بين ميثاق الشرف وما جاءت به القوائم الانتخابية..!- ريما كتانة نزال
بانتهاء المدة المحددة أمام القوائم الانتخابية المترددة في الاستمرار بدخول الماراتون الانتخابي، أطلقت لجنة الانتخابات المركزية صافرة البدء العكسي نحو موعد إجراء الانتخابات المحلية.
وبذلك، يكون حينها المواطن الذي أدخل نفسه في سجلات الناخبين أمام فرصته الكافية للاطلاع على البرامج الانتخابية والنقاش مع المرشحين خلال ثلاثة عشر يوماً متاحا للدعاية الانتخابية، ويكون قد امتلك المعرفة والقدرة على فرز الغث من السمين، ما أسعفته نباهته وتعمقه، محاذراً شراء ما يلمع أحياناً وكأنه من معدن الذهب.
نحن اليوم، أمام خمسمائة وست وعشرين قائمة ترشحت في إطار مائتين وخمس وسبعين هيئة محلية في عموم محافظات الضفة الغربية دون محافظات قطاع غزة المحروم بفعل انقسام النظام السياسي الفلسطيني وقرار سلطة الأمر الواقع.
وسنكون أمام جولة استكمالية لانتخاب ثمانية وسبعين مجلساً في الرابع والعشرين من تشرين الثاني القادم، وذلك بسبب رفض بعض القوائم من قبل لجنة الانتخابات جرّاء مخالفات قانونية، أو لعدم تقدم بعض المواقع بأي قائمة للمشاركة في العملية الانتخابية.
نحن أيضا، وبعد أن ذاب الثلج من فوق مرج توقيع ميثاق الشرف بين القوى السياسية الذي تعهدت بموجبه ببذل الجهد من أجل تقديم ترتيب المرأة في القوائم الانتخابية، توقفنا أمام الكوب الذي أضاف على نصفه المليء بعض الانجازات، فقد سجلت قائمتان نسويتان ترشيحهما انجازات ووجهت رسائل هامة إلى من يتعاطى مع الرسائل والرموز حول قضية المرأة ومشاركتها في العمل السياسي والعام...
لقد قامت القوى السياسية والاجتماعية بترجمة بعض التعهدات، لنجد أن سبع قوائم اختارت امرأة لرئاستها، وبأن سبع عشرة قائمة وضعتها في الترتيب الثاني في قوائمها، وتعاطت سبع وستون قائمة مع تعهدها بتخصيصها المرتبة الثالثة للمرشحات، أما القوائم التي خصصت المقعد الرابع لهن فقد بلغت تسعا وخمسين قائمة..
بينما لم تتعاط سوى بضع قوائم لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة مع مطلب وتعهد الميثاق زيادة "الكوتا" إلى ثلاثين بالمائة من حجمها، بينما تجاوزت قائمة واحدة الميثاق والتعهد لتضاعف حصة المرأة في قائمتها وتأخذ المرشحات اربعين بالمائة من حجم المقاعد.
أما نصف الكأس الفارغ الذي يصر على إبقاء الفجوة الاجتماعية ويدير ظهره لاستحقاقات التنمية البشرية بل ويروج لها، لا زال يخصص المقعد الخامس للمرشحات، بل وأمعن في إظهار امتعاضه من مشاركة المرأة، وتحديدا في المجالس التي يقل عدد سكانها عن الألف نسمة التي ترك القانون الحرية للقائمة اختيار موقع المرأة دون شروط، وهو ما حذرنا من تركه لمزاج ما، سواء كان بغطاء عشائري أو غير ذلك من الاعتبارات والمفاهيم الموروثة.
لا أعتقد أن بيننا من يغرق في رومانسيته أو مثاليته حول صرامة الموقف الاجتماعي للقوى السياسية والتمسك بتوقيعه على الميثاق على حساب مصالحه وحساباته في الربح والخسارة، حيث جميع القوى السياسية أرخت الحبل في التعامل مع الفكر التقليدي، ووضعت القضية في إطار المصالح الانتخابية وحسابات الربح والخسارة، بهدف كسب العشيرة لصفها والتحالف معها من أجل ضمان تصويتها وفوزها.
وهنا لا آتي بجديد حيث الأمر مرصود من قبل الحركة النسائية منذ الانتخابات السابقة، حيث مارسته قوى اليسار والوسط.
وفي الرغبة العارمة لملاحقة تفاصيل تطورات واقع المرأة في هذه الدورة الانتخابية، سأغامر لأقول ومن موقع اطلاعي على جميع القوائم والتدقيق في هويتها السياسية، سأجد التزاماً من قبل حركة فتح في ترجمة التعهد الذي وقعته ربما اكثر من قوى اليسار، الذي أعزوه إلى قدرتها أكثر من غيرها على التحكم بمجريات الترتيب أكثر من غيرها من القوى السياسية، وذلك لاتساع حجمها وانتشارها في مواقع كثيرة لا وجود لليسار فيها، وربما أعزوه إلى اطمئنان اليسار إلى انه غير متهم بموقفه، لذلك ركز أولوياته نحو أهمية الحضور والوصول إلى عضويته في المجالس البلدية والمحلية على أولوياته الفكرية والاجتماعية.
إن الأمر لا يتوقف على توقيع مواثيق الشرف أوغيرها، بل يرتبط بالدرجة الأولى بتوفر الإرادة الفعلية للتغيير الديمقراطي نحو المساواة الذي يحدث الفرق في تطور الوعي الفردي والجماعي، وذلك في إطار عملية منهجية تسمح بالانتقال من المفاهيم النظرية والتبشيرية للديمقراطية، نحو التأسيس لتكريس هذه المفاهيم كجزء من الوعي السائد وفي السلوك والممارسة.