سيدي الرئيس.. الله والشعب معك - احسان الجمل
انتهت جولة الامم المتحدة، وحصلنا على ما نريد الان، في ظل متوفر الامكانيات، متجاوزين كل الضغوطات والتهديدات والاملاءات، ونعيش نشوة الانتصار، وضيق الحال بسبب ما يمارس من حصار سياسي ومالي علينا. نقدر ظرف كل مواطن يعيش الان في ازمة اقتصادية مالية، تعكس نفسها على تفكيره وانتاجه، وما ينتج عن ذلك، ونقدر موقف القيادة التي تبحث عن مخارج للازمة بعيدا عن المس بالثوابت والحقوق الوطنية. انتهت جولة من الصراع وليس الصراع، لان الصراع بجوهره هو( نكون او لانكون) صراع وجود وليس حدود، ولو اقتضت السياسة المرحلية ان نرفع شعارات برغماتية، لا تتصل بالحق التاريخي، وهو ان فلسطين هي فلسطين، من النهر الى البحر ومن الناقورة الى رفح. وهذه ربما لا تكون فكرتنا وحدنا، بل ان الطرف الاخر في المعادلة اي الصهيوني يحمل تجاهنا التوجه نفسه انطلاقا من مقولة ارض الميعاد. من السذاجة ان لا نعترف بهذه الاستراتيجيات، وان نزاود على بعضنا البعض، بشعارات طوباوية لا تمت للواقع بصلة، وان نستعرض فنون الخداع على النفس وليس الغير. الان دخلنا مرحلة جديدة، ما بعد الاعتراف القانوني وابعاده، هل نضم ما حققناه الى رزمة القرارات السابقة، وهي ايضا كلها قانونية، ولكن حولناها الى مع وقف التنفيذ، ام نرسم رؤية جديدة من روح استراتيجية الحق التاريخي، اهم ما فيها ان تكون بعيدة عن سياسة الارتجال والارتباك والتصريحات المتعددة، حيث سمعنا من مواقع مسؤولة تصريحات متناقضة فيما بينها، في وقت يفترض ان تكون لسان حال واحد. لنأخذ مثلا حالة الصرع عند العدو الاسرائيلي، الذي كان رد فعله الاول عطاءات لبناء الاف الوحدات السكنية، والاستمرار في حجز الضرائب، وزيادة وتيرة الاعتداءات والتوغلات، والقتل المباشر المتعمد بدم بارد امام اي حالة اشتباه. اليوم لدينا مساحة من الوقت، متمثلة في حدثين الاول في اعادة ترتيب الادارة الامريكية، والثاني الانتخابات لدى الاحتلال الاسرائيلي، وهما لن يعطونا في السياسية، ولكن ممكن ان يفرضوا علينا مزيدا من الاجراءات الانتقامية. لانهم غير مهيئين حاليا للقيام بدور سياسي فاعل في هذه الفترة. وفي الجانب الداخلي العربي والفلسطيني، وهنا تأتي عملية السير بين نقاط المطر العربي خوفا من التبلل بها، فما المتغيرات في العالم العربي سوى خارطة جديدة اهم اخطارها انها قسمت الامة والشعوب الى فريقين، بين سلطة ومعارضة، هذا اذا سمحت الانظمة الشمولية الجديدة بدساتيرها ان تكون هناك معارضة تمارس حقها الديمقراطي، فكل حركات التغيير مبنية على سياسة العنف. وتدمير الاوطان واخذها الى منحى التقسيم، اضافة الى ارتباط القوى الجديدة بالمعسكر الامريكي وحلفائه في المنطقة. وانعكاس ذلك على الوضع الفلسطيني المنقسم قبل الجميع، والمنتظر الان الى ما ترسو عليه الاوضاع العربية للاستفادة من نتائجها في تحالفاته، واسقاط ذلك على عملية المصالحة الفلسطينية المتعثرة اساسا، والمؤجلة حاليا، والمرفوضة مستقبلا. لم تأت المتغيرات بما يخدم القضية الفلسطينية، بل ربما أذتها، حيث ان حركة حماس تعتبر ان اسيادها هم من يصلون الى السلطة، وسيكون لها نصيب من اصطياد الدب، فلما العجلة في المصالحة، وهم لا يعترفون بأن القضية الفلسطينية هي المركزية للعرب، بل يعتبروا ان الامة اولا. وفي قراءة لكل التحركات العربية التي جرت في محيط القضية الفلسطينية، كانت استفزازا من نوع التهديد للقيادة الفلسطينية الشرعية، من العدوان على شعبنا في قطاع غزة الى اتفاق التهدئة في القاهرة وزيارة الوفود الى غزة، وهي جزء من الضغوطات التي مورست لثني الرئيس ابو مازن عن التوجه الى الامم المتحدة، وبالتالي تعويم وجوها جديدة من نسيج المتغيرات لقيادة المرحلة المقبلة وفق افرازاتها الجديدة، او ما يسمى حكم الاسلام المعتدل، والمقبول بالدرجة الاولى من الولايات المتحدة. حركة حماس هي من هذا الحراك، لذلك لا مصلحة لها في اجراء مصالحة قبل انتهاء المشهد العربي، واذا كان هناك بعض التصريحات الايجابية، فأنها لا تخرج عن الشعبوية والاستهلاك المجاني، يقابلها سلسلة تصريحات تعبر عن جوهر المشروع الحمساوي الرافض للمصالحة والقذف بالكرة في ملعب الاخرين، والى المتفائلين بالمصالحة، نسألهم متى اعلنت حماس انها ضد المصالحة؟؟ والسؤال الاهم متى مارست حماس ارادة المصالحة وترجمت النوايا الحسنة على ارض الواقع؟؟؟؟. من هنا ندعو الرئيس الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير، الى بلورة رؤية وطنية صحيحة، وفق برنامج وآليات، تتجاوز فيه مطامع حماس وسياستها الرافضة، وتحدد اولويات الصراع مع الاحتلال،وكيفية الاستفادة من الانجاز في الامم المتحدة، للتصدي للاستيطان وكنس الاحتلال، ونحن مع الرئيس بقوله ان كل الاستيطان غير شرعي. وكما ينقل الاخرون بيضهم من سلة الى سلة، وفق المتغيرات، ايضا على القيادة الفلسطينية ان تستفيد من هذه المتغيرات، وتتجه الى المعسكر الاخر، الذي اثبت قوته في اعادة التوازن الدولي، وهم كلهم من اصدقاء القضية و الشعب الفلسطيني. الامريكيون واضحون في ان امن الاحتلال الاسرائيلي من المقدسات لديهم، بغض النظر عن الادارات القديمة او الجديدة، فالسياسة الخارجية لا تتغير إلا بما يخدم امن الاحتلال. والاسرائيليون يميلون اكثر نحو التطرف واليمين، وممارساتهم العدوانية اليومية تؤكد عدم رغبتهم في السلام. وحكام الخريف العربي اثبتوا ان القضية الفلسطينية ليست في اجنداتهم اقله على المدى المنظور. وحركة حماس التي تسوق نفسها على انها قيادة شرعية بحكم سياسة الامر الواقع، وتلقى دعم من بعض الانظمة لا ترغب في المصالحة حتى لو شكلت الحكومة قبل الانتخابات، ستبحث عن ذريعة جديدة لنسف المصالحة. على الرئيس ان يعيد النظر في هيكلية القيادة التي اولاها مسؤوليات قيادية ولم تنجح او تقم بدورها، والتي خلقت هوة مع الشعب مطلوب تجسيرها، لان المقاومة الشعبية السلمية التي عمادها الشعب لا يمكن ان تقوم والشعب محبط من ممارسات خاطئة، وهو( الشعب) يختزن في داخله موجات عالية من حب الوطن والتضحية لاجله، لكنه ايضا ساخط من البعض الذي لم يكن بحجم المسؤولية والامان. ايها الرئيس الفلسطيني، الذي عدت من الامم المتحدة مكللا بالغار، وجلبت الانجاز التاريخي، مطلوب منكم استكمال الانجاز وتحويله الى واقع ملموس، نعرف انكم لا تهابون واثبتت التجربة ذلك، لكن نحب ان نؤكد لكم ان الله والشعب معكم، فسيروا على بركاتهم بما انكم امتلكتم رضاهما. ملاحظة: مسؤول لبناني علق على مطالبة هنية من بيروت خلال مهرجان حماس الحكومة اللبنانية باعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المدنية والاجتماعية، بأن من الاولى ان يعطي ذلك للشعب الفلسطيني في غزة، ويسمح لفتح اقامة مهرجانها.