قراءة في مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي " ما لنا وما علينا "- عبدالله أبوعودة
لعل المؤشرات الراهنة وحالة الفوضى والضبابية التي تعتري السياسة الداخلية والخارجية الإسرائيلية تثبت بما لايدع مجالاً للشك أن دولة الكيان تعيش في أصعب أوقاتها منذ قيامها في العام 1948 بل يُمكن للمتفائلين منا الذهاب لما هو أبعد وهو التسليم النسبي بصحة التوقعات القائمة على زوال هذا الكيان في العقد الثالث من هذه الألفية الثانية، فالمراقب للمستجدات الحاصلة في طبيعة الصراع الفلسطيني العربي -الاسرائيلي يجد نفسه أمام حقيقة جديدة تتلخص في ان إسرائيل التي لم يسجل لها التاريخ أي هزيمة -بالمعنى الفعلي – أصبحت عاجزة تماماً عن تحقيق الحد الأدنى من الإنتصارات وهي التي كانت في الماضي تلحقها بأقوى الجيوش النظامية في المنطقة وبأوقات قياسية ولعل حرب الثمانية أيام الاخيرة على غزة شاهد عيان على ذلك، وايضا إسرائيل التي لم تتمكن الجغرافيا من رسم حدوداً لها والتي كانت حدودها عند آخر نقطة تصل إليها الدبابة الإسرائيلية أصبحت تتقوقع على نفسها وتلف كيانها بمن فيه بجدران أمنية بدأتها في عملية السور الواقي في الضفة الغربية العام 2004 وآخر توشك على إنهاؤه على الحدود ما بين مصر وقطاع غزة وثالث يتم الترتيب له على الحدود مع سوريا بطول 70 كيلومتر على هضبة الجولان كشف عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إطار برنامجه لإنتخابات الكنيست المزمع عقدها مطلع العام الجاري .. نعم إسرائيل لم تعد إسرائيل، لم تعد إسرائيل التي كانت تكذب وتكذب فيصدقها العالم، أصبحت كاذبة لو قالت صدقاً-ولم تقل- عندما إدعى مندوبها بالأمم المتحدة في نيويورك في نوفمبر أواخر العام الماضي ان الفلسطينيون ليسوا شركاء سلام وأن أبو مازن يفتقد السيطرة على 40 بالمئة من دولته التي يريد، في قطاع غزة "وكر الإرهاب" كما قال، فجاء الرد الأول سريعا بإعتراف أممي بدولة فلسطينية بصفة مراقب غير عضو في هيئة الأمم بنسبة تصويت ساحقة أيدته 138 دولة على رأسها فرنسا وإيطاليا وإمتنعت بعض الدول التي تربطها علاقات أزلية ووثيقة مع دولة الكيان كبريطانيا وألمانيا وهذا بحد ذاته مكسب، وتسع دول أخرى صوتت ضد القرار لم نعرف منها إلا أمريكا وكندا وإسرائيل نفسها، والرد الثاني الذي جاء مؤخرا من غزة والجماهير الغفيرة التي خرجت في ذكرى إنطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة فتح الـ48 لتجدد العهد والبيعة لأبي مازن وتبعت رسالة مفادها ان الشعب ملتف حول القيادة الفلسطينية والقرار الوطني الفلسطيني والتأكيد على حقه في تقرير مصيره ودولته الفلسطينية . في ضوء هذه المستجدات التي طرأت على طبيعة الصراع والمتغيرات المتلاحقة التي يفرزها الربيع العربي وفي هذه المرحلة الجديدة من المواجهة مع الكيان الإسرائيلي يتحتم علينا كفلسطينين أن نعي طبيعتها جيدا وأن نرقى للمسئولية الوطنية التي يجب أن نواجه بها حالة التشرذم والهروب السياسي للقادة الإسرائيليين بقيادة فلسطينية صلبة وموحدة على مشروع وطني يتفق عليه الجميع يلبي رغبات وطموح شعبها والشعوب الحرة والصديقة في العالم، والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية هي أقصر وأسرع الطرق لتحقيقها .