الإسلام.. أكبر من الأحزاب!- فراس عبيد
المشهد في مصر يستفز كل عربي غيور، وكل مسلم يقول لا إله إلا الله..
أما منبع الألم في المشهد هو ما يجري من تمزيق للمجتمع المصري باسم الدين، حتى وصل الأمر إلى تصنيف المعارضين للإعلان الدستوري المكمل في خانة (الكفار، وأعداء الله والدين)..
ربما (نسي) هؤلاء المُصنفون المؤمنون بأن (الفتنة أشد من القتل) بنص القرإن العظيم، وأن مجرد احتمالية تعرض المجتمع المصري لانشقاق دام ومهلك بسبب التمسك بموقف سياسي فج، يوجب على الجماعة السياسية الدينية أن تتنازل حقنا للدماء، وحفاظا على الأمن الاجتماعي، فمقاصد الإسلام العظيم دوما كانت تحقيق الرحمة والأمن وحفظ الأرواح والأوطان، والإسلام متجذر في الشخصية العربية بحيث لا يمكن القول أن من يمثل الإسلام ويحميه هم جماعة بعينها، وقد نبه الرسول إلى أن الخير فيه وفي أمته إلى يوم القيامة فلم يقل إن الخير موجود لدى جماعة كذا وكذا..! لا بل إن الرسول أوصى دائما بالرفق وباللين وبالتسامح وبالمحبة.. وشدد أنه لا يجوز أن تخيف مسلما ولو بنظرة من عينيك! فما الذي يجري في مصر؟!
كتب د. مصطفى محمود في يوم من الأيام: (إن حملة الرايات الإسلامية ليسوا على مستوى الأزمة.. وليسوا على مستوى المرحلة التاريخية التي يتصدون لها.. وهم إما رافض وإما متزمت وإما سلفي لا يرى للنصوص إلا تفسيرا واحدا، فإذا طلعت عليه بتفسير آخر اتهمك بالكفر وأعلن عليك الحرب.. وأكثرهم فهم الأصولية على أنها غلظة وعنف وقتل للمخالفين ..).
إن التاريخ لا يعود للوراء، وإن المدخل الوحيد للإنسان اليوم هو وعيه وعقله واقتناعه، وقد خلق الله الناس مختلفين لا متشابهين، لكي يمتحنهم ويصقلهم، لا ليتناحروا وليفرضوا آراءهم على بعض فرضا.. وهو القائل:
(أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين) 99 يونس
(أأنت عليهم بجبار) 45 ق
(إن عليك إلا البلاغ) 48 الشورى
(إن أنت إلا نذير) 23 فاطر
(فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) 21 الغاشية
فهل يبقى متسع للعنف، وللفرض، وللتأويل الواحد للنص.. بعد تلك النصوص المباركة المنيرة؟ وهل يعقل أن نشوه الإسلام وصورة الخالق العظيم بفهم محدود للدين، وبجرّ الدين إلى خانات السياسة الملوثة والمعقدة؟
رفقا بمصر أيها المتعصبون!
فالله العليّ الودود الرحمن الرحيم.. شاء أن يظل الناس مختلفين (انظروا الآيات!)، والعبرة هي في قدرتنا نحن البشر الضعفاء إلى الله على إدارة الاختلاف، بمحبة، وبمسايرة، وبدون عنف مادي أو معنوي، حتى ولو بنظرة.. وعلى حب المختلفين، فهؤلاء المختلفون هم أرواح أيضا، مرجعيتها مَن خَلقها، وهي تؤمن بالله العظيم دون أن تكون عضوا في جماعة دينية بعينها!
واسلمي يا مصر.