فوضى الدورات المسكنة- سامي عبد الرؤوف عكيلة
ببركة ملايين الدولارات المتدفقة إلى وطني تحت بند تأهيل الشباب لسوق العمل, فإن معدلات البطالة يزداد باضطراد!!, لذا فمن حقنا ان نضع دائرة حمراء حول هذه "البركة" وإدارات تصريفها سواء من مؤسسات المجتمع المدني أو المانحين أنفسهم.
كل ما يشغل بال القطاع اللاربحي _ في ظل غياب الدعم الحكومي له_ صياغة برامج تدريب مدرة للتمويل, وبصرف النظر عن مدى تلبية تلك البرامج لأولويات الشباب, فإن المصيبة الكبرى تتعلق في طريقة تنفيذها, حيث بمجرد دخول التمويل الى رصيد الجمعية يصبح عدد الساعات التدريبية المهول الذي تعهدت به, عبء ثقيل على كاهلها تريد أن تلقيه بأي وسيلة!.
المدرب لا يهم إن كان من المرتزقة أو الوافدين على مهنة التدريب, المنشطون لا يهم ان كانوا نماذج في الكسل, والقاعات لا يهم ان كانت تذكرك بمخازن الطحين, والمواد التدريبية أيضا لا يهم ان كانت مسروقة بواسطة فضيلة الشيخ "جوجل", ولا يهم إن كان الحضور مستأجرين مقابل وجبة "غذاء فاخرة", كل ذلك وغيره لا يهم, المهم الآن هو التخلص من الورطة وتسليم المانحين تقارير تفيد بأن المؤسسة أنهت 500 ساعة تدريبية, .. يا له من كابوس.
لا يمكن أن أنسى ذلك الموقف عندما ذهبت لتدريب عدد من "خريجي الثانوية العامة" في مجال "كيفية اختيار التخصص الجامعي", لأكتشف أن الحضور ليسوا من خريجي الثانوية العامة أصلا, وعندما سألتهم عن كيفية حضورهم لهذه الدورة, قالوا: بأنهم موجهين من قبل المؤسسة (س) لحضور الدورة دون توضيح ماهية المقابل.
آلاف ساعات التدريب التي تُسجل وطنيا بأنها تمت باسم الشباب ومن أجل مصالح الشباب, إلا أنها وطنيا أيضا لا تحقق شيئا للشباب غير المزيد من الحسرة والندامة على حالهم, مشاريع تدريبية ضخمة تحمل شعارات "أفلاطونية" لا تقدم للشباب سوى وجبات الغداء الفاخرة, وقضاء وقت ممتع سيما لو كان التدريب يحقق شرط "الجندر"!.
أين مشاريع تدريب ودمج الشباب في سوق العمل؟! وأين دبلومات تمكين المرأة الشابة؟! أين ساعات التدريب التي بمثل عدد حبات رمالك يا وطني؟! لماذا لم تغير جميعها من حال الشباب ؟!
لا ننكر بالطبع وجود إدارات مهنية لعدد من المشاريع المفيدة في الوطن, ولكن يفتقد الباقي للإدارات التي تكفل تحقيق الأهداف والمخرجات الموضوعة وفق معايير الجودة والمهنية في التدريب.
نقطة نظام تخص عدد الجمعيات الذي يتزايد يوما بعد يوم لـ"تدريب الشباب", ونقطة نظام تخص مشاريع التدريب وكيفية اختيارها, ونفطة نظام تخص المدربين, ونقطة نظام تخص جودة التدريب وطرق تصريف التمويل..
لا نريد تدريب مثل "بز الكذاب"!, ولا نريد متدرب كشاهد الزور, نريد تدريب وفق منظومة متكاملة تنطلق من احتياجات الشباب الحقيقية وتوجه نحو هدف واضح باتجاه الدمج الحقيقي في سوق العمل, كفى للعناوين البراقة والمضامين الفارغة, وكفى لدورات الموضة, ونعم من أجل حاضنات مهنية للتدريب المتكاملة للشباب.