ظهر الحق وزهق الباطل - نبيل عبد الرؤوف البطراوي
حقا ظهر الحق بازغا مجلجلا في كل ربوع المعمورة بهذا الترحاب منقطع النظير بالمارد الفلسطيني من قبل كل شعوب الأرض ,هذا المارد الذي قال عنه القادة الصهاينة في البداية انه غير موجود ومن ثم سيموت الكبار وينسى الصغار ومن ثم تمنوا أن يصبحوا فيجدوا البحر وقد خلصهم منه ,ولكن عبثا ذهب أحلامهم وأمالهم ,وهاهو يطلع لهم من على أعلى منبر في الكون ويلتف خلفه العالم بأسره مؤيدا ومرحبا ومبايعا بهذه العودة المحمودة لدولة فلسطين في مصاف دول الأرض التي تنشد المحبة والسلام والعدالة مع كل شعوب المعمورة. نعم اليوم يقف سيد المواقف,اليوم يقف راعي الحلم الفلسطيني ,اليوم يقف ذاك اللاجئ المشرد من صفد ,صفد أحدى المدن الفلسطينية الجميلة في فلسطين التاريخية ,يقف أمام العالم لكي يضع ,البذرة الأولى في صرح الوطن الفلسطيني أمام مرأى ومسمع ورعاية العالم بأسره , نعم هكذا التاريخ يعيد عجلته إلى جادة الصواب ,رغما عن كل المستعمرين المغتصبين المصادرين لحقوق الشعوب في العيش بأمن وسلام . نعم اليوم ستولد فلسطين لتحمل الدولة رقم 194 بين دول العالم هذا الرقم الذي ينتظره منذ النكبة الأولى لشعبا القرار الذي يحمل الرقم نفسه ليعطيه الدفء والطمأنينة بأنه لا يضيع حق خلفه مطالب .ويقول له بأن حلم العودة إلى الديار لم يعد بعيدا بل على مرمى حجر كما كان يقول الزعيم الخالد أبو عمار ,الذي انتقل بالصراع مع العدو من حدود فلسطين من خلال الدول المجاورة إلى ارض فلسطين ,وها هو اليوم يقيم خلفه الدولة على هذه الأرض لكي يكون الغد بالعودة إلى الديار , نعم أن ميلاد اليوم هو ميلاد العزة والكرامة والحفاوة الدولية ,على الرغم من كل المحاولات من قبل من يخافون من إرادة الشعوب نعم تولد اليوم فلسطين على حدود 1967م بإجماع ,فلسطيني أولا حيث كل القوى في الساحة الفلسطينية مؤيدة مباركة هذه الخطوة من خلال المسيرات الحاشدة التي عمت كل القوى والمدن والشوارع الفلسطينية في الداخل والشتات ,كذا توجد مباركة عربية وإسلامية من خلال الدعم الذي يقدمه الزعماء والقادة العرب والمسلمين بالتواصل المستمر مع القيادة ,وخاصة وان الشعوب قد تخلصت من كثير من زعماء الحكم الدكتاتوري والتي ترفض إعادة استنساخه بأي شكل من الأشكال ,كذا يوجد دعم دولي من خلال هذه المواقف الدولية العلنية لدعم المشروع الفلسطيني سواء في أفريقيا واسيا ومن خلال كتل كبيرة مثل دول عدم الانحياز والدول الأوربية ودول أمريكيا الجنوبية . وهنا السؤال هل هذا المولد يعني نهاية الحلم الفلسطيني ,؟ بالطبع لا أنها البداية لكي يكبر الأمل ويتحقق الحلم ,أن العيون الفلسطينية والأفئدة تتلاقى اليوم في غزة والضفة والقدس ويافا وعكا و حيفا والمجدل والجليل وصبرا وشتيلا واليرموك والوحدات وعيون وأفئدة كل أبناء فلسطين في كل أصقاع الأرض مستبشرة بأنه قد بدا العد التنازلي لحالة التشرد والضياع لحقوق شعبنا . نعم لقد بدا اليوم وضع المسمار الأول في نعش الحركة الصهيونية التي نادت بأرض بلا شعب لشعب بلا ارض .في نعش المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين ,في نعش تمزق الأمة العربية من المحيط إلى الخليج . نعم اليوم تنتصر إرادة الشعوب في أوربا وأمريكيا واسيا وأفريقيا واستراليا ,اليوم ستغم الفرحة والعزة والكرامة والأمل بان الحق مهما غاب لابد أن يبزغ الأمل ,هذا الأمل الذي حاولت طائرات ودبابات وقنابل مجازر العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا وبحق الشجر والحجر خلال هذا التاريخ المرير من الاحتلال الهمجي لأرضنا . اليوم سترتسم البسمة على وجه رشيل كيري في قبرها وأهلها وأصدقائها وجيرانها حينما يرون بأن الحق الذي جاءت من اجل مناصرته قد بدا يأخذ طريقه نحو التحقق ,اليوم سوف يصفق كل المتضامنين الأجانب الذين يأتون من كل بقاع الأرض من اجل مشاركة شعبنا في ملاحم مقاومة هذا العدو المتغطرس ,اليوم سوف ترتسم البسمة على وجوه شهداء سفينة مرمره التركية الذي جاءوا من اجل كسر الحصار الظالم الذي فرض على غزة .نعم اليوم تغير العالم فلم يعد في عهد الحروب الباردة أو الساخنة ,كما لم يعد بقطب واحد ,اليوم العالم بأسره أصبح محكوم إلى ضمير أنساني أصبحت الصحوة أهم سماته على الرغم من وجود بعض المسئولين والأحزاب التي تحاول ان تغيب هذا الضمير العالمي نتيجة مصالح استعمارية لفئات رأسمالية عقائدية لم يعد لها وجود إلا في عقلية ثلة من البشر ,سوف ينتهون بعد حين ,وهنا على سبيل المثال نجد الشعب البريطاني ومؤسساته المنتخبة وممثلين الشعب يؤيدون المطلب العادل لشعبنا ولكن حكومتهم لها عدة اشتراطات تحاول من خلالها خدمة الدولة المحتلة وحماية قادتها من خطر المحاسبة الدولية على ما ارتكبوه وحماية نفسها لأنها شريك حقيقي في هذا الجرم التاريخي بحق شعبنا ,وهنا لابد من التذكير بأنه لا أحد من أبناء شعبنا ينسى بان بريطانيا هي من وضع البذور الأولى للمشروع الصهيوني في فلسطين هذا المشروع الذي بدا بوعد بلفور المشئوم في العام 1917م وإنها بتسليم فلسطين على طبق من ذهب للعصابات الصهيونية ,ليشردوا شعبنا . نعم اليوم عجلة التاريخ تعيد صياغة صيرورتها وحركتها عبر هذا الزمان ,64عاما من تاريخ الشعوب ليس بالأمر الكثير على الرغم ما فيها من صفحات سوداء من القتل والقهر والنهب والسلب والعذابات وصفحات حمراء جبلت بالدماء التي سفكها الصهاينة من خلال مجازرهم التي بدأت بدير ياسين وأخرها مجازر العدوان على غزة الأخير وكل أهدافهم الأطفال والنساء وكبار السن والحجر ,ليس بحقنا فقط بل بحق كل الشعوب العربية وكل من ينشد الحرية في الأرض . أن أبشع صنوف الإرهاب التي يمارسها الصهاينة منذ البداية الأولى كان الإنكار المتواصل لوجود شعبنا وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق أرضه والنهب المتواصل للأرض والقتل المستمر للبشر والشجر والحجر . نعم غدا لن يكون الزمان هو الزمان الذي مضى ولن تكون الأرض الفلسطينية مباحة لغطرسة المستوطنين ولا أطفال فلسطين مختبرات لتجارب الإنتاج الحربي الصهيوني ,لأنه بالإمكان مقاضاة ومحاكمة وملاحقة كل المجرمين أمام المحاكم الدولية . نعم اليوم هنيئا لشعبنا العظيم في كل مواقع تواجده هذه البداية الطيبة العظيمة التي رفضت القيادة الحكيمة والرشيدة التلاعب والتراجع عنها تحت كل الإنذارات والتهديدات الصهيونية والأمريكية المتنوعة , نعم أن القادة الصهاينة اليوم وبعد حالة الفشل المزدوج الذي يعيشونه من خلال معاركهم العسكرية والدبلوماسية مع شعبنا باتوا يتحدثون عن عدم جدوى الخطوة الفلسطينية وهنا السؤال أن كانت بلا جدوا فلما هذا التهديد والوعيد ومحاولات كبح جناح الدول التي سوف تؤيد المطلب الفلسطيني ,وهنا يجب التذكير بأن دولة الاحتلال قد قامت فوق الأرض الفلسطينية بقرار من الأمم المتحدة الذي يحمل الرقم 181. نعم كما تقول القيادة على الدوام أنها البداية التي بحاجة إلى إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني وأدوات الصراع مع العدو من خلال الالتفاف الجماهيري الواسع على برنامج وطني ,قادر على المقارعة والمنازلة في الحلبات الدولية ,أضافه إلى امتلاك الأدوات القادرة على ردع غطرسة العدو بالشكل الذي لا يعيدنا إلى حالة الضياع الأولى