الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

لغز حادث رفح- مصطفى بكرى


نقلا عن 'الوطن'
الحلقة الأولى:
مجدداً راح الإخوان المسلمون يوجهون الاتهامات الكاذبة إلى الجيش المصري وقادته السابقين والحاليين. لقد نشر موقع «الشروق» الإلكتروني فيديو لعضو مجلس شورى جماعة الإخوان على عبد الفتاح يتهم فيه الجيش صراحة بأنه تورط في قتل الجنود المصريين في رفح، وقال حرفياً «عملوا للرئيس الفخ بتاع رفح، بس هو استفاد منه وراح مطهر الجيش فحول المحنة لمنحة، فكان أسداً وكان لوحده ومكانش معاه لا جيش تبعه ولا حرس جمهوري تبعه ولا مخابرات تبعه وقتها، ربنا نصره».
وبمجرد نشر هذا الفيديو، الذي كان عبارة عن محاضرة ألقاها المهندس على عبد الفتاح بمسجد الهدى والنور في كفر الدوار نهاية الشهر الماضي، قامت الدنيا ولم تقعد.
وقد أكد مصدر عسكري لصحيفة «الوطن» معلقاً على هذا الفيديو بالقول إن هذا نوع من الجنون والتخاريف ومحاولة من بعض التيارات السياسية والدينية لتوريط الجيش مع الشعب وتحقيق مكاسب للجماعة التي ينتمي إليها، خاصة أن الجيش يحظى باحترام وتقدير الشعب في الوقت الذي تتقلص فيه شعبية الإخوان.
وقال المصدر إن هذه التصريحات غير المسؤولة تثير غضب أبناء الجيش، وأن صبر المؤسسة العسكرية لن يستمر طويلاً، واستنكر عدم صدور بيان رسمي من تنظيم الإخوان يدين تلك التصريحات، وأكد أن القوات المسلحة لن تكون يوماً ميليشيات تابعة لأي تيار.
لقد عبر الفريق السيسى عن غضبه من هذه التصريحات وأجرى اتصالات بالرئيس، أثمرت عن نفى من المهندس على عبد الفتاح، مما اضطر موقع «الشروق» إلى نشر الفيديو مرة أخرى، وأيضاً اعتذار من الإخوان واتخاذ قرار بتجميد نشاط المهندس على عبد الفتاح.
إن كل ذلك لا يعنى أن الأزمة قد هدأت، أو أن الحقيقة حول ما جرى في رفح وأسبابه قد اتضحت، الأمر لا يزال غامضاً، وهناك إصرار من الرئيس على عدم الكشف عن أسماء القتلة والإعلان عن نتائج التحقيقات!!
ويبقى السؤال لماذا يخاف الرئيس من إعلان الأسماء؟ وأين الحقيقة في حادث رفح الذي كان وقوعه بداية لمسلسل عزل المشير ورئيس الأركان، ثم اختطاف السلطة التشريعية والبدء في السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة واستباحة القضاء وتفكيك المؤسسات وتحصين القرارات؟
«الوطن» تنشر تفاصيل ما جرى علانية وخلف الكواليس على حلقتين متتاليتين!!
قبيل الانتخابات الرئاسية بقليل، كنت التقى اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة في مكتبه، استمر اللقاء لفترة طويلة، كان النقاش مركزاً حول الأوضاع الراهنة وفى القلب منها التطورات التي تشهدها منطقة سيناء.
لقد قال اللواء مراد موافي، إن الأوضاع هناك تنذر بخطورة شديدة، وقال إن التقارير التي وصلت الجهات الأمنية والاستخبارية تؤكد أن هذه المنطقة أصبحت تنذر بتطورات أخطر في الفترة القادمة.
كان المشير حسين طنطاوي قد اتفق مع وزير الداخلية محمد إبراهيم على قيام اللواء أحمد جمال الدين مدير الأمن العام في هذا الوقت بمتابعة الوضع على الطبيعة في مناطق سيناء المختلفة، وبالفعل قام اللواء أحمد جمال الدين بزيارة إلى هناك استغرقت عدة أيام، سعى خلالها إلى محاولة محاصرة هذه الجماعات الإرهابية التي انتشرت في أرجاء المنطقة، كما عقد العديد من الاجتماعات مع مشايخ وعواقل القبائل السيناوية المختلفة، لحثهم على التعاون مع الجهات الأمنية للقضاء على انتشار الجريمة والتطرف فى هذه المناطق.
بعد عودته قدم اللواء أحمد جمال الدين تقريراً إلى وزير الداخلية يحذر فيه من خطورة الصمت على هذه الأوضاع، وطالب في تقريره بضرورة قيام حملة أمنية من القوات المسلحة والشرطة للقضاء على هذه العناصر وإعادة الأمن والاستقرار إلى سيناء.
كان اللواء مراد موافي قد عمل مديراً للمخابرات الحربية، قبل أن يعين محافظاً لشمال سيناء، كان يعرف الحقائق جيداً، ويعرف خطورة استمرار هذه الحالة الأمنية المتردية وما يمكن أن ينجم عنها.
عندما سألت اللواء مراد موافي.. هل جرى إبلاغ المشير طنطاوي بهذه التقارير؟ قال: طبعاً بالقطع، نحن نطلعه على الحقائق أولاً بأول.
من وراء الحادث؟ ولماذا يرفض الرئيس حتى الآن الإعلان عن هوية القتلة؟
- سألته: ولماذا لم يتخذ قراراً بإرسال الجيش لمواجهة هذه المشكلة؟
> قال: لقد طلبت ذلك، وأتمنى منك أن تبلغ المشير بخطورة الموقف إذا ما التقيته.
- قلت: ماذا كان رده؟
> قال: هناك اتفاق على القيام بحملة كبيرة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، خاصة أن قوات الجيش منهكة في حفظ الأمن الداخلي والاستعداد لانتخابات الرئاسة في الخامس من أغسطس 2012 تحركت عدة سيارات دفع رباعي واتجهت إلى «كمين الحرية» بمنطقة رفح وعلى بعد 2 كيلومتر من منطقة «كرم أبو سالم» على الحدود مع العدو الصهيوني وصل الركب في السابعة مساءً، مع انطلاقة مدفع الإفطار، كان الجنود المصريون الذين يرابطون في هذه المنطقة قد انتهوا لتوهم من إعداد وجبة الإفطار، وفجأة انقض عليهم 35 إرهابياً ملثماً يرتدون الملابس العسكرية الزيتية، واستطاعوا في دقائق محدودة قتل 16 من الجنود المصريين وجرح سبعة آخرين سالت الدماء الطاهرة، واختلطت بوجبة الإفطار التي كان الصائمون يستعدون لتناولها، ثم قامت المجموعة الإرهابية بالاستيلاء على مركبة مدرعة واستخدمتها في اختراق الحدود مع العدو الصهيوني في منطقة «كرم أبو سالم» جنوب قطاع غزة.
كان الخبر مفاجئاً للكثيرين، لقد أحدث صدمة عنيفة في أوساط المصريين، توالت البيانات التي تشجب وتدين، غير أن أخطر ما تضمنه بيان المجلس العسكري هو التأكيد على أن الهجوم الإرهابي تزامن معه قيام عناصر من قطاع غزة بالمعاونة من خلال أعمال قصف بنيران مدافع الهاون على منطقة كرم أبو سالم.
كان ذلك يعني أن هناك عناصر فلسطينية قد شاركت في الهجوم على الجنود المصريين، وأن عناصر معاونة لها هي التي تولت عملية القصف على منطقة كرم أبو سالم داخل الأراضي التي يستولى عليها العدو الصهيوني أثناء محاولة الإرهابيين اختراق الحدود إلى داخل كرم أبو سالم.
في هذا الوقت أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً على لسان المتحدث الرسمي د.ياسر على أكدت فيه إدانتها للحادث، وقالت إنه لن يمر مرور الكرام دون رد مناسب.
وعقد الرئيس في صباح اليوم التالي اجتماعاً بحضور المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع، والفريق سامي عنان رئيس الأركان، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، واللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة، واللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية، حيث جرى مناقشة آخر المعلومات المتعلقة بالحادث الإجرامي.
في هذا الوقت أعلنت القوات المسلحة عن عقدها مؤتمراً صحفياً في ذات اليوم بإدارة الشؤون المعنوية للإعلان عن تفاصيل العملية «نسر» التي اتخذ قرار بالبدء فوراً في تنفيذها للقبض على الجناة وتطهير المنطقة من الإرهابيين.
وقد وعدت مصادر بالقوات المسلحة بالكشف عن نتائج التحقيق حول هوية المتورطين في الحادث، خاصة أن مصدراً عسكرياً مسئولاً، قال: «إن نتائج التحقيقات تضم الكثير من المفاجآت، ومن حق الشعب أن يعرفها وسنعلنها بوضوح دون النظر لأي اعتبارات أخرى».
انتظر الناس معرفة نتائج التحقيقات، خاصة أن الجانب الإسرائيلي أخطر مصر بمعلومات محددة حول الحادث، إلا أن انتظار المصريين طال كثيراً، ولم يتعرفوا على حقائق ما جرى حتى الآن.
لقد استطاعت مصر في هذا الوقت الحصول على موافقة الحكومة الإسرائيلية بإدخال العديد من المعدات والطائرات العسكرية إلى داخل منطقة سيناء، حيث شنت القوات المصرية هجوماً على الأنفاق، وتمكنت في هذا الوقت من تدمير 60 نفقاً، كما بدأت حملة مطاردات للإرهابيين داخل مناطق عديدة في سيناء.
كانت مشاعر الغضب قد عمت البلاد بأسرها، فخرجت العديد من المظاهرات، خاصة القاهرة ومدن القناة والإسكندرية تحمل المسئولية عن هذا الحادث للقوى الحاكمة في البلاد، كما راحت الاتهامات تطال بعض القوى الفلسطينية على الساحة، وانتشرت شائعات تقول إن من بين المتورطين عناصر مقربة من حركة حماس، إلا أن الحركة نفت هذه المعلومات جملة وتفصيلاً.
أما جماعة الإخوان المسلمين فراحت بدورها تتهم إسرائيل وتحملها المسؤولية عن هذا الحادث، حتى وإن لم تكن قد تورطت فيه بشكل مباشر.
وفى يوم السادس من أغسطس وجه الرئيس محمد مرسى كلمة إلى الشعب قال فيها: «إن دماء الشهداء لن تضيع هدراً، وأنه أصدر أوامره للقوات المسلحة والشرطة للتحرك لمطاردة الإرهابيين والقبض عليهم».
وتوعد الرئيس مرسى بفرض السيطرة الكاملة على المناطق التي استهدفت، وقال إن سيناء آمنة، وسيدفع المتورطون الثمن غالياً، وأن القوات المصرية قادرة على مطاردة وملاحقة المجرمين أينما وجدوا، وأن الأمر سيتصاعد اليوم للوصول إلى نتيجة حاسمة مع هؤلاء، وسيرون كيف يكون رد الفعل على هذا الجرم!!
وفى عصر ذات اليوم قام الرئيس مرسى يرافقه المشير طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان ووزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين بزيارة إلى العريش، إلا أنه لم يتمكن من زيارة موقع الحادث في رفح، والتقى كتيبة حرس الحدود رقم «101» وتحدث للضباط والجنود المرابطين معرباً عن أسفه الشديد لسقوط الشهداء والجرحى، وقال إن المصلحة العامة هي في التوصل إلى الجناة والجهة التي تدعمهم والأخذ بالثأر لشهدائنا حماة الوطن.
في هذا الوقت كان اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة قد صرح لعدد من وسائل الإعلام بأن جهاز المخابرات كانت لديه معلومات مؤكدة عن وجود تهديدات بهجوم إرهابي يستهدف وحدات عسكرية في سيناء قبل وقوع حادث رفح، وأن هذه المعلومات لم تشر إلى مكان أو توقيت الهجوم، وقال إن المخابرات أبلغت الجهات المعنية بهذه المعلومات.
كان التصريح يعنى براءة جهاز المخابرات العامة من أي تقصير في تقديم المعلومة المسبقة وتحميلها لآخرين وقد أراد اللواء موافي أن يبلغ الرأي العام عبر هذا التصريح أن هناك جهات وصلتها المعلومات ولم تتحرك، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد طالب قبل هذا الحادث السياح الإسرائيليين بالعودة من سيناء فوراً لوجود معلومات استخبارية باحتمالية وقوع هجمات إرهابية بسبب وجود نشاط غير اعتيادي على شريط الحدود بين مصر وغزة.
ولقد أثار تصريح مدير المخابرات العامة حالة من الغضب الشديد لدى مؤسسة الرئاسة ولدى المشير طنطاوي الذي اعتبر أن الاتهام بالتقصير موجه إليه شخصياً، حيث جرى عتاب من المشير لمدير المخابرات العامة.
لقد أبدى الكثيرون من المواطنين تقديرهم لصدور هذا التصريح، الذي كان يعنى إبراء لذمة المخابرات العامة، ولذمة مديرها شخصياً من أي اتهام بالتقصير يمكن أن يوجه، وكانت تلك هي الحقيقة، خاصة أن اللواء مراد موافي كان قد بذل جهداً كبيراً قبيل الحادث لإقناع القيادة العسكرية بالبدء في حملة المواجهة، إلا أن المشير كان يرى أن تدخل الجيش يجب أن يكون هو الخطوة الأخيرة، تاركاً العنان لقوات الشرطة للقيام بتلك المهمة تحت إشراف القوات العسكرية في سيناء.
وكان الرئيس غاضباً أيضاً من تصريح اللواء مراد موافي، لأن الاتهام يطاله شخصياً باعتبار أنه رئيس الجمهورية، وأنه كان يفضل ألا يدلى مدير المخابرات العامة بهذا التصريح علانية.
في السابع من أغسطس أعلن عن تشييع جثامين الشهداء الستة عشر من مسجد آل رشدان بمدينة نصر في جنازة عسكرية يحضرها رئيس الجمهورية وقادة الجيش وكبار المسئولين..
وفى العاشرة والنصف من صباح هذا اليوم، كنت قد مضيت إلى مسجد آل رشدان للمشاركة في الجنازة التي ستنطلق من هناك وصولاً إلى قبر الجندي المجهول بمنطقة «المنصة».
كان الحشد كبيراً، وكان الألم بادياً على الوجوه، ومع دخول النعوش إلى ساحة المسجد، ارتفعت أصوات أهالي الشهداء بالهتاف الممزوج بالبكاء والدموع..
كان المشهد رهيباً، ستة عشر جثماناً جرى لفهم بعلم مصر، بينما بدا الذهول والحسرة على وجوه الجميع، بعد قليل حضر إلى ساحة المسجد الفريق سامي عنان وعدد من القادة العسكريين، ثم حضر رئيس الوزراء د.هشام قنديل.
انتشر رجال الشرطة العسكرية يحيطون بالنعوش وكبار المسئولين، يساعدهم في ذلك عدد من ضباط الشرطة ورجال الأمن المركزي الذين احتشدوا في الخارج لتأمين سير الجنازة..
وبمجرد الانتهاء من أداء الصلاة على الجثامين، انفجر الغضب في النفوس، وترددت الهتافات المدوية ضد رئيس الجمهورية وضد رئيس الوزراء، حاول رجال الحرس الخاص وضباط وجنود الشرطة العسكرية دفع رئيس الوزراء إلى خارج المسجد سريعاً، إلا أن جمهور الغاضبين راحوا يلقون بالأحذية على د.هشام قنديل وكادوا يفتكون به وراحوا يطاردون جميع القيادات السياسية الأخرى ومن بينهم د.عبد المنعم أبو الفتوح الذي حاول البعض الاعتداء عليه، وتكرر هذا الاعتداء ضد آخرين ومن بينهم نادر بكار القيادي بحزب النور.
وبمجرد أن هبطت من المسجد، فوجئت بجمهور كبير يحملني على الأكتاف، لتنطلق الهتافات مدوية تطالب بإسقاط حكم المرشد..
تم حمل النعوش الستة عشر، على سيارات للجيش، واتجهت جميعها ونحن خلفها للتحرك من أمام قبر الجندي المجهول، وهناك كان الضباط والجنود والقادة في انتظار وصول الرئيس، حملني المواطنون مرة أخرى على الأكتاف وراح الهتاف يشتعل من جديد، مطالبين بالثأر وإعلان نتائج التحقيقات على الفور.
كان في مقدمة الحضور هناك المشير حسين طنطاوي ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع والفريق سامي عنان رئيس الأركان وأعضاء المجلس الأعلى ود. كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق، ود. عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق، والسيد عمرو موسى المرشح الرئاسي السابق وحمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق وعدد كبير من الوزراء الحاليين والسابقين وغيرهم..
كانت درجة الحرارة مرتفعة للغاية، ظل الحاضرون ينتظرون الرئيس الذي أعلن عن مشاركته في الجنازة، انتشرت قوات الحرس الجمهوري لتحيط بالجنازة المنتظر انطلاقها بعد قليل، كانت كل المؤشرات تقول إن الرئيس قد تحرك من القصر الرئاسي متجهاً إلى المنصة.
وفجأة بعد طول انتظار تم إبلاغنا بأن الرئيس عاد مرة أخرى إلى قصر الرئاسة بعد أن تم قطع الطريق عليه لمنعه من المشاركة في تشييع جثامين الشهداء.
مضى موكب الجنازة، يتقدمه المشير طنطاوي، وارتفعت الهتافات، سادت حالة من الهرج والمرج، جرى على أثرها إنهاء مراسم التشييع بعد أمتار قليلة.
كان المشير يشعر بالحرج، فقد كانت الهتافات تطالبه بالتدخل وإنهاء حكم الإخوان، كانت الأجواء متوترة للغاية، بينما راح بعض المشاركين في العزاء يطاردون كل من يعرفون أنه ينتمي إلى جماعة الإخوان أو القوى المساندة لها، وقد لوحظ في هذا الوقت غياب قيادات الإخوان عن المشاركة في تشييع الجثامين..
الحادث كان بداية لسيناريو أدى إلى عزل المشير ورئيس الأركان وعدد من القادة.. ماذا يعنى ذلك؟!
في هذا الوقت كان رئيس الحرس الجمهوري اللواء نجيب عبد السلام قد حذر الرئيس محمد مرسى من خطورة مشاركته في مراسم الجنازة، خوفاً على حياته، بعد أن وصلته معلومات تشير إلى التربص به من قبل المتظاهرين والمشاركين في الجنازة، بينما كان مدير شرطة الرئاسة يقف على الجانب الآخر، حيث طالب الرئيس مرسى بضرورة المشاركة، وقال إن الحرس الجمهوري وقوات الأمن تسيطر على الموقف تماماً، وأن خسارة عدم مشاركة الرئيس في الجنازة ستكون كبيرة وتفتح الباب أمام انتشار الشائعات.
في هذا اليوم وجه الرئيس محمد مرسى الدعوة لعدد من قادة الأحزاب السياسية لعقد اجتماع طارئ بهم في قصر الاتحادية وإطلاعهم على آخر التطورات الراهنة، وكان من بين الحضور د.سعد الكتاتنى «الحرية والعدالة» - د.عماد عبد الغفور «حزب النور»، أبو العلا ماضي «حزب الوسط» د.عصام العريان «الحرية والعدالة»، د.صفوت عبد الغنى «التنمية والبناء»، د.أيمن نور «غد الثورة» وآخرون.
بدأ الرئيس الحديث بالوضع الراهن، وتعهد بالانتقام من قتلة الشهداء، وقال إنه يتابع سير التحقيقات بنفسه، وأنه لن يهدأ له بال إلا بعد الوصول للفاعلين والمحرضين.
ثم تحدث اللواء عبد الفتاح السيسي، مدير المخابرات الحربية، ومن بعده تحدث اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، لإطلاع قادة الأحزاب على آخر تطورات العملية العسكرية والأمنية التي تجرى في سيناء لإعادة الأمن والاستقرار والقبض على المتورطين.
كانت المؤشرات جميعها في هذا الوقت تقول إن هناك عناصر سلفية تكفيرية ومن بينها عناصر تنتمي إلى جماعة «جلجلت» هي المسؤولة عن هذا الحادث، وأن بعضاً من هذه العناصر قد جاءت من قطاع غزة، لتلتقي بالعناصر المصرية ويجرى تنفيذ العملية المشتركة بين الطرفين، وأن هذه العناصر تمكنت من الهرب عبر الأنفاق بعد تنفيذ العملية الإرهابية مباشرة.
في هذا الوقت قيل إن هذه العناصر كانت تنسق مع بعض القوى المتشددة التي تمكنت من إغلاق الطريق ما بين خان يونس ورفح في ساعة محددة بعد العصر لتسهيل مرور المجموعة المكلفة، وأن إطلاق الصواريخ من غزة على معبر كرم أبو سالم في نفس الوقت الذي كان من المفترض أن تصل فيه هذه المجموعة المكلفة، بالقيام بأعمال ضد الجيش الإسرائيلي قد تم بمعرفة هذه العناصر.
لقد جرى في هذا الوقت خلاف كبير بين الرئيس مرسى والمشير حسين طنطاوي، حول إعلان أسماء المتهمين بارتكاب هذه الجريمة، حيث توصلت سلطات التحقيق العسكرية إلى أسماء هذه العناصر، إلا أنه وفى يوم التاسع من أغسطس، أبلغ المشير طنطاوي الرئيس بنتائج التحقيقات وطلب الإذن بإذاعتها، حيث أشارت التحقيقات إلى تورط عناصر فلسطينية من قطاع غزة إلى جانب بعض العناصر المصرية المتطرفة.
كان موعد إذاعة البيان هو الخميس التاسع من أغسطس، وكانت القوات المسلحة قد وعدت بإذاعة أسماء المتورطين ونتائج التحقيقات التي جرت، بهدف تهدئة المشاعر، خاصة أن هناك مليونية دعت إليها الأحزاب والقوى الثورية يوم الجمعة العاشر من أغسطس.
رفض الرئيس طلب المشير، وطالبه بتأجيل الأمر لحين الانتهاء من التحقيقات بشكل نهائي ومعرفة ما إذا كان المتهمون ينتمون إلى بعض الفصائل الفلسطينية أم إلى حركات جهادية أخرى في غزة.
ورغم غضبة المشير وإلحاحه الشديد، فإن الرئيس مرسى كان حاسماً في هذا الأمر، وأصر على تأجيل إعلان التحقيقات.
في هذا الوقت تسربت معلومات تقول إن حركة حماس قد طلبت من كبار المسئولين المصريين تأجيل إعلان أسماء المتهمين الفلسطينيين في الوقت الحالي، حتى لا يحدث أي اضطراب في العلاقات بين أبناء الشعبين المصري والفلسطيني بسبب مشاركة بعض من العناصر الجهادية الفلسطينية في الحادث، كما أشارت التحقيقات في هذا الوقت.
ووفقاً لتصريح منسوب إلى مصدر أمنى مسئول إلى صحيفة «المصري اليوم»، فقد تم اتخاذ قرار التأجيل عنوة رغم رفض المؤسسة العسكرية لثلاثة أسباب، هي:
1- حتى تهدأ الأجواء وتتضح الحقائق أمام الشعب المصري الذي لا يجب أن يخلط بين حركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى وبين الجماعات الجهادية التكفيرية.
2- حتى تكتمل التحقيقات التي تجريها النيابة العسكرية في الأحداث والتوصل إلى جميع الأطراف المتورطة، خاصة أن التحقيقات توسعت بشكل كبير، وتدخلت فيها أطراف متعددة، وهو ما يتطلب مزيداً من الوقت والجهد.
3- إعطاء الفرصة والوقت الكافيين للجهات الأمنية في حركة حماس حتى تستطيع القبض على المتهمين وتسليمهم لجهات التحقيق المصرية، حيث إن التحقيقات أثبتت أن المتهمين الفلسطينيين فروا إلى قطاع غزة عبر الأنفاق بعد تنفيذ الجريمة.
وفى هذا الوقت صرح د.ياسر على، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئاسة ستعلن في تقرير كامل نتائج التحقيق والمعالجة الوقائية للأحداث، نافياً ضلوع أي من المفرج عنهم من الذين صدرت بحقهم أحكام من الجماعات المتشددة في مصر في هذه الأحداث.
كانت الاتصالات تجرى بين الرئيس ووزير الدفاع بشكل مستمر خلال هذه الأيام، وكان المشير قد أصدر قراراً في هذا الوقت بأن يكون اللواء عبد الفتاح السيسي، مدير المخابرات الحربية، هو حلقة الوصل بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما استدعى من اللواء السيسي التردد على قصر الرئاسة كثيراً في هذا التوقيت، وكان يساعده في ذلك اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع لشئون التسليح.
في يوم الأربعاء 8 أغسطس، كان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس محمد مرسى، وحضور رئيس الوزراء د.هشام قنديل، ووزير الدفاع اللواء حسين طنطاوي، وبقية أعضاء المجلس من كبار المسئولين والقادة العسكريين والأمنيين.
وقد أعلنت رئاسة الجمهورية في أعقاب هذا الاجتماع إقالة عدد من كبار المسئولين أبرزهم اللواء مراد موافي، مدير المخابرات العامة، الذي عين بدلاً منه اللواء رأفت شحاتة، وإقالة اللواء نجيب عبد السلام، قائد الحرس الجمهوري، الذي عين بدلاً منه اللواء محمد زكى، واللواء حمدي بدين، قائد الشركة العسكرية، الذي عين بدلاً منه نابه اللواء إبراهيم الدماطي، وإقالة اللواء عماد الوكيل، قائد الأمن المركزي وتعيين لواء ماجد مصطفى كامل، بديلاً عنه، وإقالة اللواء محسن مراد، مساعد الوزير مدير أمن القاهرة وتعيين اللواء أسامة الصغير بدلاً منه، كما جرت إقالة اللواء عبد الوهاب مبروك، محافظ شمال سيناء في نفس الوقت.
كانت المادة «53 مكرر» من الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 يونيو 2012 تنص على أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة يختص بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستوري بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم، ويكون لرئيسه حتى إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع».
كان هذا النص عائقاً أمام رئيس الجمهورية، لاتخاذ القرارات بشكل مباشر، ولذلك كلف الرئيس المشير طنطاوي، بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع لتعيين رئيس جديد لجهاز الشرطة العسكرية خلفاً للواء حمدي بدين.
كان القرار مفاجئاً للمشير، حدثت حالة ارتباك شديدة داخل الأوساط العسكرية، تساءل القادة: وهل من حق الرئيس أن يعزل واحداً من أعضاء المجلس العسكري والقادة الأساسيين للجيش رغم وجود الإعلان الدستوري المكمل؟
اعترض الكثيرون، لكن المشير سعى إلى تفادى أزمة متوقعة، فوافق واستجاب لقرار الرئيس، إلا أنه عين ودون التشاور معه اللواء حمدي بدين ملحقاً عسكرياً لدى جمهورية الصين وقام بتكريمه، وهو أمر أثار استياءً كبيراً داخل مؤسسة الرئاسة التي حملت قائد الشركة العسكرية وقائد الأمن المركزي المسؤولية في الاعتداء الذي تعرض له رئيس الوزراء داخل مسجد آل رشدان من قبل جمهور الغاضبين.
وكان السبب الرئيسي وراء إقالة اللواء مراد موافي يرجع إلى التصريحات التي أدلى بها لعدد من الصحف ووسائل الإعلام حول إبلاغه لكبار المسئولين بالمعلومات التي وصلت إليه، حول احتمال الهجوم الإرهابي في سيناء..
لقد تردد في هذا الوقت أن المشير طنطاوي عبر عن غضبه أمام الرئيس من هذه التصريحات، مما دفع الرئيس إلى استغلال الفرصة والإطاحة باللواء مراد موافي من منصبه، وبدا الأمر كأنه استجابة لمطلب المشير، خاصة أن الرئيس كان يعرف مدى العلاقة التي كانت تربط بين اللواء عمر سليمان واللواء مراد موافي، خاصة أن اللواء سليمان هو الذي رشح اللواء مراد موافي في منصب مدير المخابرات العامة، بينما كان المشير يسعى إلى تعيين اللواء محمد التهامي، مدير الرقابة الإدارية في هذا الوقت، ومدير المخابرات الحربية الأسبق لتولى هذا المنصب.
كانت مؤسسة الرئاسة هي الأخرى مستاءة من تصريحات اللواء مراد موافي، وهو ما أدى بالمستشار محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني للرئيس، إلى الرد على ما أثاره اللواء موافي بالقول «إن الرئيس مرسى لم يكن يعلم بالتقرير الذي تحدث عنه اللواء مراد موافي، وحذر فيه من العملية الإرهابية»، وهو ما أدى إلى قيام جهاز المخابرات بالرد على هذا التصريح ببيان أكد «أن جهاز المخابرات العامة جهة جمع معلومات فقط، وليس سلطة تنفيذية، وأن المعلومات التي لديه بخصوص الحادث الإرهابي الذي وقع في سيناء أرسلها إلى صناع القرار والجهات المسئولة وبهذا ينتهي دور الجهاز».
أما بالنسبة للواء حمدي بدين، فقد أصدر المشير طنطاوي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع قراراً في بداية الأمر، بتعيين اللواء حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية السابق، مساعداً لوزير الدفاع لشئون سيناء، ونقل التليفزيون المصري والعديد من وسائل الإعلام هذا الخبر.
وقد أثار قرار المشير ردود أفعال عنيفة داخل مؤسسة الرئاسة، واعتبرت أن قرار المشير يمثل تحدياً لقرار رئيس الجمهورية، وأن المشير يكافئ قائد شرطته العسكرية السابق على «إهماله» في حماية رئيس الوزراء وكذلك الانفلات الذي حدث في أثناء تشييع الشهداء، مما حال دون مشاركة رئيس الجمهورية في مراسم التشييع، ولذلك اضطر المشير إلى التراجع عن قراره، وطلب من اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى للشئون القانونية، نفى هذا الخبر، وبعدها أعلن عن تعيين اللواء بدين ملحقاً عسكرياً بالصين، وهو أمر لم تكن الرئاسة راضية عنه تماماً..
ويبدو أن السبب المعلن في هذا الوقت الذي يقف وراء إقالة اللواء نجيب عبد السلام، قائد الحرس الجمهوري، هو طلب قائد الحرس من الرئيس بعدم المشاركة في جنازة توديع الشهداء، خوفاً على سلامته، بينما كان السبب الحقيقي هو البدء بخطوات عملية تمهد لحدث ما، قد يحدث والرئيس يريد الاستعانة بقائد جديد للحرس.. ورغم أن اللواء محمد زكى، كان قائداً للمظلات، إلا أن المجيء به كان الهدف منه أن يكون ولاؤه للرئيس صاحب القرار وليس لأحد آخر، خصوصاً أن اللواء نجيب عبد السلام كان هو نفسه قائد الحرس الجمهوري في فترة حكم الرئيس مبارك، كما أن علاقته بالمشير طنطاوي تمتد إلى سنوات سابقة، وهو يدين له بالولاء.
أما قرار إقالة مدير شرطة الرئاسة اللواء أحمد إيهاب، الذي تم تعيينه نائباً لمدير مطار القاهرة، فقد جاء على خلفية معلنة تقول «إنه كان وراء الطلب من الرئيس المشاركة بالحضور في جنازة الشهداء دون مراعاة للمخاطر الأمنية»، وهكذا أبعد الرئيس قائد الحرس الجمهوري تحت زعم أنه حذره من المشاركة في مراسم الجنازة، وأبعد مدير شرطة الرئاسة لأنه طالبه بالمشاركة فيها..
كان الهدف هو تهيئة المسرح لحدث ما، قد تشهده الساعات القليلة القادمة، كان القرار قد اتخذ، لا حل أمام الرئيس سوى إلغاء الإعلان الدستوري المكمل حتى يفتح الطريق أمامه واسعاً للانفراد بالسلطة والإمساك بالسلطة التشريعية وإعداد دستور جديد يحول دون إجراء انتخابات رئاسية جديدة.
 
الحلقة الثانية:
التحقيقات الأولية أشارت إلى تورط 4 فلسطينيين ينتمون إلى تنظيم «جلجلة».. والرئيس طلب تأجيل الإعلان
كان الموعد هو التاسع من أغسطس، كانت المعلومات لدى جهات التحقيق العسكرية تشير في هذا الوقت إلى تورط عدد من الكوادر الفلسطينية والمصرية، التي تنتمي إلى تنظيمات أصولية متشددة، في مذبحة رفح مع مصريين متشددين.
انتظر الناس إعلان نتائج التحقيقات الأولية، إلا أن رئيس الجمهورية طلب من المشير طنطاوي تأجيل إعلان نتائج هذه التحقيقات لحين استكمالها نهائياً.
في هذا الوقت تساءل المصريون: ماذا حدث، ولماذا تأجيل الإعلان؟ انتشرت الشائعات في كل مكان، كانت الأجواء محتقنة، ازدادت حدة الخلافات بين المجلس العسكري والرئيس، لكنها ظلت خلافات مكتومة، ودون إعلان.
أعضاء المجلس العسكري طالبوا المشير برفض قرارات الرئيس لتعارضها مع الإعلان الدستوري المكمل.. والمشير طالب بتجاوز الأزمة
في هذا الوقت تسربت معلومات تقول إن حركة «حماس» قد طلبت من كبار المسؤولين المصريين تأجيل إعلان أسماء المتهمين الفلسطينيين الذين ينتمون إلى فصائل تكفيرية متطرفة.. حتى لا يحدث أي اضطراب في العلاقات بين الشعبين المصري والفلسطيني بسبب مشاركة بعض من العناصر الجهادية الفلسطينية في الحادث، كما أشارت التحقيقات في هذا الوقت.
ووفقاً لتصريح منسوب إلى مصدر أمني مسؤول إلى صحيفة «المصري اليوم» فقد تم اتخاذ قرار التأجيل عنوة رغم رفض المؤسسة العسكرية لثلاثة أسباب، وهي:
1- حتى تهدأ الأجواء وتتضح الحقائق أمام الشعب المصري الذي لا يجب أن يخلط بين حركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى وبين الجماعات الجهادية التكفيرية.
2- حتى تكتمل التحقيقات التي تجريها النيابة العسكرية في الأحداث والتوصل إلى جميع الأطراف المتورطة، خاصة أن التحقيقات توسعت بشكل كبير، وتدخلت فيها أطراف متعددة، وهو ما يتطلب مزيداً من الوقت والجهد.
3- إعطاء الفرصة والوقت الكافيين للجهات الأمنية في حركة حماس حتى تستطيع القبض على المتهمين وتسليمهم لجهات التحقيق المصرية، حيث إن التحقيقات أثبتت أن المتهمين الفلسطينيين فروا إلى قطاع غزة عبر الأنفاق بعد تنفيذ الجريمة.
وفي الوقت الذي صرح فيه د. ياسر علي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئاسة ستعلن في تقرير كامل نتائج التحقيق والمعالجة الوقائية للأحداث، نافياً ضلوع أي من المفرج عنهم من الذين صدرت بحقهم أحكام من الجماعات المتشددة في مصر في هذه الأحداث.
كانت الاتصالات تجري بين الرئيس ووزير الدفاع بشكل مستمر خلال هذه الأيام، وكان المشير قد أصدر قراراً في هذا الوقت بأن يكون اللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية هو حلقة الوصل بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما استدعى من اللواء السيسي التردد على قصر الرئاسة كثيراً في هذا التوقيت، وكان يساعده في ذلك اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح.
في يوم الأربعاء 8 أغسطس، كان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس محمد مرسى، وحضور رئيس الوزراء د. هشام قنديل ووزير الدفاع اللواء حسين طنطاوي وبقية أعضاء المجلس من كبار المسؤولين والقادة العسكريين والأمنيين.
وقد أعلنت رئاسة الجمهورية في أعقاب هذا الاجتماع إقالة عدد من كبار المسؤولين أبرزهم اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة الذي عين بدلاً منه اللواء رأفت شحاتة، وإقالة اللواء نجيب عبد السلام، قائد الحرس الجمهوري، الذي عين بدلاً منه اللواء محمد زكي، واللواء حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية، الذي عين بدلاً منه نائبه اللواء إبراهيم الدماطي، وإقالة اللواء عماد الوكيل، قائد الأمن المركزي وتعيين اللواء ماجد مصطفي كامل بديلاً عنه، وإقالة اللواء محسن مراد مساعد الوزير لأمن القاهرة، وتعيين اللواء أسامة الصغير بدلاً منه، كما جرى إقالة اللواء عبد الوهاب مبروك محافظ شمال سيناء في نفس الوقت.
كان قرار رئيس الجمهورية بالطلب من المشير إجراء التغييرات المطلوبة داخل المؤسسة العسكرية بمثابة صدمة لأعضاء المجلس العسكري، الذين طلبوا من المشير رفض هذه القرارات التي تمثل بداية تدخل من الرئيس في المؤسسة العسكرية وهيكلتها، وهو أمر قد يمتد إذا ما تم السماح به إلى كبار المسؤولين بالجيش.
كان القادة العسكريون يستندون في موقفهم إلى المادة 53 مكرر من الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 يونيو 2012 التي تنص على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يختص بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستوري بتقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم ويكون لرئيسه حتى إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع.
كان هذا النص عائقاً أمام رئيس الجمهورية الذي لم يكن قائداً أعلى للجيش حتى هذا الوقت، خاصة أن الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 أو الإعلان الدستوري المكمل لم ينص أي منهما على وجود منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن الرئيس كان يرى منذ خطابه الأول أثناء تسليمه مراسم السلطة في الهايكستب في 30 يونيو 2012 أنه هو المسؤول عن الجيش وأن بإمكانه أن يأمرهم ويصدر إليهم التعليمات.
حدثت حالة ارتباك داخل أوساط الجيش في هذا الوقت، ثار عدد من أعضاء المجلس العسكري وطالبوا المشير برفض تنفيذ القرار إلا أن المشير قال لهم «يجب تفادى الأزمة وتفويت الفرصة؛ خوفاً من تردى الأوضاع المتوترة بعد حادث رفح».
اهتزت صورة المشير لدى الأوساط العسكرية توقع البعض منهم أن يكون الدور القادم في الصراع الخفي بين الرئيس والمؤسسة العسكرية ضحيته المشير طنطاوي نفسه.
كان هناك الكثيرون الذين أبدوا اعتراضهم في السابق على قبول المشير لمنصب وزير الدفاع في حكومة قنديل وعندما ناقش معهم الأمر طالب بعضهم بألا يؤدي القسم أمام الرئيس لأن الإعلان الدستوري المكمل يعطيه الحق في ذلك، بعد جدل طويل، وافق البعض على أن يؤدى المشير القسم، ولكن دون إذاعته في وسائل الإعلام واتفق الحاضرون على ألا يحضر المشير أي اجتماعات لمجلس الوزراء إلا إذا ترأسها الرئيس نفسه.
كان المشير يحاول أن يدفع الأمور إلى الأمام لكنه حتى هذا الوقت لم يعرف ماذا تخبئ له الأقدار، فقرر أن يؤدي القسم رغم أنه ظل لمدة ثلاثة أيام عندما أعيد اختياره وزيراً للدفاع في حكومة أحمد نظيف يرفض الانضمام إلى الحكومة شعوراً منه بالإهانة.
عندما أذاع التليفزيون المصري مشهد المشير طنطاوي وهو يقف في الطابور لأداء القسم ويقف منتظراً أداء الآخرين لقسم التكليف كان الأمر مثيراً للجميع.
وكانت الغضبة داخل المجلس العسكري كبيرة اعتبر البعض أن ما جرى هو البداية وأن الرئيس لن يقف عند هذا الحد في قراراته.
حاول المشير تهدئة الغضب الذي ساد جميع الأوساط العليا للجيش المصري وكذلك الحال رجال الشرطة العسكرية، فأصدر بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع قراراً بتعيين اللواء حمدين بدين مساعداً لوزير الدفاع لشؤون سيناء وبمجرد نقل التليفزيون المصري لهذا الخبر ثار الرئيس وطلب من المشير طنطاوي التراجع عن هذا القرار لأنه يحمل ترقية وتكريماً للواء حمدي بدين، فاضطر المشير إلى التراجع وتعيين اللواء حمدي بدين ملحقاً عسكرياً بالصين.
تصاعدت حدة الاستياء داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة أدرك الكثيرون أن خوف المشير على الجيش ووحدته سيدفعه إلى مزيد من التنازلات بما يؤدي إلى الإطاحة به وبالمجلس العسكري بأسره.
أدرك المشير أن الغضبة واسعة، التقى ببعض أعضاء المجلس الأعلى قال لهم أرجو تفويت الفرصة، أميركا تقف بالمرصاد إنهم ينتظرون هذه اللحظة، لقد جاءت هيلارى كلينتون في 14 يوليو الماضي لتصنع الأزمة وتدفع إلى التصعيد، إن المطلوب هو رأس الجيش المصري، هدفنا الأساسي الآن حماية سيناء قبل أن تضيع، لا نريد مشاكل أو أزمات داخلية!!.
وفي المخابرات العامة كان قرار إقالة اللواء مراد موافي صادماً، لقد أشيع في هذا الوقت أن السبب الأساسي وراء إقالة اللواء مراد موافي من منصبه كمدير المخابرات العامة هو إدلاؤه بالتصريح الصحفي الذي قال فيه إنه أبلغ ما لديه من معلومات حول توقع الحادث الإرهابي إلى الجهات العليا، غير أن الحقيقة والهدف كانا أبعد من ذلك بكثير.
كان الرئيس مرسى يعرف أن اللواء عمر سليمان هو الذي رشح اللواء مراد موافي لمنصب مدير المخابرات العامة بعد اختياره نائباً لرئيس الجمهورية، ويدرك مدى العلاقة التي تربط بينهما، وكان يعرف أيضاً أن المشير طنطاوي كان أميل إلى ترشيح اللواء محمد التهامي الذي كان يتولى منصب مدير الرقابة الإدارية في هذا الوقت، إلا أن ترشيح اللواء مراد موافي لقي قبولاً، وحسم الأمر لصالحه.
التحقيقات كشفت عن دخول فلسطينيين إلى سيناء بهويات مصرية بعد سرقة ماكينة طباعة الرقم القومي من سيناء أثناء الثورة
كانت مؤسسة الرئاسة هي الأخرى مستاءة من تصريحات اللواء موافي وحاولت إبراء ذمتها وهو ما أدى بالمستشار محمد فؤاد جاد الله المستشار القانوني للرئاسة، إلى الإدلاء بتصريح صحفي قال فيه إن الرئيس مرسى لم يكن يعلم بالتقرير الذي تحدث عنه اللواء مراد موافي وحذر فيه من العملية الإرهابية، كان الكلام يعنى رسالة موجهة إلى اللواء موافي.
بعد تدارس الأمر داخل المخابرات العامة اضطر اللواء موافي أن يصدر تصريحاً في خطوة نادرة لا يقدم عليها جهاز المخابرات العامة في تعامله مع الأحداث، حيث قال البيان إن جهاز المخابرات العامة جهة معلومات فقط وليس سلطة تنفيذية وأن المعلومات التي لديه بخصوص الحادث الإرهابي الذي وقع في سيناء أرسلها إلى صناع القرار والجهات المسؤولة وبهذا ينتهي دور الجهاز!!
واعتبرت رئاسة الجمهورية أن الرد جاء مستفزاً فقرر الرئيس إقالة اللواء موافي تحت هذا العنوان ووافق المشير على ذلك غير أن الهدف كان أكبر من ذلك بكثير.
وكان السبب المعلن في هذا الوقت الذي يقف وراء إقالة اللواء نجيب عبد السلام قائد الحرس الجمهوري هو طلب قائد الحرس من الرئيس عدم المشاركة في جنازة توديع الشهداء خوفاً على سلامته بينما كان السبب الحقيقي هو البدء بخطوات عملية تمهد لحدث ما قد يحدث والرئيس يريد الاستعانة بقائد جديد للحرس.. ورغم أن اللواء محمد زكى كان قائداً للمظلات، إلا أن المجيء به كان الهدف منه أن يكون ولاؤه للرئيس صاحب القرار وليس لأحد آخر.
أما قرار إقالة مدير شرطة الرئاسة اللواء أحمد إيهاب الذي تم تعيينه نائباً لمدير مطار القاهرة فقد جاء على خلفية معلنة تقول إنه كان وراء الطلب من الرئيس المشاركة بالحضور في جنازة الشهداء دون مراعاة للمخاطر الأمنية وهكذا أبعد الرئيس قائد الحرس الجمهوري تحت زعم أنه حذره من المشاركة في مراسم الجنازة وأبعد مدير شرطة الرئاسة لأنه طالبه بالمشاركة فيها.
كان الهدف هو تهيئة المسرح لحدث ما قد تشهده الساعات القليلة القادمة، كان القرار قد اتخذ، لا حل أمام الرئيس سوى إلغاء الإعلان الدستوري المكمل حتى يفتح الطريق أمامه واسعاً للانفراد بالسلطة والإمساك بالسلطة التشريعية وإعداد دستور جديد يحول دون إجراء انتخابات رئاسية جديدة ويضع قواعد جديدة تكون منطلقاً لدولة الإخوان التي يجرى ترسيخها على أرض الواقع.
وفي يوم الأربعاء الثامن من ديسمبر كان مجلس الشورى قد أعد العدة من جانبه إذ أصدر رئيس المجلس عدة قرارات أطاح خلالها بأكثر من خمسين قيادة صحفية وكأنه يفتح الباب أمام أخونة الصحافة وضمان تهيئة المسرح من الناحية الصحفية والإعلامية أمام الحدث المتوقع، خاصة بعد أن ضمن السيطرة على التليفزيون والإذاعة من خلال تعيين صلاح عبد المقصود وزيراً للإعلام وهو عضو قيادي بجماعة الإخوان المسلمين.
ورغم جميع التحذيرات التي انطلقت في جميع الأوساط الصحفية والبيان الصادر عن اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة برفض المعايير التي وضعتها اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء لاختيار رؤساء التحرير ورؤساء المؤسسات إلا أن الخطة كانت تقضى بالاستمرار في إحكام قبضة الدولة والجماعة على الصحافة من خلال أخونتها واختيار عناصر أخرى يمكن أن تقبل بالإملاءات الإخوانية.
في هذا اليوم قررت حركة 6 أبريل التجمع أمام منزل الرئيس بالقاهرة الجديدة وأمام منزل العائلة بالشرقية وأمام قصر الاتحادية لإظهار الدعم والتأييد لقرارات الرئيس ومطالبته بقرارات أكثر جذرية وأشد وطأة على ما أسموه بالدولة العميقة وضرورة تطهيرها.
واعتبر السياسي جورج إسحاق أن قرارات الرئيس تأتى في محلها تماماً، أما الإعلامي والناشط السياسي حمدي قنديل فقد قال اليوم تسلم الرئيس رئاسة الجمهورية، واعتبر محمود عفيفي المتحدث باسم حركة 6 أبريل أن قرارات مرسى ليست كافية وأن البلاد في حاجة لإجراءات أكبر للتطهير الحقيقي.
كانت النخبة في معظمها ترى ضرورة أن يحسم الرئيس موقفه وأن يتسلم كامل السلطة في البلاد، كما أنهم طالبوه بضرورة إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإنهاء ما أسموه بحكم «العسكر» الذي استمر لـ60 عاماً.
في يوم الجمعة 10 أغسطس قام الرئيس مرسى بأداء صلاة الجمعة في مسجد الشيخ محمود الحصري بمدينة 6 أكتوبر حيث ألقى خطاباً بعد انتهاء الصلاة وسط الحاضرين قال فيه إنه يقود بنفسه العمليات الجارية في سيناء لتطهيرها من الإرهابيين وأن هذه العمليات لن تتوقف حتى تستقر الأحوال الأمنية في سيناء تماماً.
لقد توقف المراقبون أمام مقولة أطلقها الرئيس مرسى خلال خطابه بمسجد الحصري عندما قال «سأؤدب المتجاوزين من المواطنين أو الجيش أو الشرطة» إلا أن أحداً لم يكن يستطيع أن يتخيل وقائع ما شهدته الأيام التالية.
في هذا الوقت كان الإعلامي توفيق عكاشة قد وجه تحذيراً من على شاشة قناة «الفراعين» إلى المشير طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان وقال لهما «أنا أحذركما خلال 48 ساعة سيتم الإطاحة بكما بقرار من الرئيس» واعتبر البعض أن هذه الأقاويل هي من باب المخاوف المشروعة وليس أكثر. بعد انتهاء الرئيس من خطابه في مسجد الحصري قرر السفر إلى مدينة العريش ومنها إلى رفح لمتابعة العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة لتطهير سيناء من البؤر الإرهابية.
وقد وصل الرئيس في وقت مبكر من المساء يرافقه المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس الأركان الفريق سامي عنان، ووزير الداخلية أحمد جمال الدين، وعدد من القيادات العسكرية والأمنية.
في هذا الوقت نقلت صحيفة «الأهرام» عن مسؤول أمنى بارز تأكيده نجاح القوات المشتركة في عملية «نسر سيناء» في القبض على ستة من العناصر المتطرفة في مدينة الشيخ زويد يوم الخميس 10 أغسطس وإصابة مسلحين في مناطق أخرى، وقال المصدر إن أجهزة الأمن نجحت في تحديد شخصية قائد التنظيمات المسلحة المسؤولة عن العمليات الإرهابية في سيناء، وأنه فلسطيني الجنسية وينتمي إلى ما يعرف بجيش «جلجلة» في غزة. كان أكثر من 3500 ضابط وجندي يشاركون في عملية «نسر سيناء» تدعمهم 87 مدرعة وطائرتان هليكوبتر قتاليتان إضافة إلى 60 مدرعة جديدة و117 آلية أخرى وصلت يوم الخميس وكانت التوقعات تشير إلى أن عدد المسلحين حوالي 1600 مسلح ينتمون لعدة محافظات مصرية فضلاً عن دول عربية مجاورة ويطلقون على أنفسهم أصحاب «الرايات السوداء».
ماذا إذا أعلن الفريق السيسي نتائج التحقيقات دون موافقة الرئيس؟
وصل الرئيس مرسى إلى العريش وسط إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل توجه وكبار المسؤولين إلى المنطقة الحدودية الشرقية في رفع في حوالي الخامسة من مساء ذات اليوم 10 أغسطس.
لم يكن الرئيس قد أصدر قراراً بتعيين محافظ جديد لشمال سيناء في هذا الوقت، فكان اللواء مدحت صالح رئيس مجلس مدينة العريش في استقباله وعندما وصل الرئيس إلى منطقة رفح اصطحب في سيارته المشير طنطاوي ورئيس الأركان، ووسط الجنود والضباط قام باعتلاء كرسي ليخطب فيهم، وإلى جواره وقف وزير الدفاع من الناحية اليسرى ورئيس الأركان من الناحية اليمنى.
بعد انتهاء زيارة الرئيس إلى سيناء طلب من المشير طنطاوي ضرورة عقد اجتماع في الحادية عشرة من مساء ذات اليوم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضوره شخصياً، إلا أنه طلب من المشير أن يقتصر حضور الاجتماع على أعضاء المجلس الأعلى الـ18 الأساسيين مع استبعاد كل المستدعين من الخدمة والذين ضمهم المشير إلى اجتماعات المجلس العسكري، ولم يستطع المشير أن يرفض مطلب الرئيس، وقرر بالفعل قصر الاجتماع على الأعضاء الأساسيين للمجلس العسكري.
في هذا الاجتماع تحدث الرئيس عن تطورات الوضع في سيناء وعن الأسباب التي دفعته إلى عدم نشر مضمون التحقيقات الأولية في قضية استشهاد وإصابة الجنود في رفح.. وتجاهل الرئيس في حديثه أمام المجلس العسكري الحديث عن أسباب قراراته الأخيرة بإبعاد قائد الشرطة العسكرية وآخرين، إلا أنه تحدث مطولاً عن المؤسسة العسكرية وضرورة النهوض بها وتوفير جميع الإمكانيات الضرورية لها.
كان الرئيس يستهدف من وراء هذا الاجتماع استمالة أعضاء الم

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024