مواطنو نابلس يستقبلون رمضان على استحياء
وفــا- نجاة البكري
استقبل المئات من أهالي نابلس، ممن هم عاطلون عن العمل، او حتى موظفون في القطاع الحكومي انقطعت بهم السبل مع انقطاع الرواتب وعدم انتظامها.. استقبلوا رمضان هذا العام على استحياء بسبب ضيق حال اليد من جهة، والارتفاع "الجنوني" وغير المبرر في أسعار بعض السلع الأساسية الاستهلاكية، من جهة ثانية.
"لم اشتر أي شيء لرمضان نظرا لانقطاع الرواتب، وسيقتصر إفطاري وعائلتي على نصف دجاجة، وسنحتفظ بنصفها الآخر لإفطار ثان، بينما سنعتمد في السحور على صحن من الحمص وقليل من الزيت والزعتر." يقول الموظف محمد حسين (أبو سامي) (45 عاما)، ويضيف: ترتفع الأسعار من أول يوم في رمضان: النعنع، البندورة، والبقدونس.. فبدلا من ان يرحم هؤلاء التجار الناس يرفعون الأسعار وكأنهم يتحالفون مع قسوة الظروف، وهم يعلمون أن لا رواتب، لافتا انه حتى لو صرف الراتب الذي لا يتجاوز الـ 1900 سيقل، فإنه يكاد يكفي لبعض المستلزمات الأساسية، وعليَ تقسيمة بين حاجات رمضان والعيد والسنة الدراسية الجديدة.
ومن جهتها قالت هنادي أبو بكر موظفة في الارتباط المدني:" رمضان هذا العام سيخضع لشروط الاقتصاد المنزلي في بيتي، فبدل شراء من خمس إلى ست زجاجات من العصير، سنكتفي بشراء واحدة وربما اثنتين، وبدلاً من طبخ دجاجتين للعائلة المكونة من 8 أفراد، سنستعيض بدجاجة واحدة.
وأكدت أنها بدأت بتعويد أبنائها على مثل هذا النمط استقبالاً لأي طارئ مادي خصوصاً في ظل حالة عدم الاستقرار في الرواتب.
وقالت: "زرعت حول منزلي خضروات مختلفة لنأكل من منتجاتها خلال هذا الشهر، على الأقل نتجنب الأسعار المرتفعة التي يتلاعب بها التجار دون رحمة، فهم لا يأبهون لا بأزمة الموظف ولا بالمحتاج." وأشارت إلى أنها تستقبل رمضان هذا العام بخجل واستحياء.
المواطنة نجيحة حماد من قبلان، أرملة وأم لطفل يبلغ من العمر 6 سنوات، قالت بدورها انها لا تحصل بعد وفاة زوجها الذي غادر الحياة مبكرا إلا على 400 شيقل من المؤسسة التي كان يعمل فيها، وترى ان عليها التصرف لتغطي حاجتها وحاجة ابنها.
نظام عميرة رغم إعرابه عن تفاؤله إلا أنه يعرض من أنواع التمور بكميات جد خجولة، يقول عميرة:" هذه السنة لا تشبه مثيلاتها من السنوات الأخيرة خاصة مع حلول شهر البركة لكن أتوقع ان الأمور ستتحسن، وربّك بيفرجها عليهم وعلينا، فالحلقة واحدة."
أما السمان نزار شاهين فقد عبر عن تخوفه وقال من عادة الناس التسوق قبل أسبوعين من رمضان أما هذه السنة فقد بدأت حركة الناس ما بين الخميس والجمعة ولكن بشكل ضعيف، وقال :" حتى لو صرفت الرواتب فتخوف الموظفين من عدم صرف الراتب التالي سيجعلهم حذرين ويبقينا متخوفين من كساد التجارة."
أما نبيه عكوب مُصنّع وبائع المخللات في البلدة القديمة بنابلس والذي يعمل في هذا المجال منذ أربعين عاما فقد قال لمراسلة وفا:" لقد حضرت نصف الكمية هذا العام، فغياب الرواتب سيحد من استهلاك المواطنين ليهتموا بالضروريات، عادة أجهز طن من المخللات بأنواعها مع قدوم رمضان، لكن هذا العام حضرت فقط نصف طن، وأملي أن يجد رواجا".
فرغم وضع وزارة الاقتصاد لقائمة أسعار استرشادية للسلع الضرورية للمستهلك الفلسطيني خلال شهر رمضان وتشكيل لجنة لحماية المستهلك حتى يمنع القائمون عليها التلاعب بالأسعار كما ورد عن مدير عام مديرية وزارة الاقتصاد بنابلس بشار الصيفي، إلا أن المواطن مثل التاجر بالمفرق يبديان تذمرا من ارتفاع أسعار للمواد الأساسية كالسكر والطحين
يفيد بائع الحلاوة وائل التيتي :" أن ارتفاع سعر السكر يدفع بارتفاع سعر كيلو الحلاوة فمن 18 شيكل أصبح الكيلو بـ25 شيكل فقد كان سعر الشوال السكر بـ140 شيكل أصبح اليوم 240 ومع غياب الرواتب ترى الناس يقبلون وحين يعرفون السعر يدبرون :"الناس تفاصل وتهرب" رغم أنه من المعروف أن الحلاوة عليها إقبال كبير في شهر رمضان.
ومن جهته يقول بائع اللحمة وضاح ابو زنط :" باتت اللحمة من الكماليات في ظل غياب الرواتب فالموظف بات يتعامل مع سلم الأولويات ليترك اللحمة في سلم الكماليات، وبرأيي أن وصول راتب خلال شهر رمضان هو لسدّ الرمق، وانا متأكد أن الموظف سيكون حذر خاصة وأن المسؤولين في السلطة الفلسطينية يتحدثون عن أزمة اقتصادية حقيقية."
وأضاف ان نسبة البيع للحوم نزلت إلى 30%، في العادة يتم قبل أسبوع من رمضان ذبح من خمسة إلى ستة خرفان يوميا وعجل صغير، أما هذه السنة ذبحنا خروفا واحد ومنا من ذبح خروفين، فسعر لحم الخروف يتراوح ما بين 65 الى 70 شيقل، ولا يقدر عليه المواطن اليوم، وحتى سعر العجل الذي يصل ما بين 48 إلى 50 شيقل بات بعيد المنال عن الموظف.
بائع الدجاج اللاحم نعيم جمعة، أكد سوء وضع الموظف وتأثير غياب الراتب على المواطن رغم أن هذا الصنف من اللحوم هو الأرخص، وقال: "رغم ان سعر كيلو الدجاج اللاحم لا يتجاوز 11 شيقل إلا أن معظم الناس باتوا يقتنون حاجتهم من هذا الصنف من اللحوم أول بأول، إذا توفرت معه نقود أتى واشترى ما يحتاجه ليومه، فالقدرة الشرائية لدى المواطن انخفضت مع انقطاع الرواتب، وهو ما انعكس سلبا علينا كتجار."
وتحدث بائع قطايف مشهور يعمل في هذه المهنة منذ ستين عاما عن انه ورغم انخفاض أسعاره مقارنة بمحلات أخرى، فقد انخفضت نسبة الإقبال في مثل هذه الفترة الى 60%.
ويضيف قائلا:" من من عادته أن يستغني عن القطائف في رمضان، فهي زينة طاولته ...لكن...الله يحسّن الأوضاع.!"
وللكشف عن جانب من عادات رمضان، وهي ما يسمى بـ"فقدة رمضان" أفادنا التاجر مهند علي صالح صاحب محل تجاري للـفرش المنزلي، أن من عادة الناس ان يقتنوا لبناتهم شراشف وحرامات إلا أن نسبة البيع في هذا النوع من البضاعة انخفض لنسبة 70% كعامة المشتريات من بضاعة المحل ومن المواطنين من توجه إلى البشاكير لكونها اقل سعرا، ورغم ذلك بقيت نسبة المبيعات لهذا الصنف لم تتجاوز 20%، فالمهم ان لا يتخلى المواطن الفلسطيني عن العادة لكن ضمن إمكانياته".
وأضاف :"حركة السوق مرتبطة بحركة الموظفين ولا يمكن للموظف ان يتوجه للسوق دون راتب، وأن موسم الصيف كله سجل انخفاضا على غير العادة بلغ 50% ولم تتحسن حركة السوق مع قدوم رمضان إلا بشكل بسيط جدا حيث يتوجه المشتري إلى ما هو أقل سعرا".