مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

ربيع البوعزيزي وخريف "الإخوان"!- الياس الديري


كانت تونس تعيش يومها كالمعتاد في ذلك النهار الهادئ والمملّ، بعيداً من اية مفاجآت أو تنغيصات إضافية، حين فوجئ نفرٌ من المارة بقرب عربة خضر مركونة في الزاوية وإلى جانبها جسدُ شاب ناحل، مكفهر الملامح، يشعل النار في مادة حارقة صبّها فوق جسده، والعربة، وما احتوت من بقول.
تجمّع المارة حول الجسد الذي تطوّقه ألسنة اللهب. حاول بعضهم أن يسعفه. حاول آخرون أن يتعرّفوا عليه.
لم يذكر أحد، في حينه، أن محمد البوعزيزي صرخ. أو تأوّه. أو استغاث. أو استنجد بمن يسعفه. بقي هو والنار والناس من حوله يتساءلون ويضجّون، إلى أن أتيح لما بقي من ذلك الجسد، الذي لم يعد يختلف عن شموع النذورات والأعياد، مَن ينقله إلى أقرب مصحّ أو ما يشبه المستشفى.
عندما تعبت النار من جسد الشاب الدمث، وتأكّدت أنها أتمّت مهمتها بنجاح، أعلن مَن في المستشفى أنه قد انتقل إلى رحاب ربيع جديد، كتبه البوعزيزي بدموعه ودموع جسده ودموع النار التي حضنته بحنان الأم الملتاعة.
في اليوم التالي كان "الربيع العربي" قد انتشرت حقوله وبساتينه في تونس الخضراء، لتهزّ من تلك الشوارع التي تحوّلت ساحات حروب ومواجهات عروشاً كثيرة يتربّع فوقها حكّام عرَب "آمنوا" أن بالديكتاتورية والاستبداد والحرمان تعيش الشعوب وتتطوّر الأوطان، وتسود العدالة والمساواة.
كان محمد البوعزيزي في هذه الأثناء قد انتحى ركنه في زاوية "النسيان"، متابعاً هدير الشعوب وسخطها وهتافاتها في ميادين القاهرة، وشوارع ليبيا، وأحياء اليمن، وبستان هشام حيث تنتصب بوابة التاريخ في مهجة دمشق...
وكأنما الحكام الذين اعتلوا المناصب والعروش، من "إخوان" وأصوليين وسلفيين، قد وعدوا أنفسهم والشعوب العربية الممحوقة والملغاة بنظام "جديد" يجعلهم يبكون ندماً وأسفاً حتى على نظام بن علي وحسني مبارك ومعمّر القذافي... ومعهم علي عبدالله صالح، وعلى الطريق النظام السوري الذي لا يحتاج إلى مَنْ يتحدّث عن حسناته و"تضحيات مالكيه".
كل شيء إلى أسوأ. وإلى أخطر. وإلى الوراء دُر.
أين بدأ محمد البوعزيزي وعربته، وأين بلغت شُهب النار التي التهمت ذلك العصفور المهيض الجناح، وأين صارت "الأنظمة" البديلة التي "أخْوَنَت" حتى الأكل، واللباس، والمفردات؟
فبئس "ربيع" كهذا. وبئس ثورات كهذه. وبئس أنظمة كتلك. وبئس حكام كهؤلاء. وبئس مشرّعون وتشريعات.
أيها النبيل الراقد في جسد محمد البوعزيزي، أخبره أن الأنظمة "الإخوانية" انصرفت إلى فتاوى تحلل الاغتيالات، وتهدّد معارضيها بالموت الزؤام. فنم قرير العين.
)في مناسبة اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد(

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024