مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

البيئة الحاضنة للعنف في تونس- عبدالله إسكندر


ليس جميع الذين نزلوا الى شوارع المدن التونسية من أنصار المعارض اليساري شكري بلعيد. وبين هؤلاء المتظاهرين كثر من الذين اقترعوا لمرشحي حركة النهضة الاسلامية. لقد نزل هؤلاء الى الشارع بعد اغتيال بلعيد، ولمناسبة تشييع جثمانه، ليعلنوا معارضتهم للتوجه الذي تتخذه البلاد نحو اعادة انتاج النظام السابق، سواء لجهة الهيمنة على الحياة السياسية أو التعامل مع المعارضين.
بالتأكيد لم تتخذ قيادة «النهضة» قراراً مركزياً بتصفية بلعيد. لكن اسم هذا المعارض لمفهوم الدولة التي تسعى الحركة الاسلامية الى ترسيخها ورد في لائحة تصفيات على لسان جماعة اسلامية اخرى.
والرابط بين سياسة «النهضة» وبين لائحة التصفيات يمكن ان نجده في سلوك قيادة هذه الحركة.
لقد شرّعت الحركة ما أطلق عليه اسم «لجان حماية الثورة» التي أجيز لها التعرض لكل صوت معارض لـ «النهضة»، خصوصاً الاعلاميين، بذرائع وحجج كثيرة. لقد حاصر أعضاء هذه اللجان التي هي في الواقع ميليشيا تابعة لـ»النهضة» مقرات مواقع ومقرات حكومية مطالبين بتصفية ما اعتبروه معارضين.
وذهبت «النهضة»، وقيادتها، الى حد إدراج هذه اللجان في نص دستوري، بما يحول هذه الميليشيا الى «حرس ثوري» ليتحول قوة ضاربة في أيدي الحركة الاسلامية في وجه خصومها.
في موازاة هذا التوجه، لم تتردد «النهضة»، خصوصاً زعيمها راشد الغنوشي، في مغازلة التيارات السلفية، بتوجهاتها المختلفة. ويشار هنا الى ذلك التسجيل الشهير للغنوشي وهو يتحدث الى كوادر من السلفية. اذ شكا من انه لا يزال في تونس كثير من العلمانيين الذين يسيطرون على الصحافة والاعلام ومفاصل مهمة في الدولة.
وبذلك يتزاوج التحريض على المعارضين مع التساهل الشديد مع ذوي الاتجاهات العنفية، لتنشأ تلك «البيئة الحاضنة» للعنف الذي تعانيه تونس منذ انهيار النظام السابق وخلال تولي «النهضة» تسيير الحكومة الانتقالية، وصولاً الى الاغتيال السياسي الذي يسجل للمرة الاولى في التاريخ الاستقلالي للبلاد.
«النهضة» لا تتحمل المسؤولية الجنائية والقانونية عن هذا الاغتيال، لكنها تتحمل المسؤولية السياسية عن اجواء التحريض وتشكيل ميليشيات والتساهل مع الممارسات العنفية وتغطية الممارسات غير القانونية.
ويبدو ان الحركة لم تلتقط معنى ان يجري اغتيال معارض بالرصاص في وضح النهار، في الوقت الذي تعيش البلاد أزمة سياسية هي الاعمق منذ قيام النظام الجديد. فهي في اشتباك مع حلفائها في الحكومة، ومع موقعي رئاسة الجمهورية وورئاسة المجلس التأسيسي. وهي في اشتباك مع المعارضة المدنية بكل تشكيلاتها، ومع الاتحاد العام للشغل. اي انها في اشتباك مع كل مكونات المجتمع التونسي الذي خرج للتنديد بسياستها في الايام الماضية.
وهي بدلاً من السعي الى التقارب مع المجتمع المدني، بكل أطيافه، تتمسك بما تعتبره مكسبها الانتخابي، مستندة الى ميليشياتها في المقام الاول والتي دفعتها الى الشارع يوم امس للرد على تظاهرات التنديد باغتيال بلعيد. وعبّرت عن هذا التمسك برفض فكرة أمينها العام ورئيس الحكومة حمادي الجبالي بالتوجه الى حكومة تكنوقراط تعد لانتخابات سريعة تنهي المرحلة الانتقالية.
وبغض النظر عن صلاحية مثل هذه الحكومة في معالجة الازمات السياسية والاقتصادية والحياتية، أو تشكيل حكومة ائتلاف وطني تجمع الاطياف السياسية كافة تتحمل مجتمعة مسؤولية عبور المرحلة الانتقالية، فان منطق «النهضة» قائم على استئثار العمل الحكومي عبر حكومة احزاب، تتولاها بنفسها. ما يكشف عدم قدرتها على مراجعة تجربتها الفاشلة حتى الآن، واصرارها على تنمية تلك «البيئة الحاضنة» للعنف.

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024