لغةٌ جديدة لقول الهول السوري- انسي الحاج
ما يستمرّ حصوله في سوريا منذ عامين لا يوازيه كلام. تبدو لوحة بيكاسو "غيرنيكا" مضحكة أمام الفاجعة السوريّة ويبدو جحيم دانتي تَرَفاً. لا السلطة _ أيّ سلطة _ تستحقّ نقطة دم ولا الرغبة في التغيير تستحقّ كلّ هذه الأضاحي. ولا التعبير عن الفاجعة السوريّة يضاهي أو يفي بيومٍ واحد بطفلٍ واحد بعذاب واحد من جلجلتها.
هل في سوريا بعدُ إلّا هواء المقابر؟
وإذا أتانا الدور بعدها على لبنان والأردن والعراق ومصر وفلسطين وتونس والمغرب والجزائر والخليج ستأتينا أنظمةٌ مستنسخةٌ من النظام السوريّ؟ أم على شاكلةِ ثورة الله أكبر؟
مَن قال إنّ العقل الأميركي الاستعماري الجديد فاشل مقارنةً بالعقل الاستعماري الأوروبي القديم؟ مَن قال إنّ إسرائيل ولاية أميركيّة وليست أميركا ولاية صهيونيّة؟
يجب اكتشاف لغة جديدة لقول الهول السوري وتأسيس مجلس أمن دولي جديد لمنع اللبننة والسَوْرَنة والعَرْقنة ومختلف أشكال جرائم الحرب والإبادة، بالقوّة فوراً أينما كان، ودون حقّ النقض لأحد.
كَرِهْنا الحكم السوريّ لأنّه حَكَمنا فلا نُذِق السوريّين ما أذاقنا ضبّاطهم. الشعب السوريّ استضاف اللاجئين اللبنانيّين لا في حرب تموز 2006 فحسب بل خلال سنوات الحرب الأهليّة كلّها وفتح بيوته وقلوبه لهم.
هذه ذكرياتنا عن الشعب السوري. وحين نتكلّم عن سوريا ننسى استبداد الضبّاط والاستخبارات بنا. ننسى التلاعب بنا. نتذكّر آدميّة الشعب السوري التي لا مثيل لها. ويجب أن نبادلهم اليوم بأحسن منها. نبادل الذين جاؤوا إلينا ونبادل الذين ظلّوا في بيوتهم فلا نرسل لهم مجاهدين يفاقمون الفتنة ولا نؤجّج الفتنة.
السوريّون شركاؤنا في أفضل ما لدينا. في النهضة الأدبيّة والفكريّة وفي الازدهار الاقتصادي منذ الخمسينات من القرن الماضي وفي تشييد مبانينا وزرع حقولنا. وليسوا هذا فقط بل هم يرون فينا أفضل ما فينا.
كلّ ما نستطيع أن نقدّمه للسوريّين الذين نستضيفهم يجب أن لا نتردّد في تقديمه. الذين نكّلوا باللبنانيّين تحت مُسمّى الوصاية السوريّة ليسوا الشعب السوري. الذين قتلوا الشهداء ليسوا الشعب السوري. الشعب السوري زهرة الشعوب، وهو كلّه اليوم شهيد.