مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

فلسطين: مسؤولية حـقـوق الإنســـان!- جيمس زغبي


في ما يمكن وصفه بـ«الوقاحة» كتب «ديفيد كيز»، المدير التنفيذي لمنظمة تطلق على نفسها اسم «دعم حقوق الإنسان» مقالًا نشرته في الأسبوع الماضي صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «العجز الديموقراطي الفلسطيني»، حيث بدأ «كيز» مقاله بإدانة الاعتقالات التي قامت بها السلطة الفلسطينية خلال السنوات الماضية في حق النشطاء الذين اتهموا بانتقاد القيادة الفلسطينية، ولكنه سرعان ما كشف عن هدفه الحقيقي المتمثل في الدفع بالفكرة التي مفادها أن الفلسطينيين ليسوا شركاء للسلام، وأنهم لا يستحقون الحصول على دولة ولذا يتعين عدم استفادتهم من المساعدات الأميركية! ومما جاء في كلامه: «إن أهم مؤشر على التزام حكومة ما بالحفاظ على السلام مع جيرانها هو التزامها أولًا بحماية حقوق مواطنيها، فالأمم التي تنكر على مواطنيها حقوقهم ليست في وارد الحرص على السلام مع أعدائها التاريخيين. وبعبارة أخرى يبقى احترام القيادة الفلسطينية لحقوق شعبها ضرورياً لدعم عملية السلام... والخطوة الأولى في اتجاه ذلك هي ربط المساعدات الاقتصادية الغربية باحترام السلطة الفلسطينية حق التعبير، ذلك أن حقوق الإنسان التي ينظر إليها غالباً على أنها صرف للانتباه عن عملية السلام إنما هي في الحقيقة السر في نجاح السلام»! ولكن بعد قراءة ما سلف لا بد من إبداء بعض الملاحظات المهمة، وأولاها أن هناك رائحة قوية نحسها في هذه التصريحات تعود بجذورها إلى بوش ومعلمه شارانسكي، التي يبدو أن «كيز» متأثر بها على نحو قوي، فالفكرة الغريبة التي تقول بضرورة بناء الفلسطينيين أولاً «لديموقراطية فعالة تقوم على التسامح والحرية» قبل حصولهم على دولة، إنما بلورها أولاً بوش في حزيران عام 2002.
ففي تلك الفترة، عندما بلغ التوتر الإسرائيلي الفلسطيني أوجه، انتظر العالم لشهرين كاملين ما ستسفر عنه خطة بوش لدفع عملية السلام المتعطلة، وفي هذا الإطار تمت صياغة خطاب من قبل وزارة الخارجية الأميركية، تضع فيه حينها الخطوط العريضة لخطة، سرعان ما تدخلت بعض الأيدي لتغييرها وتضع فيها مطلب الديموقراطية أولاً لتنتهي محاولات إحياء عملية السلام إلى دق إسفين في نعشها. وحينها تساءلتُ: كيف يمكن لشعب خاضع تحت الاحتلال العسكري أن يقيم ديموقراطية فعالة في ظل غياب تام لاقتصاد فعال، واستمرار الإهانات اليومية التي يعيشها الفلسطينيون على المعابر الحدودية، وحرمانهم التام من حقهم في التنقل، هذا فضلاً عن القيود الكثيرة المفروضة على مزاولتهم للتجارة وفقدانهم لممتلكاتهم التي يصادرها منهم الاحتلال الذي يزعم أنه هو الأكثر ديموقراطية؟ وقد تفاجأ مسؤولو وزارة الخارجية بالتعديلات التي لحقت بخطة بوش، وبالتغييرات التي أدخلت على خطابه، حيث تبين لاحقاً أن سبب ذلك يرجع إلى نتان شارانسكي الذي قرأ بوش كتابه حول الديموقراطية. وشارانسكي، لمن لا يعرفه، هو أحد المنشقين السابقين عن الاتحاد السوفياتي الذي هاجر إلى إسرائيل ليستقر فيها عام 1986، وما زلت أتذكر جيداً كيف كان ينتقد الحكومة الإسرائيلية في بداية وصوله، إلى أن تم توبيخه، ليكف نهائياً عن إثارة موضوع تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين. وبسرعة انضم شارانسكي إلى جوقة المتشددين الذين ينتقدون الفلسطينيين على كل شيء. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن كاتب المقال المستفز، «كيز»، عمل لسنوات مع شارانسكي وتأثر بأطروحاته. ثم، لوضع الأمور في سياقها، تلزم الإشارة أيضاً إلى أن المنظمة التي يرأسها «كيز» وهي «دعم حقوق الإنسان» كان من مؤسسها «بين بيرنشتاين» وهو أحد مؤسسي منظمة «هيومان رايتس ووتش» قبل أن ينفصل عنها متهماً إياها بالمبالغة في التركيز على التجاوزات الإسرائيلية! وبعد عامين أطلق «دعم حقوق الإنسان» التي يبدو من خلال لمحة على موقعها الإلكتروني، أنها تنتقد كل ما هو في الشرق الأوسط عدا إسرائيل.
وحتى لا أفهم خطأ لا أستطيع التغاضي، أو تبرير أداء السلطة الفلسطينية، وقد سبق لي أن أخبرتهم بذلك، ففي سبعينيات القرن الماضي أسست «حملة حقوق الإنسان الفلسطيني» التي سعت إلى الدفاع عن الفلسطينيين الذين عانوا مما يعرف بالاعتقال الإداري الذي يزج فيه المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية دون المثول أمام محكمة، أو الذين تهدم منازلهم ويتم طردهم خارج الأراضي الفلسطينية. وكان تأسيس تلك المنظمة رداً على تهميش حقوق الإنسان الفلسطيني في الولايات المتحدة وعدم التطرق إليها. ولكن في الوقت الذي كنا فيه ندافع عن حقوق الفلسطينيين كنا أيضاً ننتقد بعض ممارسات السلطة وتجاوزاتها، وكانت الوفود الفلسطينية التي تأتي إلى أميركا تسمع منا هذا الكلام مباشرة وبصراحة. بيد أني أدرك أيضاً الظروف الصعبة التي فُرضت على الفلسطينيين بسبب الاحتلال المتواصل لأراضيهم، لتطلب منهم إسرائيل والولايات المتحدة التعايش مع هذا الاحتلال بإدارة مناطقهم وتلبية احتياجات شعبهم. وفي غياب فرص حقيقية لتنمية اقتصادهم وإنعاش القطاع الخاص أجبر الفلسطينيون على الاعتماد على المساعدات الخارجية لتسديد رواتب القطاع العام المتضخم. وليس غريباً أن تتعامل السلطة ببعض الضيق مع مواطنيها الذين يعتمدون عليها كمورد للرزق. وما زلت أذكر أنه في التسعينيات، عندما سألني أحد أعضاء مجلس الشيوخ في جلسة للكونغرس استدعيت إليها للإدلاء بشهادتي حول الاقتصاد الفلسطيني، لماذا لا يكون عرفات مثل مانديلا، أو يلتسين؟ أجبت بأنه في الوقت الذي يمتلك فيه هذان القائدان دولة بمواصفات كاملة يسيطران من خلالها على الاقتصاد والحدود، لا يملك عرفات سوى «كانتونات» لا تستطيع الاستيراد، أو التصدير ولا التنقل بحرية. بل إنه يفقد يومياً أراضي جديدة بسبب توسع شبكات الاستيطان اليهودي، ولذا سيكون من غير اللائق إلقاء المسؤولية بالكامل على عاتق الضحية. وحتى إذا كان ذلك لا يبرر تجاوزات السلطة الفلسطينية تجاه شعبها، إلا أنه على الأقل يجب وضع اللوم على مستحقه المتمثل هنا في الاحتلال الذي يواصل تحكمه الغاشم في رقاب الفلسطينيين دون نهاية في الأفق.

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024