مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

الإخوان بحسب تقويم المايا- عزت القمحاوي


أكتب على عجل، بلا ترتيب ولا رغبة في شيء سوى أن يكون هذيان أصابعي آخر ما أقوم به على ظهر هذه الأرض أو أول ما أفتتح به عمري الثاني بعد النجاة من نبوءة نهاية العالم في الحادي والعشرين من ديسمبر. وقد كان هذا اليوم يوم مولدي على مدى سنوات طويلة قبل أن أصحح الخطأ في وثيقة الميلاد وأحتفل بالاكتشاف السعيد الذي جعلني أصغر مما كنت أعتقد بيومين.
على أن خطر الفناء لم يتبدد تمامًا؛ ولن يزول حتى الثانية عشرة من منتصف الليل، فالمايا لم يحددوا ساعة النهاية، وإن حددوها لن نعرف أي توقيت ينبغي أن نعتمده، فهذه اللحظة من ضحى الجمعة في الشرق الأوسط تعادل ليل الخميس في أماكن أخرى من العالم.
نعرف النبوءة منذ بداية العام 2011 ولم نستعد لها جيدًا، ومن حسن الحظ أن شعوب المايا، مثلها مثل الإخوان والسلفيين وكل السلالات المحكومة بالانقراض، لا تجد غضاضة في التراجع عن قراراتها وتصريحاتها. وقد وجدنا في نهاية عام النهاية من يقول بأن نبوءة المايا قد فُهمت خطأ. وأن النهاية التي يقصدونها هي نهاية مرحلة، وحسب غاري فاينمان فإن الحادي والعشرين من ديسمبر هذا العام يوافق تمام دورة تاريخية طولها مليون و872 ألف يوم.
ليس ثمة منطق في أن تقاس الدورة التاريخية بأرقام مفردة كهذه، لكن علينا أن نصدق، لأننا نحب الحياة. وأما قبائل المايا فلن تكون مضطرة لتبرير قرار أو تبرير التراجع عنه إذا ما قررت الولايات المتحدة الأمريكية أنها الأصلح للحكم، باعتبارها القوة الوحيدة المنظمة في أمريكا السمراء الجميلة.
' ' '
انظروا هذا العصفور، جاءته وليفة، ومن خلف زجاج غرفتي أراهما يتهارشان. ماذا سيكون مصير هذا الزوج من الدوري؟ هل تشمل النهاية العصافير إذا صدقت نبوءة المايا أو نجح تحالف الأمريكيين مع القوى المسماة إسلامية المستعدة لإفناء كل المسلمين في سبيل مصادرة الربيع العربي؟
لا شأن للإدارة الأمريكية بعصفورين ضليلين. ليكن ما يكون مصيرهما، فما يهمها هو صناعة موت البشر، ويمكنها أن تتحالف مع أية قوى تصنعه.
تغاضى الأمريكيون عن آثام الحكم الذي اختاروه لمصر وهي أكثر كثيرًا من نبوءة بالموت مسالمة: قتل المتظاهرين السلميين، الانفراد بوضع وثيقة أقل ما يقال عنها إنها بذيئة، تمرير الوثيقة بليل السارقين، تزوير إرادة الناخبين لتحصيل شرعية شكلية، تحصين مجلس غير شرعي.
كل الخطايا ضد الديمقراطية مغفورة، طالما تستطيع هذه الجماعة الدينية تحقيق الفشل بنجاح.
النجاح في الفشل هو باختصار ضمان استمرار حصار قدرات المصريين وإفقار بلدهم، وبهذا المعيار نجحت الجماعة من خلال ما تنتهجه من اقتصاديات البقالة والسمسرة. ولهذا تستطيع الولايات المتحدة أن تصمت عن احتجاجات فاقت في قوتها الاحتجاجات على مبارك، وتستطيع أن تستقبل قياديين من الجماعة وتتفاهم معهم على الخطوة التالية بينما يصرخ أعضاء آخرون من الجماعة ذاتها بالمؤامرة 'الصهيو أمريكية' التي تقودها القوى الثورية.
ليس من المهم أن يكون هناك منطق في كل ما يجري، فالمهم لدى الولايات المتحدة هو أن تبذر الخوف في حقول الإنسانية، لكن بذورها لن تثمر إلا القليل طالما بقي في العالم من يستمتع برؤية عصفور يحجل على غصن أو زهرة في شرفة تهزها الريح.
لأن الحياة جميلة حقًا، فسوف تستمر، وسننسى نبوءة المايا دونما ضغينة أو رغبة في الانتقام، فقد بثت 'المايا' نبوءتها المخيفة المسالمة واستكانت لعزلتها، لم تحاول فرض أسطورتها بالقوة ولم تمارس الترويع أكثر من ذلك. وإن حدث ـ لا قدر الله ـ أن أصبحت هذه القبائل المنقرضة هدفًا للانتقام فلن تحظى بأي مساندة من واشنطن، فلكي تحصل على دعم أمريكي لا يكفي أن تتنبأ بالموت، بل يجب أن تكون قادرًا على صنعه.
أختتم وكلي أمل في بلوغ صباح السبت من دون أن تتحقق نبوءة المايا، وأن تصافح هذه السطور عيونًا حلوة، وأن ننتظر معًا نهاية كل أساطير الماضي التي لن يتأخر يومها بأكثر من ستة أشهر بعد التاريخ الذي حدده تقويم المايا. وهذه ليست نبوءة جديدة، بل قراءة لحالة التداعي المذهل للسلطة في الدولة المخطوفة: مصر.

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024