انتصار المقاومة يكتمل بالانتصار في الأمم المتحدة- د. تحسين الاسطل*
اليوم تحققت بفعل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، والتفاف شعبنا حولها وحمايتها، نكسة حقيقية لمخططات «نتنياهو» ، وأسقطت رهانه أن قوة الضغط والتهديد ستجبر شعبنا ومقاومته على الرضوخ لشروط واملاءات الاحتلال ، فلم يحقق أياً من أهدافه الميدانية وخاصة وقف الصواريخ وكسر المقاومة التي قصفت دولة الاحتلال في آخر ثانية لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وحق لشعبنا أن يحتفل بالانتصار على ما أنجزته المقاومة ، والذي سيسجله التاريخ باعتبار أنها أنهت حالة العربدة والانتهاك للأرض العربية والفلسطينية التي تعود عليها الاحتلال ، فزمن عربدة الاحتلال وتهديداته للشعوب العربية انتهت بلا رجعة ، وشهدنا بفضل الإعداد الجيد للمقاومة انتكاسة حقيقية لجيش الاحتلال الذي طالما تغنى به قادته انه لا يقهر ، فوجد نفسه مقهورا أمام المقاومين بإمكانياتهم البسيطة التي أسقطت كل حساباته.
وأمام هذا الانتصار الميداني للمقاومة ، والذي ما كان ليكون لولا الالتفاف الشعبي حولها ، ووقوف كل فصائل شعبنا في مواجهة العدوان ، نجد أنفسنا مطالبين بإكمال وإتمام الانتصار الأهم ، وهو الانتصار على النفس لنصنع المصالحة الوطنية وندفن عار الانقسام الأليم والمرير، وننفض أيدينا منه ومن أصحابه الذين يحاولون تضييع قضيتنا من اجل حساباتهم الشخصية وأجنداتهم الحزبية ، خاصة أننا أمام خيار شعبي جارف يطالبنا بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، ويعتبر أن الانتصار الحقيقي يكتمل بإنهاء الانقسام.
شعبنا بكل فئاته وأماكن تواجده حقق انتصار على الاحتلال في ثمانية أيام من المعركة الميدانية ، تحطمت فيها كل طموحات وخيارات ثالوث التطرف والأجرام الإسرائيلي «نتنياهو ، ليبرمان ، باراك وأسقطت تهديداتهم لشعبنا بالتخلي عن خيار المقاومة ، وبقي سبعة أيام للاستحقاق والخيار الفلسطيني الذي يقوده الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة الأمم المتحدة لطلب دولة فلسطينية بصفة مراقب ، والتي واجه الرئيس عباس بسببها تهديدات كبيرة على المستويين الشخصي والسياسي ، وحتى تهديدات لوجود السلطة الفلسطينية برمتها من نفس الثلاثي المتطرف .
ومن اجل حقوقنا المشروعة في دولة فلسطينية وإكمال الانتصار الميداني بانتصار سياسي في الأمم المتحدة ، بنيل اعتراف دولة بصفة مراقب ، نستطيع بها أن نوجه ضربة حقيقية لثلاثي نتنياهو ، باراك ، ليبرمان، الذين جعلوا من دماء أطفالنا ونسائنا مادة انتخابية لنيل رضا القوى الإسرائيلية المتطرفة من اجل الفوز في الانتخابات ، فمن خلال التفاف شعبنا حول الرئيس ودعمه من كل قوى شعبنا في التحرك الدولي ، نستطيع أن نحقق الضربة القاضية لهذا الثلاثي المجرم ، وإخراجه تماما من الحلبة السياسية في دولة الاحتلال ، بالإضافة إلى الإنجازات التي نحققها على المستوى الدولي ، وخاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ونيل الاعتراف بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، ونضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في إنهاء الاحتلال للدولة الفلسطينية الوليدة.
الشعب الفلسطيني بكل فئاته وقف خلف المقاومة والتف حولها وقبض على الجمر وصمد في وجه عمليات القتل والتدمير ، ليحمي خيار المقاومة التي جعلتنا نرفع هاماتنا أمام شعوب العالم ، وبنفس القوة التي وقف فيها الشعب مع المقاومة يجب أن نقف بكل قوانا مع إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ، فالشعب الفلسطيني يقاتل لأهداف سياسية ، وأي هدف سياسي أهم من دولة مستقلة تحفظ للإنسان الفلسطيني كرامته وحقوقه ، وبالتالي تكون رسالتنا واضحة أمام العالم اجمع في نضالنا من اجل كياننا السياسي ، الذي لن يكون نصرا للرئيس محمود عباس وحركة فتح ، وإنما نصر وإنجاز لكل الشعب الفلسطيني.
ومن هنا سيسجل التاريخ في صفحاته يوم الانتصار على جيش الاحتلال ورد عدوانه في ثامنية أيام، وسيسجل بعدها بسبعة أيام ولادة الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وعندها سيكتشف الجميع أن الانتصار على الأرض وصد العدوان تحقق بقيادة فصائل المقاومة، والانتصار السياسي في الأمم المتحدة تحقق بقيادة منظمة التحرير والرئيس عباس ، وسيتأكد الجميع أن السياسية والمقاومة خياران لا ينفصلان لأي شعب واقع تحت الاحتلال ، وان قيادته لا بد أن تتمسك بكل الخيارات ، الأمر الذي كان يؤكد عليه دائما القائد الشهيد الرمز ياسر عرفات ، الذي حمل الشعب الفلسطيني أمانة غصن الزيتون لشعب يحب العيش في حياة كريمة ، وبندقية الثائر التي تحفظ للإنسان كرامته واستقلاله.
وفي النهاية سنصل إلى نتيجة لا مناص ولا مفر منها ، أننا في حاجة لسياسة الرئيس ، بنفس القدر الذي نحتاج فيه لقوة المقاومة وخياراتها ، والتي تتحقق من خلال المصالحة وإنهاء الانقسام ، والبدء بالعمل المشترك بين الفصائل ، وبكل الخيارات المتاحة أمام شعبنا ، في نضاله من اجل الحرية والاستقلال.
*نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين