و" هزّتْ كيان ( اسرائيل ) .. دلال المغربيّة " في ذكرى رحيل .. وتحضُرين - شاميرام ماندل سوريا
لم أفهم في حينها... , ما الذي عنتهُ كلماته بالضبط .. ما أتذكّره فقط .. لحظات تأمّلتُ خلالها وقفتها الحازمة , كما بدتْ في صورتها المعلّقة على الجدار , معتمرة الكوفّة الفلسطينيّة , ورشّاش " الكلاشنكوف في يدها .. شعرها المجعّد , ونظرتها الواثقة اللامبالية سمّرتني برهة ؛ كانت هي المرّة الأولى التي أسمع فيها اسم هذه المرأة !
دلال المغربي .. أُعدتُ على مسامعي صمتاً اسمها الذي لفظه للتّو , رفيق شاب كان أوّل من قابلتُه في مكتب " مؤسسة الأشبال والزّهرات " التابع لحركة فتح , في مخيّم اليرموك بدمشق , يوم ذهبتُ مع مجموعة من أطفال المخيم , لتسجيل أسمائنا فيها .. فدائيّة من أبناء مخيّمات اللجوء الفلسطيني في لبنان , ممّن قرّروا حمل السّلاح , تجت وطأة الألم والغضب ولامبالاة عالم صمت عن كل ما ارتُكب بحقّ شعبها من جرائم .. شاركت في خطف مجموعة من الحافلات , كانت تقلّ علماء وجنود صهاينة , من العاملين في مفاعل " ديمونة " النّووي , على الطّريق السّاحلي بين مدينتي حيفا وتل أبيب ؛ منتصف سبعينيات القرن الماضي ؛ لتدفع حياتها ثمناً لذلك ؛ وكان خبر مشاركة " فتاة " في مثل هذا النوع من العمليّات الفدائيّة للمرّة الأولى , صدمة كُبرى للرأي العام الصهيوني , والعالمي !
كان ذلك سنة 1980 وكنت لا أزال طفلة لم يخطر ببالها _آنذاك _ أن هذا المكان وهذه المرأة بالذات _ بعد أمّها و بيت العائلة الصّغيرة _ سيكون لهما كل هذا التأثير الحاسم في شخصيّتها , كما في كلّ خَياراتها اللّاحقة في الحياة ..
و" هزّتْ كيان ( اسرائيل ) .. دلال المُغربيّة " .. في ساحة المدرسة و المخيّم , كما في معسكرات التّدريب الطّويلة الشّاقّة على النضال و الوعي .. صارت فلسطين الحكاية , ودلال سطر في ملحمة نضال طويلة أرّخَها العاشقون بدمائهم و بعظيم تضحياتهم .. جيلاً بعد جيل .. أردتُها اليوم .. تحية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح " , المدرسة النضالية الكُبرى .. لأبناء الحركة من رفاقي و أخوتي .. الشهداء منهم والمعتَقَلون , والسّائرون مازالوا على دروب العطاء .. أردتها اليوم .. رسالة لمن تسلّقوا أكتاف تضحيات الكبار , ليحتكروا لأنفسهم مجداً و منافع , لم يستحقّوا يوماً أكثر من أقلّها ...