من تبقى لي (إلى ابنتي نوال )- موسى نافذ الصفدي
يا ابنتي ... الرائعة كشجيرة كرملية عالية روح نبي صغير ... صغيرتي التي ستبقى أجمل من روحي و هي تسافر في أسخف ذكرياتي عنها ... لن أقول لك مقدار شوقي لك و انا أشاهد المدينة من قاعها ... و لن أحدثك عن سكان الحدائق العامة و هم يفترشون الأرض مع صغارهم ... نساء ... شيوخ ... يصل أنينهم إلى سابع السموات و هم ينتظرون وجعهم الأكبر بعد أن يأتي إليهم الرب بمطر الخلاص ... ليجدوا أنفسهم بمواجهة الوجع الثقيل و الحرمان و فوق كل ذلك خوفهم من موت مؤلم ... في جهة اخرى من المدينة هناك من لا يعلم بما يجري ... نساء يتقافزن كالشياطين حتى الثمالة و يلقين برخام الروح في مكبات القمامة و في مراحيض المنشآت التي ترفض الإعتراف بواقع الوجع المؤلم الذي تعيشه المدينة ... الأطفال هنا في قاع هذه المدينة و في قمتها يفقدون طفولتهم و يمنعون منها بعد أن يتم توريثهم حكايات الحقد حول نبي كاذب قتل شبيه له أثناء صراعه حول الشرعية الوهمية لأحدهما على الأخر ... الشرعية يا ابنتي هي كالإحساس بالله لا يمكن لها أن تكون إلا بمقدار من يؤمن بها و يستسلم لها ضمن إطار ما يتم التوافق عليه بين الناس الذين هم غاية ما يريده الله في كل سننه الرائعة ... يا ابتي لم يؤسفني بالأمس تناثر الإسمنت و الزجاج في ارجاء بيتي الذي هو أصلاً أستأجرته من حارة أغلب بيوتها أصبحت مدمرة .أكثر ما أثار حزني هو ذلك المشهد للبيوت التي طالما حمت بيتي من برد المنفى بدفئها و دفئ أهلها الطيبين ... تذكرت ما كانت جدتي تقوله لنا و لهم أقول : تقول جدتي ان للرياح روحها و انها لها زراع من لهب ... تجل من يحبها من الكبار ... تحنو على الصغار في مواسم الغضب ... هي لا تسامح من يخون عهدها ... فلا تخونوا عهدها بكم إذا كبرتم يا صغار
موسى نافذ الصفدي
مخيم اليرموك
موسى نافذ الصفدي
مخيم اليرموك