الرئيس اوباما.. أرضنا جوعى للحرية - بقلم عيسى قراقع
سيصل إلينا الرئيس الأمريكي باراك اوباما في زيارة استكشافية كما أعلن عن ذلك، ليكتشفنا مجددا ويمكث قليلا من الوقت في ديارنا، وأكثر من الوقت في ديارهم، طائراً بين الضحية والجلاد في مساحة تلاصقت وتلاحمت حتى ضاقت الصورة وانخفض صوت التوقعات...
هنا سوف يرى ويسمع ويقول ما يقول، ربما يرى جنازات في الطريق إلى المقابر، ونعوشاً محمولة لأطفال قتلهم الرصاص، وربما يرى صوراً لها أسماء تشع خلف القضبان تقطر دماً وسنوات، فيحتك جلدها بالحديد عندما يرتسم السلام...
وهنا، سيرى أشجارا قطعت، وقطعان مستوطنين يلاحقون الأغنام واشتال البندورة والهواء، ويرى بيوتاً شامخات تسمى مستوطنات أقحمت في حلق حل الدولتين، تستقبله حكومة الاستيطان تعانقه أمام الكاميرات...
الرئيس الأمريكي لا يريد ان يلتقي مع عائلات الأسرى، لا يريد ان يرى أم سامر العيساوي ليسمع كيف تنتظر أم ابنها وهو يسير نحو هاوية الموت علناً، لان الأم فلسطينية، والولد مولود في القدس وهويته رباعية كألوان العلم، يعانقها فلا ينتبه الرئيس الأمريكي لبكائية الوالدة.
سامر العيساوي أرسل رسالة للرئيس الأمريكي، دعاه فيها إلى زيارته في المستشفى وحل قيوده وشرب الماء بالملح معه، لعله يكتشف الفارق بين الموت والحياة، ويشاهد انساناً يبحث عن الضوء في العدالة الغائبة.
سامر العيساوي يعلم ان الريح سيدته، والإرادة والأمنيات المدركات في نبضات قلبه الصاعدة، ويعلم ان السلام تراجع كثيراً عندما ترك خلفه جنوداً منذ ثلاثين عاماً في السجونً، حتى اقعد المرض أم كريم يونس وهي تنظر من بعيد إلى غيمة شاردة...
الرئيس الأمريكي في منطقتنا المتجهة سريعاً نحو الابرتهايد والفصل العنصري، سيمر ما بين جدار وجدار، ويرى ان ارض فلسطين تحولت إلى ارض للمعسكرات والتدريبات، وسترحب به أبراج الحراسة العالية، هنا سجن وهنا شعب، وهنا اشتباك وهناك أسرى وراء النافذة...
للرئيس الأمريكي نقول: أرضنا عطشى للحرية، تغلي، وتغري الحياة بالحياة، أرضنا تضطرب فينا كي يهطل المطر، وأرضنا المحتلة تفيض بنا وتضيق بهم، فليس كل ما تمناه هرتسل يصير نبوءة، فالمزامير ناقصة، والسلام معلق على الخشبة.
لو التقينا بالضيف الأمريكي، سيجف الكلام، سنلقى بين يديه كل موتانا وأغانينا، ولا نطلب منه سوى السلام، فالمحقق الذي قتل عرفات جرادات لا زال طليقاً، وأيمن شراونة أبعدوه قسراً مريضاً إلى غزة، والسرطان يضحك في اجسام الاسرى معتصم رداد وميسرة أبو حمدية، وأم الاسير ناصر أبو حميد أقفلت الباب على عيد الأم في مدخل المخيم.
الرئيس الأمريكي سيكتشف انه رأى شعباً يعيش على الحب والكرامة، يدخل السجن ويعود عاشقاً يمشي في هواجسه إلى غده، حتى يصل كامل الأعضاء إلى أحلامه، ويكتشف ان عبء الذاكرة الفلسطينية له القدرة على استعادة البعيد والقريب حتى يمتلآن ويرجعان ويعودان ويبزغ يوم جديد.
الرئيس اوباما: ارضنا جوعى للحرية، اسئلة الشجر والبحر والطير في السماء المسيجة، فان كنت تحمل حواراً للمفاوضات فما عليك سوى اطلاق سراح الكلام المحبوس في تلك الظلمات، وان كنت تحمل بشائر مختلفة فما عليك سوى ان تدل الارض كيف يبدأ الشتاء.