فلسطين بين النعاج و"الأسود"! - راجح الخوري
بعد اسبوع من بدء العدوان الاسرائيلي يجوز التساؤل: ما الذي فعله محمد مرسي لقطاع غزة ولم يكن حسني مبارك ليفعله، وما الذي فعلته إستخباراته ولم يكن عمر سليمان ليفعله؟
ليس السؤال للمفاضلة بين مصر اليوم الباحثة عن نفسها وبين مصر امس التي نامت طويلاً عن ثعالب اسرائيل و"كمب ديفيد"، بل لاستذكار ما فعلته الثورات والتقدميات التي طالما استعملت فلسطين طبلاً تقرعه بشعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، فلم تكن المعارك إلا لإخضاع الشعوب وامتهان حقوقها وحريتها والكرامة.
كان مثيراً ذلك الخبر قبل يومين عن اول قذيفة سورية تطلق على اسرائيل منذ اتفاق فصل القوات الذي نظمه هنري كيسينجر قبل اربعة عقود، لكنها عملياً قذيفة تستجدي حرباً لإخراج النظام من مأزقه اكثر من حرصه على "حماس" وغزة. وللأمانة لا أدري ما اذا كان البديل الذي سيحكم سوريا غداً سيكون مختلفاً، وخصوصاً بعد استنهاض اميركا واسرائيل عداوات وأحقاداً مذهبية بين السنّة والشيعة من عمق التاريخ يمكن ان تستمر الى أقصى المستقبل!
على اساس هذا أستغرب رد السيد حسن نصرالله على الشيخ حمد بن جاسم، الذي حين قال في الاجتماع الوزاري العربي الذي عقد للبحث في العدوان على غزة: "ان اسرائيل ليست ذئباً لكن بعضنا نعاج" لم يكن يقصد الشعوب العربية بل الانظمة التي لم تدعم القضية الفلسطينية بغير الشعارات والوعود، ولعل اكبر دليل ان غزة في الحصار منذ زمن وهذه الانظمة لم تفعل شيئاً "وإذا كنا امام صحوة عربية فإنها تحتاج الى سياسة واضحة ومنهجية سليمة للتعامل مع هذا الوضع الخطير خصوصاً لجهة الحصار الذي ساهمنا نحن العرب فيه"!
لا ادري ما الخطأ في قول الشيخ حمد هذا، فهو لم يقصد الشعب في لبنان او غزة لكي يرد عليه السيد حسن بالقول: "يا حبيبي إذا اردتم ان تكونوا نعاجاً لكم ما تريدون"، والأمر يتضح عندما يضيف نصرالله: "ان قطر ترسل السلاح الى المعارضة في سوريا ولكنها لا ترسل طلقة واحدة الى غزة". لكن المعروف ان قطر بما تملك من قدرات مالية واعلامية دعمت غزة يوم عدوان "الرصاص المصبوب" اكثر من كل العرب بما فيهم "سوريا الأسد" واقامت الدنيا على رأس حسني مبارك، وقبل اسبوعين كان اميرها الشيخ حمد اول زعيم عربي يزور القطاع ويتكفل إعادة إعماره بعدما نسيته انظمة الصمود والتصدي طويلاً، وهذا يجب ان يذكّرنا طبعاً بما سبق له ان فعله لإعادة اعمار الجنوب بعد العدوان الاسرائيلي عام 2006 حيث استقبله "حزب الله" يومها استقبال الابطال... والمقصود بالنعاج ليس الشعوب بل بعض الانظمة ومنها من احتكر العداوة مع اسرائيل ليدجج جيشاً يستعمله في قتل شعبه!