عفوٌ ملطخٌ بالدم .. !!- فتحي أحمد
حقاً انه زمن العملاء , زمن الوقحاء , زمن الجبناء .. زمن تنفى الاخلاق وتحل الزعرنة ولغة الدم مكان السياسة , فلا يخجل من امتهنوا العمالة وشربوها على ايدي تنظيمات اسسها الاستعمار القديم ودعمتها واحتوتها الصهيونية من اجل تفتيت الامة وخلق حالة الفوضى فيها .
ان هذه التنظيمات التي لبست عباءة الدين وتوشحت بالاخلاق والمقاومة وهي بحقيتها لا دين ولا اخلاق !! فقط تحكمهم مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة واجندة خارجية مشبوهة خدمةً لاسيادهم اللذين اصبحوا يتحكمون بدوران الارض باموالهم القذرة !! يعبرون عن حقد وتعصب لرأيهم متناسين ان فلسطين القضية والدولة والمجتمع والتاريخ ملك لجميع ابنائها وهم من يقررون مصيرها بالاسلوب السلمي والديموقراطي , لا بالقتل والتدمير واستيراد اهداف الفرس والكيان الصهيوني لتنفيذها على الارض الفلسطينية .
انهم حاقدون على انفسهم فهم اشد خطراً حتى على ابنائهم , فانظروا الى المستوى الاخلاقي ولحجم العهر السياسي الذي يتمتعون به في مهاجمة اصحاب الرأي الاخر رغم فكرهم المشبوه , فكيف اذا استلموا السلطة ؟؟ وكيف اذا دانت لهم مقاليد الحكم ؟؟ , فهم اشد حقدا على الاخر من اسيادهم اعداء الامة وها هي نتائجهم بدأـ تطفو على السطح في مصر وليبيا وتونس فنراهم اليوم يدفعون الناس دفعا لتمرير المؤامرات عليها وحتى في تونس تحت يافطة (حركة النهضة) التي يطبع زعيمها مع الصهاينة ويأبى حتى ان يعتذر عن فعل مشؤوم وخيانة ممهورة بسبق الاصرار والترصد .
قادة حماس ومنذ فترة قريبه يلبسون جلود الضأن من اللين ويضعون السكر على السنتهم وينتقون كلماتهم المزيفه ويطلقون ما سموه (قرار العفو) عن ابناء حركة فتح الذين غادروا قصراً ارض الوطن وانبروا يطلقون اصطلاح (العفو العام) ... عهر سياسي واخلاقي غير مسبوق لحكام الظلم والاضطهاد عبر التاريخ , الحدث الاعظم بعد اكثر من ستة سنوات من الظلم والقتل والاضطهاد للشعب والذي لا يزال مستمر حتى هذه اللحظة بحق ابناء حركة فتح والاجهزة الامنية في قطاع غزة يخرج القاتل المأجور ويصرخ بملئ فمه (لقد عفوت عنكم) عفوت عن من ؟؟!
من يعفو عن من يا سادة ؟! القاتل يعفو عن القتيل ؟ والظالم والمستبد يعفو عن المظلوم ؟ ام العكس صحيح ؟ يبدو ان قادة حركة حماس تناسوا ان لديهم اجندة عناوينها كثيرة وكبيرة ولكن الشعب لا ينسى ويعلم ان القتل عنوانهم .. والدماء لذتهم .. والتعذيب متاعهم .. والمال مبتغاهم .. والفساد الاخلاقي شيمتهم .. والتخوين شعارهم .. والغدر دستورهم . أليس هذا من سخرية القدر ان الظالم يعفو والمظلوم واهله يحملون الجميل للظالم ؟ فالمجرم في هذا المقام (العفو) يُصّدر لنفسه قرار عفو .. ليعفو عن من ؟ عن دماء الشهداء ابناء بعلوشة التي عطرت الكتب المدرسية ؟ ام عن دماء اكثر من (700) شهيد من ابناء حركة فتح و الاجهزة الامنية والفصائل الاخرى ؟ او عن من يعاني اعاقة جسدية نتيجة التعذيب واطلاق النار الغير مبرر ؟ او من مثل بجثته عبر شاشات التلفاز ومواقع النت والتواصل الاجتماعي ؟ ام عن من هم خلف قضبان سجونهم يصلبون بنار الحقد والتعذيب الحصري لفنون التنكيل والقتل البطئ .. من يعفو عن من ؟؟! عن البيوت التي هدمت وهجر اصحابها وغربو عنوةً وقصراً عن تراب وطنهم ودفئ وحنان اهلهم من يعفو عن من يا قادة حماس ؟؟! أنسيتم اثناء التمهيد للانقلاب دماء الشهداء (راجح ابولحية .. جاد تايه .. ابوالمجد غريب .. ابوعوض سليم .. ابوماهر ابوالجديان .. سميح المدهون .. حجو .. الراعي ..الجرجير .. العامودي) وقافلة كبيرة وعظيمة كعظمة مآذن وكنائس القدس ؟ تتناسى حركة حماس الدماء التي استبيحت واريقت في مساجد قطاع غزة ؟ أليست هذه بيوت الله ؟ تتناسى حماس الدموع التي انهمرت من القلب على فراق الاحبة ؟ .
هذه هي حركة حماس وحكومتها ... المجرم يعفو عن الضحية ... أليس ما نراه ونسمعه انعكاس ساخر وسافر لكل مرايا الحقيقة ؟ وما يثير الحنق والاشمئزاز بان البعض طبلوا وهللوا واطلقوا عبارات الاطراء ولا ندري أهو نفاق وتملق ؟ ام استحمار سياسي ؟ ام تنازل عن دم سكب فاسترخصوه ؟ ... ألا تبت ايديكم .. الا قطعت السنتكم .. وفقأت اعينكم المصابة بعمى الحقائق , من يعفو عن من يا اراذلة التاريخ .. من يعفو عن من يا جراثيم الفكر ونكرة الاوطان .. من يعفو عن من يا اصحاب الدين المكذوب واللحى المرصعة بالحقد والدم .
في الختام نؤكد على ان الجراثيم لا تعفو عن الجسد وانما تمزقه ... لكنها تتماشى مع الدواء اذا ما انحصرت في خلية ضعيفة لتعيد انتشارها من جديد , من هنا يجب تشخيص العلاج واخذ الجرعات المناسبة في الاوقات المناسبة ليبرء الجسد من هذه الجراثيم .
المطلوب والواجب والحق والدين والشريعه والاخلاق يا قيادة حماس ان تطلبوا العفو من الشعب الفلسطيني وقيادته وان تحفظ كرامات الناس التي تمثل القيمة الجمالية للشعب الفلسطيني والتي من اجلها استشهد القادة العظام واعتقل الالاف من المناضلين لدى الاحتلال , فلا يمكن لهذا التاريخ ان يُمسح بكلمة بلهاء من مجرم (قرار العفو) لان الانقلاب كمخطط حقق حلم العدو فقط الذي بحث عنه طوال السنين الماضية والتي نفذته حماس باتقان لترسيخ الانقسام البغيض بين اجنحة الوطن المختلفة واضعاف معنوياته .. وبعد ذلك عليها ان تذهب الى قبور الشهداء لتطلب منهم العفو والسماح .
ولتعلم حركة حماس وغيرها ان قرار العفو يجب ان يأتي من رأس الهرم الفلسطيني الذي يحفظ كرامات الناس وحقوقهم وتعويضهم عمّا اصابهم وما لحق بهم من اضرار مادية ومعنوية من اجل رأب الصدع اذا كنا نبحث عن وحدة وطنية بالمعنى الحقيقي .
وننصح كل من يتفاوض مع حركة حماس ان لا يتنازل وان لا يتحدث عن حقوق الغير الا في اطار حفظ الكرامات للجميع القوي والضعيف .. الغني والفقير , لان الدماء التي سالت او الجسد المعتل او البيوت التي هدمت او المناضلين الذين هجروا , لن يرحموا احد والله من وراء القصد .