إسرائيل حملة صليبية جديدة- عادل عبد الرحمن
حذرت وثيقة إسرائيلية نشرت عام 1982، واعيد نشرها مجددا، من وضع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية في مصاف حملة صليبية جديدة. لان ذلك يعني زوالها.
وحظت على تنفيذ مخطط تقسيم الدول العربية الى دويلات مذهبية وطائفية واثنية. كما دعت لعدم السماح باقامة دولة فلسطينية غرب النهر، اي على الاراضي المحتلة عام 1967.
تحذير الوثيقة الاسرائيلية، يتقاطع مع تحذيرات الرئيس باراك اوباما، مع الفارق، ان سيد البيت الابيض يدعو نتنياهو، الجبان سياسيا واضرابه الى اغتنام الفرصة، والدفع بخيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، لان ذلك يصب في مصلحة إسرائيل والغرب، ويساعدها في خلق مناخ ايجابي في منطقة لا تقبل وجودها من حيث المبدأ. في حين الوثيقة الصهيونية، تحذر من الدولة الفلسطينية على حدود 67، وتدعو لخيار الوطن البديل في الاردن.
المؤشرات جميعها، تشير الى ان القيادات الصهيونية اليمينية واليمينية المتطرفة والاحزاب الحريدية، والتي تميل الكفة في الشارع الاسرائيلي لصالحها، تعمل بقوة على تصفية خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67.
وتعميق خيار الاستيطان الاستعماري في الاراضي المحتلة 67 وليس في القدس الشرقية لوحدها، والدفع باتجاه الترانسفير من خلال مواصلة حملات التطهير العرقي والعنصري ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني ومصالحهم في جناحي الوطن الشمالي والجنوبي، حيث تتكالب قوى الجيش والاجهزة الامنية مع جرائم قطعان المستوطنين لتدمير حياة المواطنين في القدس والاغوار ونابلس والخليل ورام الله وبيت لحم وطوباس وجنين واريحا وسلفيت وطولكرم، وفي محافظات غزة عبر الحصار والعدوان العسكري المتواصل.
ومن تابع ويتابع الحملة الانتخابية لإئتلاف الليكود بيتنا، والبيت اليهودي وشاس، والقوى الاخرى المحسوبة على المركز (حزب العمل، ويوجد مستقبل، وكاديما) لا تحمل رؤية سياسية للحل، وتمضي في ركب التوجهات الفاشية لاحزاب اليمين، وحتى القوى المحسوبة على ما يسمى باليسار (الحركة نموذجا) رغم حرصها على حل الدولتين، لكنها تواصل التمسك باهداف صهيونية معادية للسلام، لانها ترفض اولا عودة اللاجئين، وثانيا تُّصر على إعتراف الفلسطينيين ب"يهودية" الدولة!؟ وبالتالي السمة العامة لمواقف القوى السياسية الاسرائيلية تتعارض مع خيار السلام، خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67. وتفتقد جميعها القدرة على لعب دور الشريك الحقيقي لصناعة السلام الممكن والقابل للعيش.
الاستعصاء الناجم عن سياسات القوى الاسرائيلية المختلفة وخاصة قوي اليمين واليمين الصهيوني المتطرف، يشير الى ان دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، تكرس بسياساتها العدوانية، واصرارها على مواصلة الاحتلال، ورفض خيار التسوية السياسية القابلة للحياة، خيار الدولتين على حدود 67، وانحدارها نحو الفاشية، وانتاج الحروب في المنطقة، تكرس طابعها الاستعماري، الذي لا يعدو اكثر من حملة صليبية جديدة على المنطقة. يفقدها (إسرائيل) القدرة على التعايش والانصهار مع دولها وشعوبها. وبالتالي يرغم ليس فقط الشعب الفلسطيني، بل والشعوب العربية وقواها الحية، لاعادة نظر جذرية بخيار مبادرة السلام العربية، التي قتلتها إسرائيل من اول لحظة اعلنت فيها عام 2002 في قمة بيروت ، عندما اجتاحت مدن وقرى الضفة الفلسطينية وحاصرت زعيم الشعب العربي الفلسطيني ياسر عرفات آنذاك، ثم إغتالته بالسم لاحقا. والعمل على إعادة الاعتبار للشرعية القومية العربية رغما عن الانظمة العربية المتواطئة مع اسرائيل واميركا. مما يعني قلب الطاولة وخلط الاوراق كليا في المنطقة برمتها. لان قدرة الشعوب وقواها الحية على التحمل نفذت، ولم يعد هناك إمكانية للمراهنة على تحريك عملية السلام، بسبب تساوق الولايات المتحدة مع خيارات دولة الابرتهايد والتطهير العرقي الاسرائيلية، وعدم تمكن الاقطاب الدولية الاخرى وخاصة الاتحاد الاوروبي والروسي من إقران مواقفها بعقوبات سياسية وديبلوماسية وامنية – عسكرية واقتصادية ضد حكومة إسرائيل العادية للسلام.
اللحظة السياسية التي تعصف بالمنطقة حرجة، ومشحونة بالكثير من التطورات، رغم الضبابية الناشئة عن حكم التيارات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين المتواطئة مع اميركا واسرائيل، وسياسات إسرائيل تدفع بالمنطقة دفعا نحو هاوية الحروب نتيجة الغرور والغطرسة والاستعلاء العنصري والفاشي لقادة الحملة الصليبية الجديدة.
a.a.alrhman@gmail.com