سيدي الرئيس: هل تصمت على قتل النساء- بثينة حمدان
سيدي الرئيس أنحني وأنا أكتب لك هذه الرسالة.. وسأنحني أكثر كي لا تقتل امرأة أخرى بعد اليوم، أنحني إكراماً لكل المقتولات والمغدورات والمذبوحات، إكراماً لأرواحهن الطاهرة الشريفة التي دنسها ذلك الرجل. وسأدفن رأسي في التراب إذا قتلت أخرى..
سيدي الرئيس: هل ستظل صامتاً على قتل النساء؟
المواطنة المخلصة بثينة حمدان
النص الكامل
سيدي الرئيس: هل تصمت على قتل النساء؟
كتبها بثينة حمدان- رام الله
تستيقظ كل يوم على وقع خطواته، وتنام بجسد محفور بالوجع، وغالباً لا تنام، تصحو من غفوتها، على صوت رضيعها فتمسح دموعها وتقرر مواصة الحياة لأجله، يتكرر المشهد كل يوم: مشهد العنف والصراخ والانهاك.. هذا هو الموت البطيء الذي على كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أن تتحمل مسؤوليته وأنت أيضاً سيدي الرئيس. لكنك قد لا تستطيع أن تغير الفكر والعادات السيئة بين ليلة وضحاها.. إلا أنك تستطيع أن تحافظ وفوراً على حياة هذه المرأة التي قد لا تستيقظ في اليوم التالي. تُقتل في وضح النهار أو بين أزقة الليل، في الشارع أمام الناس والشرطة. تُقتل لأن القتل في فلسطين يمر عليك سيدي الرئيس وعلى كل من يملك قدرة تغيير القانون وكأنه أمر مستحيل التغيير. إنه عادة راسخة في الشر الموجود بداخلنا فقط.
هل تحلم سيدي الرئيس أن يكف الجاني من تلقاء نفسه عن مهنة القتل؟ نعم إنها مهنة بترخيص من السلطة الوطنية الفلسطينية لأنها/ لأنك: لم تحاكم قتلة النساء، واكتفيتبعذر "الشرف" وهل للجريمة من شرف؟ ولم تغير القانون الساري في الضفة الغربية لعام 1960 وفي قطاع غزة لعام 1936. ولأن السلطة تعرف أن معظم جرائم قتل النساء يتضح فيها وبعد التحقيق أن السبب هو مشاكل عائلية أو جنون الرجل أو مطالبة المرأة بحقها في الميراث.. ومع ذلك تعاقب محاكمنا بعد صمت محفز لعملية قتل آخرى، تعاقب الجاني بالسجن لشهور فقط قبل أن يخرج منتصراً. ولأن السلطة لا تهتم بالرأي العام الفلسطيني الذي يهتز على وقع جرائم القتل وتترك قضايا القتل في المحاكم ما بين المماطلة والتسويف، ثم تخفيف الحكم بداعي إسقاط الحق الشخصي في قضايا رأي عام؟؟ وهل هناك أحد يملك هذا الحق فيمن قتلت غدراً! ولأنك سيدي الرئيس لم تطلب حتى الآن تسريع محاكمة أياً من قتلة النساء، فحتى قضية آية برادعية التي أعلنت على الملأ تجميد بند يتعلق بتخفيف العقوبة على القاتل تحت ما يسمى "الشرف"، لكنك لم تجمد تطبيقه، ولم يتغير شيء منذ ذلك الاعلان.
إنني وباسم ملايين النساء الشريفات أوجه لومي هذا إلى كل المؤسسات والقيادات الرسمية والأهلية بلا استثناء، وأتوجه أيضاً إليك سيادة الرئيس فقد وعدت المرأة في برنامجك الانتخابي وضمن البند 13 (حماية حقوق المرأة): وعدتها بالحماية من التمييز ومنحها حقها في المساواة.. وصولاُ إلى تطوير القوانين الكفيلة بحماية الأسرة والطفولة.. فهل تحمي النساء بصمتك!
آية وآيات وفاطمة ونانسي ورندة.. ألسن نساء من جنس الانسانية قتلن ولم نفعل لهن شيئاً، ولم تفعل أنت يا سيادة الرئيس شيئاً سوى أنك رفعت يدك عن قتلهن؟ فسمحت بقتل غيرهن؟ وإليك بعض الأمثلة على قتل النساء:
1- وجدت جثة آية برادعية في بئر بالخليل في نيسان من عام 2010، اعترف عمها والجناة ولم يحاكموا حتى الآن؟
2- في شهر يوليو 2012 قتلت امرأة على يد زوجها في أحد شوارع بيت لحم.
3- قتلت فتاة في طولكرم وأخرى في مخيم الشاطيء في الشهر نفسه.
4- في شهر يناير 2012 صدر حكم بحق أب اغتصب ابنته عام 2007 أي بعد وقوع الجريمة وسجنه بخمس سنوات، وكان الحكم السجن عشرة سنوات، تم تخفيفه إلى خمسة بسبب اسقاط الحق الشخصي.. علما أن نسبة الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة هي 75% من مجمل الاعتداءات الجنسية في المجتمع الفلسطيني.
5- في فيبراير من 2012 حكم بالسجن خمس سنوات لقاتل شقيقته في طولكرم… قاتل مع سبق الاصرار هل هذا هو حكمه؟
6- في أيلول من عام 2011 وفي مخيم الدهيشة اغتصبت طفلة بعمر 12 سنة، وقتلها خالها بعد أن اكتشف حملها… القضية حتى الآن بلا حكم منذ أكثر من عام لماذا؟
7- فور إعلان نتائج الثانوية العامة هذا الصيف قتلت فتاة 18 عاما على يد والدها فلم تكتمل فرحتها بنتيجتها المشرفة ولم تكتمل حياتها.
مطالبات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية
لا تساهم سيدي الرئيس بقتل النساء فالقوانين البالية والتي تغيرت في دول الجوار تشجع على قتل النساء وهي قوانين غير رادعة، أرجو أن تحمل قضية النساء في صدرك كي يحملك التاريخ عباءة العدل بعد أن تحقق العدل للنساء مثل نساء تونس ونساء العالم، أعيد على مسامعكم مطالب المؤسسات النسوية والحقوقية، حفاظاً على حياة النساء المهددات بالقتل والتي وصل عددهن منذ عام 2007 أكثر من 70.. :
1- لقد اعلنت تجميد أحد بنود قانون العقوبات التي تتعلق بالعذر المخفف للقتل على خلفية الشرف… نطالب بإلغاءه والتعميم على المحاكم بعدم العمل به والتعامل مع قضايا قتل النساء على أنها جرائم قتل.
2- إلغاء المادة القانونية رقم 340 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية.
3- تعديل المادة رقم 98 من قانون العقوبات والتي تمنح عذراً مخففا لمن يقدم على قتل النساء تحت تأثير ثورة الغضب.
4- تعديل المادة رقم 18 من قانون العقوبات الانتدابي رقم 74 لسنة 1936 الساري في غزة.
5- وليس أخيراً الحكم الآن على قتلة آية برادعية بالقصاص، وتسريع اجراءات الحكم في قضايا قتل النساء جميعها.
خلاصة القول… هذا صوت العقل قبل القلب فنحن كبشر لا نعرف العيش بقلوبنا، لابد من حكمة العقل وسلطة القانون وقوته التي تستطيع تغيير كل الأفكار البالية، لا يمكن أن نترك حق إنهاء حياة امرأة أو طفلة أو شابة سواء كانت أم أو أخت أو زوجة أو ابنة في يد رجل في ثورة غضب قد تكون في كثير من الأحيان لأسباب ليس لها علاقة بالشرف، أو نتيجة الشك رغم أن ديننا الحنيف وضع أصعب الشروط لاثبات واقعة الزنا.
سيدي الرئيس أنحني وأنا أكتب لك هذه الرسالة.. وسأنحني أكثر كي لا تقتل امرأة أخرى بعد اليوم، أنحني إكراماً لكل المقتولات والمغدورات والمذبوحات، إكراماً لأرواحهن الطاهرة الشريفة التي دنسها ذلك الرجل. وسأدفن رأسي في التراب إذا قتلت أخرى..
سيدي الرئيس: هل ستظل صامتاً على قتل النساء؟
المواطنة المخلصة بثينة حمدان
Bothaina49@yahoo.com
Bothainahamdan.maktoobblog.com