الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا  

أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا

الآن

هربٌ من الأرض، أم رغبةُ امتزاجٍ بالهواء- أدونيس

-I     داخل الواقع
ـ 1 ـ
قلتُ مرّةً إنّ السياسة العربية قضت على مفهوم « الوطن «، وأحلّت محلّه مفهوم « النظام «. وأودّ اليوم أن أضيف فكرةً أخرى هي أنّ هذه السياسة، بازدرائها لكلّ ماهو ثقافيّ - أي لكلّ ما هو ميدانٌ للإبداع، والتميّز، والحريّة، والتأصّل ، والمشاركة في بناء العالم، تُسهم على نحوٍ كارثيّ، في إنهاء مفهوم « الشرق العربيّ «. ويبدو اليوم لمن ينظر بعمق إلى الوضع العربي، سياسةً وثقافةً واقتصاداً، أنّ مسألة العلاقة بين الشرق العربيّ والغرب الأوروبيّ - الأميركي، لم تعد مسألة « استشراق «. المسألة اليوم، هي أنّ هذا « الشرق « نفسه يتغرّب. المسألة هي أنه يُشرِف على الانتهاء بوصفه « شرقاً عربيّاً «. إنه الآن جهةٌ جغرافيّة محضة. جسمٌ يتدحرج كالكرة في أقاليم الغرب، وتبعاً لمصالحه وأهوائه. ويكاد اليوم، ثقافيّاً، أن يصبح «سكّيناً « أو «صحناً» في مطبخ البيت الأوروبّي - الأميركيّ.
ولن يكون لهذا الشرق قوامٌ بالعودة إلى «ذاته القديمة» في مواجهة «الذات الغربية»، كما يبشّر بعضهم. وكلّ تحرّكٍ في هذا الإطار السياسيّ - الثقافيّ، وهو ما يهيمن الآن، لا يزيد هذا الشرق إلاّ ذوباناً في مصهر الغرب.
ولئن صحّ القول إنّ مَحوَ الحدود شفاءٌ لجميع الجراح، فإنّ هذا النوع من امّحاء «الشرق العربيّ» يخلق له جسداً ليس صالحاً حتى لكي يشعرَ بأيّ جرح.
 
ـ 2 ـ
من يعرف ماذا تقول العصافير في غنائها؟
باسكال كينيار، الروائي الفرنسيّ المعاصر، يجيب قائلاً:
«إنّها تغنّي الموت».
 
ـ 3 ـ
سياسات، حروب، مجازر،
كلُّها تذكّر بالأدنى - أدنى ما في الطبيعة:
اللبؤة «تقتل»
الطيور اللاحمة «تشير» إلى الفريسة،
تتراكض الضباع إليها،
يتراكض بعضُ البشر. ينتظر الفقراء الضعافُ أدوارَهم، حتى يشبع الأقوياء الأغنياء.
هكذا، هكذا... إلخ.
 
ـ 4 ـ
ألا يمكن تحديد الإنسان، إضافةً إلى تحديداته الكثيرة، بأنه القاتل الآكل؟
ألا يمكن استطراداً، تحديد المجتمع، إضافةً إلى تحديداته الكثيرة، بأنه أبناء يقتلون آباءهم، وتلامذةٌ يبيدون معلّميهم، وطرائد تلتهم صيّاديها؟
ألا يمكن، استتباعاً، القول:
إنّ تمحور حياة العرب على السلطة والمال يفسّر شراسة الصراع في ما بينهم، حتى أنّه يكاد أن يكون تجلّياً لفنّ «الاستعمار من داخل»، بقوى داخليّة، وتوكيداً على أنّ خصوصيّة السلطة العربية هي في الاتّجار والاستئثار والاحتكار.
 
ـ 5 ـ
لنتخيّل تلك اللحظة التي يجد فيها المفترس أنه أصبح هو نفسُه فريسةً.
بأيّ منطق سنحاكم هذا التحوّل؟
بأيّ لغةٍ سنفصح عنه؟
 
ـ 6 ـ
منذ خمسينات القرن الماضي تُقدّم السياسة العربية يوميّاً وفي مختلف الأنظمة، الدليل تِلْوَ الآخر على أنّ الشّغف الأكبر الخاصّ بالعرب يتمثّل في التهام بعضهم بعضاً، وفي الاقتتال والتناحر، أفراداً وجماعات. وعلى أنّ العرب يتكوّنون، في معجم هذه السياسة من فئتين: فريسة ومفترس، يقودهما، بالضرورة، «فارس».
 
ـ 7 ـ
يبدو أنّ «الحرّيّة» تتحوّل أكثر فأكثر إلى مجرّد «لفظة»، وأنّ معظم البشر غير معنيين، عمقيّاً، بأن تكون الحرّيّة جزءاً لا يتجزّأ من هويّتهم: المال، بالنسبة إليهم، أكثر أهمّيّةً من الحرّيّة.
 
ـ 8 ـ
فريقان متحاربان: من يسمع نحيب الحَبْل المشدود بينهما؟
 
ـ 9 ـ
يُجلَدُ، ويُفرَض عليه أن يمجّد السّوط الذي يُجلَد به، وأن يقبّل اليد التي تقبض على هذا السّوط.
 
ـ 10 ـ
ليس هو مَن يتكلّم أو يعمل، بل الكرسيّ الذي يجلس عليه أو يتّجه نحوه.
 
ـ 11 ـ
ماضياً كان يُقال: «لا تثق بأيّ شرطيٍّ يقرع بابَ بيتك».
حاضراً يمكن أن يُقال: «لا تَثِقْ بأيّ شرطيّ».
 
ـ 12 ـ
جميع «الثورات» و «الحروب» العربيّة، منذ خمسينات القرن الماضي، لم تدُر حول تحرير الإنسان والفكر، وبناء مجتمع جديد، وإنّما كانت:
أ ـ نوعاً من جنّةٍ جحيميّة، نفسيّاً، تخفيفاً للقلق والعذاب، ووعداً بالشفاء،
ب ـ إعادة توزيع للسلطة،
ج ـ إعادة توزيع للثروات،
د ـ إعادة توزيع للعبوديّات،
هـ ـ إعادة إنتاج لثقافة التخلّف، ولعناصرها جميعاً،
و ـ تحويل الحاضر إلى ماضٍ ( باستثناء التجربة البورقيبيّة )،
ز ـ وكان السجن أو النّفيُ أو القتل، في كثير من الأنظــمة، نوعاً من الاحتفال اليوميّ.
 
ـ 13 ـ
الدّم هو النّهرُ الأكثر تدفّقاً، في زمننا الحاضر، في كثير من بلدان العالم، بينها البلدان العربيّة.
يتدفّق جارفاً معه البيوت والحقول، الرجال والنساء، الكتب والعقول.
كأنّ إراقة الدم شكلٌ آخر من أشكال العبادة.
كأنّ الإنسان لم يعُدْ إلاّ شكلاً مادّيّاً متحرّكاً مصــنوعاً من عجــينة اسمُها اللحم.

-II خارج الواقع
كلّما رأيتُها وتحدّثت معها، يطيب لي أن أقول:
المرأة هي الوقت.
 
ـ 2 ـ
أهناك لذّةٌ إلاّ في ما يخرق العادة؟
 
ـ 3 ـ
لو أنّ الأبجديّة تتحوّل إلى حقولٍ تُزرَع وتُحصَد، كما يبشّر بعض الشعراء، لكان القحط الشعريّ ملكَ الملوك.
 
ـ 4 ـ
نجمتان على شرفة الفضاء تحمحمان في إصْطَبل الليل.
 
ـ 5 ـ
فكرة «الإنسان الكامل» تُضمِر أنّ الإنسانَ يظلُّ كائناً لا يكتمل: كائناً دائم التحوُّل.
 
ـ 6 ـ
عندما يهيم العاشقان، كلاهما بالآخر، يصبح جسداهما ريشتين، والزمن حبراً لهما، والفضاءُ دفتراً.
 
ـ 7 ـ
النهايةُ هي لانهايةٌ من الدرجة الثانية، وليست اللانهايةُ إلا عدداً لا يُحصى من النهايات.
 
ـ 8 ـ
هل يخرج العطرُ من الورد، هرباً من الأرض،
أم رغبةً في أن يمتزجَ بالهواء.

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024