مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

تفكيك الأوطان- حسن مدن

الرائي للتطورات الراهنة في غير بلد عربي، سيلاحظ هذا السعي المحموم لإطلاق الغرائز المذهبية الكامنة، والموروثة من تاريخ طويل مثقل بالصراعات التي لبست اللبوس الطائفي أو المذهبي أو العرقي والإثني، وتعمل على تحفيز هذه العصبيات ودفع أصحاب الملل للصراع فيما بينهم قوى داخلية من مصلحتها استمرار وتأبيد الوضع الراهن، وقوى خارجية من صناع قرار ومراكز أبحاث وسلالات “استشراقية” مغرضة، تنوي إغراق هذه المنطقة في الفوضى والاقتتال الداخلي .
تحضرني قصة قصيرة قديمة لكاتب سوري تستوقف من يقرأها، تتمحور حول رجلين يلتقيان عند موقف الحافلة، لم يُسلّم أي منهما على الثاني، ولم يبتسم أي منهما للآخر، كان كل منهما يروز الثاني بنظرة حادة . إذا جلس أحدهما على المقعد قام الثاني ونظر نظرة شزرة، ولا يلبث الواقف أن يتعب، فالشمس حارة وطاقة الصبر والأناة استهلكها العمل فيجلس، ويقوم الجالس وينظر نظرة قاسية ويدير ظهره . لم تصل الحافلة إلا وكان كل منهما يتمنى في سرّه سحق الآخر، كما يسحق صرصور تحت قدم حانقة .
تُعبر هذه الحكاية عما يمكن أن ندعوه سيكولوجياً المواطن العربي البسيط على امتداد رقعة هذا الوطن الكبير، المواطن الذي تسحقه الأزمات المعيشية وتطحنه دوامة الحياة القاسية، وتهدر كرامته وهو يريق ماء وجهه مرات في اليوم الواحد جرياً وراء تأمين لقمة العيش له ولأطفاله، في أوطان تبدو الآفاق أمامها مسدودة، وفي مثل هذه الحالات تعمل آلة دعائية مغرضة على افتعال وهم لدى المواطن المسحوق بأن سبب انسحاقه هو شريكه الآخر في الشقاء، الواقف مثله في انتظار دوره في الحصول على سكن، أو تأمين قرض يتدبر به شؤون أطفاله
إن ما فعلته التحولات العمياء التي شهدناها على مدار عقود قد أدى إلى سحق هذا المواطن وتغييبه وإهدار كرامته، وتفريغ عالمه الروحي وتجويفه، ودفعه نحو البحث عن الخلاص في نفي شريكه في الوطن والمجتمع والتاريخ عبر استثارة موروث الخلافات المذهبية أو العرقية أو سواها، وإعادة تزويدها بالوقود اللازم لتستخدم في أغراض راهنة، من خلال استفزاز الهويات الفرعية، إما بتسعيرها أو بازدرائها، مما يؤدي في الحالين إلى تأجيج الكراهية وإطالة أمدها، فالهويات يجري ترشيدها بالخطاب العقلاني، ويجري دفعها نحو التطرف بخطابات العنف اللفظي وغير اللفظي .

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024