إعاقة- فؤاد ابو حجلة
لم اعرف حرقا للأعصاب كالذي عرفته يوم الأحد. كنت استعد لمغادرة القاهرة الى لندن، وكان ينبغي أن أكون في المطار في الساعة الثالثة بعد الظهر قبل موعد اقلاع الطائرة بساعتين. جاءني السائق في الواحدة والنصف تماما، وانطلقنا الى المطار عبر شوارع القاهرة التي تكتظ بالسيارات والشاحنات الكبيرة والدراجات النارية والدراجات الهوائية وعربات الكارو التي تجرها البغال والمشاة الذين يزاحمون كل ما سبق للاستحواذ على حصة أكبر من الشارع.
كانت حركة السير بطيئة، لكنني كنت مطمئنا الى امكانية الوصول فالمسافة قريبة نسبيا ولا بد أن يخف الازدحام عند تجاوز عنق الزجاجة في شارع صلاح سالم.
لم يخف الازدحام وكان العنق بطول الزجاجة كلها. وكان الحشر في هذه القيامة المرورية قدرا لا فكاك منه. وقد ظللت جالسا في السيارة التي تحولت الى فرن متحرك أكثر من ساعتين ونصف الساعة قبل أن أصل الى المطار ويبلغني الضابط أن طائرتي أقفلت أبوابها منذ نصف ساعة ولا مجال للحاق بها.
بطريقة ما استطعت اقناع الضابط السماح لي بالدخول، وعندما وصلت إلى «كاونتر» الخطوط الجوية رأيت أكثر من عشرين شخصا من المسافرين الذين كانوا محشورين في شارع صلاح سالم ووصلوا الى المطار متأخرين، ما دعا شركة الطيران الى تأخير اقلاع رحلتها. وقفت في صف الانتظار وكنت أتصبب عرقا، وانهيت وزن حقائبي واستلام بطاقة مقعدي في الطائرة ومضيت الى باب الخروج.
في الطائرة تحدث الكابتن مبررا أن سبب التأخير عائد إلى الأحوال الجوية السيئة وكثافة الطيران في الأجواء الأوروبية.. شعرت بأنني يجب أن أحلف بالطلاق بأنني صدقته.
في لندن، أخذتني سيارة الأجرة الى فندق صغير في وسط المدينة حيث تم حجز غرفة لي في ذلك الموقع المريح الذي يمتلكه عرب.
كانت الغرفة أصغر من زنزانة، وكان التعب قد هدني فلم أشتك.. نمت وصحوت مع الفجر لأكتشف وانا أغسل وجهي أن الرجل الذي أنظر إليه في المرآة كان يصرخ «لماذا تبهدلني يا صاحب الافكار العظيمة؟ الم أقل لك إن العرب لا يجيدون غير الإعاقة والحشر».