ومن والاها وتمتين جبهتهم الداخلية الفلسطينية وتشكيل حكومة كفاءات مهنية وطنية قادرة على تحقيق ثوابتهم الوطنية، فعليهم أن ينجحوا أولا في معركة مهمة جدا ألا وهي معركة البناء الذاتي، وتوفير عناصر القوة الذاتية وهو الأمر الذي يتطلب منهم بدقة:
1- توفير إستحقاقات الإصلاح الديمقراطي بكل الأبعاد والمعاني ولاسيما وهم شعب يعشقون الديمقراطية والحرية.
2- تصحيح وزيادة وتائر وإتجاهات البناء والتطوير والنماء المؤسساتي والعمل المهني التنظيمي.
3- تكامل أجهزة ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وعدم تنازع وتضارب المجهودات والإنجازات فيما بينهما.
4- الحزم والضرب من حديد في مواجهة عناصر الفوضى الإجتماعية والتعصبات الفكرية والتحزبات والتكتلات الهدامة وفوضى القوى والعشائرية والعائلية كالنزعات الخاطئة وفوضى السلاح والفلتان الأمني والمجتمعي وبروز مراكز القوة.
5- الحزم بالإجراءات والعقوبة والمحاسبة الرادعه والمكاشفة حيال السلوكيات السلبية، لأن "أمة تفقد قيم سلوكياتها سوف تفقد قيم أهدافها ونبل تطلعاتها".
6- يجب أن يكون هناك آليه تثقيفية وإعلامية وتربوية في مستوى العمل التعبوي وفي مستوى البناء المعنوي وبناء الإنسان وتعزيز الثقة بالمنجزات ومواجهة العمل الإعلامي والتعبوي المعادي والمضاد بكافة صوره، بحيث تكون لديهم آلية إعلامية منافسة "قادرة على التأثير والتنوير والتثقيف".
7- العمل الحثيث لتوفير كل عناصر وأبعاد الوحدة الوطنية، سواء في النطاق الشعبي أو في نطاق العلاقة بين الشعب والسلطة أو في نطاق القوى السياسية والتنظيمية.
8- لابد من خلق برامج للبناء المستقبلي على مستوى الثقافة والتعليم والتعليم العالي والأبحاث العلمية والتقنية خصوصا، والصحة والإقتصاد والتكنولوجيا تجمع ما بين الخصوصية والإحتياجات وضرورات التحديث والتنوير ومواكبة مستوى التطور العلمي والحضاري للمجتمعات الراقية ولمستوى تطلعنا للتقدم والنماء الحضاري وضرورات مواجهة المستقبل.
9- لابد من التقدم في مضمار بناء مؤسسة القضاء وإعمال سلطتة، حيث أن العدل هو أرقى قيمة من قيم الحكم الصالح، وأن توفير العدل أصبح رهنا بمؤسسة قضائية تتمتع بالقدرة والكفاءة والنزاهة، والسلطة الضرورية لحياتنا، فبدون العدل لن يبنون ويطورون وينمون مجتمعهم ولن يحققوا نظامهم ولن تكون هناك قيم نبيلة ولن يكون هناك إستقرار إجتماعي، "ولا أمن ولا أمان".
ومن البديهي أن هناك فارقا بين القدرة والرغبة، وبين الممكن والطموح، ولكن يجب أن يكون هناك إتجاه وخطوات على طريق هذا الإتجاه وإرادة تراكم تحقيق الإنجازات جزءا جزءا، لكي يصلون إلى "مبتغاهم وأحلامهم وأمالهم" في مجتمع فلسطيني عتيد قوي وراقي تتوفر لديه عناصر القوة والتقدم والرقي الأخلاقي والقيمي.
وفي ظل هذا الوضع الحساس والإستثنائي لإقامة دولة المؤسسات" فلسطين الغد"، لابد من إجراء عمليات تقيمية شاملة، الهدف منها الحفاظ على وجودهم الوطني الفلسطيني دوما، وإعادة النظر في سياستهم الخارجية والداخلية على حد سواء، إذ ليس من المعقول والمنطق تجاهل ما يجري من حولهم ونسيان ما يحدث في داخلهم. فلا بد من صحوة حقيقية لأنهم وبحق أمام منعطف تاريخي مهم وحساس جدا يستدعي منهم جميعا الإنتباه واليقظة والتمسك بوجودهم وحماية قضيتهم الوطنية ومساندة ودعم بعضهم البعض على ترابهم الوطني، وهذا يتطلب إحداث تغيرات شاملة ومهمة على بنيتهم التنظيمية والمؤسساتية، وكذلك في جبهتهم الداخلية والخارجية، والإبتعاد عن سياسات الإرتجال والعفوية، فالقضية الوطنية الفلسطينية، هي أسمى من كل الأشخاص ومن كل التنظيمات وأكبر من كل القضايا التي يفكر بها البعض، ولن يرحم التاريخ أحدا منا، لأن مصير وطنهم وشعبهم الأن هو بين أيديهم. وفي هذا السياق يجب التأكيد أيضا على أن من أهم الأسباب لتحقيق النصر والإزدهار والتطور والرقي لشعب فلسطين وأرضهم وقضيتهم يكمن في التالي:
1- الإيمان المطلق بعدالة القضية.
2- الثقة التامة بالقيادة الفلسطينية وبقراراتها وبرامجها.
3- إلتفاف الجماهير الفلسطينية حول نفسها ومساندة قادتها وحمايه مؤسساتها من التخريب والإشاعات والفتن.
4- إعتبار القضية الوطنية الفلسطينية المحطة المركزية الأولى في أجندة كل فرد من أفراد المجتمع.
وإنطلاقا من هذه الأسباب فلابد من توفر أسباب أخرى لتدعيمها والثقة بها مثل:
1- إعادة النظر دوما في الهيكل الحكومي والتنظيمي والمؤسساتي الفلسطيني.
2- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
3- الإصلاح الإداري المستمر في البنية الداخلية والخارجية (وخصوصا السفارات والدوائر الدبلوماسية ومؤسسات العمل الأهلي والوزرات التي تتعامل مباشرة مع المواطنيين).
4- ترسيخ مفهوم العدالة النسبية.
5- المحاسبة المستمرة وملاحقة الفاسدين والمرتشين والأفاقين المنافقين.
6- إشاعة مفهوم العمل المشترك.
7- صياغة القوانين وتطبيقها بالعدل.
8- وضع كافة القوى والمؤسسات والدوائر وكذلك الأفراد تحت السيطرة. ومما لا شك فيه أن مدى ما يمسكون به من إستحقاقات في الأرض والإستقلال، في تحرير إنسانهم وأرضهم وبحرهم وفضائهم، هو الأساس لميزان قوتهم المضافة إلى قوة الروح الفلسطينية.
ومما لا شك فيه أيضا أن الجانب الآخر لميزان قوتهم هو مدى ما يرتبون ويشحنون فيه عناصر قوتهم الذاتية، فإن تنظيم وإستنهاض القوى الذاتية هو أمر في غاية الأهمية لكي ينطبق الذاتي مع الموضوعي في لحظة واحدة ويتحقق حينها النصر المبين، في بناء وتطوير ونماء مجتمع محلى وإقامة دولة مستقلة حديثة.
وهذا النجاح بحد ذاته هو جزء من عناصر وعوامل معركتهم مع الجانب الإسرائيلي الغاشم من أجل حريتهم وإستقلالهم، حيث إن كل مقدار من الحرية يغذي قوة المباراه الحضارية لديهم، وكذلك فإن كل مقدار من النجاح الحضاري يغذي قوة معركة حريتهم.
اذا في حال تطبيق الأسس والمبادئ آنفا الذكر والعمل بها، فلن يجدوا خللا في هياكلهم وبنيتهم الوطنية والتنظيمة، بل سيجدون مدا وتطورا ونماءا وقوة مهما كانت تحطيم إرادتنهم أو القضاء على قضيتنهم الوطنية، وسيجدون أنفسهم أمام حقائق نحن صنعوها بإرادتهم وبإيمانهم، وكذلك بعملهم المتواصل الدؤوب والمستمر.
*"اخر الكلام" من جراحهم وآلامهم وبؤسهم سيرون ملامح الغد فهم أولى بصياغة فجرهم لأنهم صلوا دائما وأبدا لبزوغ فجرهم الفلسطيني.
ناشط ومفوض سياسي إعلامي وكاتب صحفي
media33@windowslive.com