امرأة لعنها الظلام - عطا الله شاهين
انقطع التيار الكهربائي عن المنطقة وحلّ الظلام الدامس.. وبدت الأزقة خالية سوى من الكلاب الضالة، ابحث عن شمعة لاشعلها فالمكان بدا كئيبا، اراجع نصوصي على ضوء شمعة شحدتها من صديقي، واشعل سيجارة تلو الأخرى، لقد تعودت منذ فترة على هذا الحال.. لا أحد يكترث بنا ، الشمعة تذوب وأنا احترق من حزني على وضعنا المتردي . الهدوء يقتل المكان .. وانا متسمّر في مكاني احاول اضاعة الوقت في لملمة اوراقي المبعثرة .. وادقق في نصوص كتبتها قبل لحظات.. سمعت أحدا يطرق بابي انها جارتنا تطلب مني شمعة فأطفالها يخافون الظلام، وبكلمات سريعة أحاول الاعتذار منها.. لا أريد أن اكون السبب في موت أطفالها .. اكذب عليها بأن شمعاتي كلها احترقت.. اقفل الباب وأعود إلى اوراقي. أذهب إلى عملي صباحا، اسمعهم يتكلمون عن أطفال ماتوا بسبب شمعة، اعرف أنها تلك المرأة إمرأة لعنها الظلام.. كانت تحاول جاهدة لإيجاد شمعة لأطفالها لقتل الظلام.. ولكن أطفالها لم يدركوا مدى خطرها. اذهب لأعزيها وأواسيها أحزانها.. تشكرني على عدم إعطائها شمعة، وتقول: أنت يبدو أنك عرفت النتيجة. أعود إلى بيتي , وأحزن لموتهم . في اليوم التالي ينقطع التيار الكهربائي وفي الصباح أسمع عن أطفال احترقوا من شمعة، أقول هل نحن لا نتعلم من اخطائنا؟ ابحث عن شاحن للامبة وأرمي الشمعات في البحر. لأ أريد شمعا بعد الآن.. تلك المرأة تعيش في الظلام وتبكي على فراق أطفالها.. إمرأة لعنها الظلام ووقف في وجهها للأبد، فهي لم تعد تريد ضوءا .. هي الآن يسكنها الظلام وتبكي وتقول: إلى متى سنبقى نعاني من ويلات الاحتلال ومن يديرون حياتنا؟ أحاول أن أنسى ما يحدث عندنا، ولكن الأمور تسير عكس ذلك، فالحياة عندنا رخيصة لدرجة أننا نميت أطفالنا بأيدينا.. إمرأة تعيش لعنة الظلام ، ونحن غير آبهين بما يحدث من أخطاء. إنها حياتنا الملعونة بلعنة الظلام.المرأة الآن تائهة في عتمتها تبحث عن أطفالها بين الشراشف.. تناديهم ولا جواب. إمرأة تعيش قهرا وتلعن الظلام وتبكي بحرقة وتذوب كالشمعة المحترقة.. إمرأة لعنها الظلام في حياة يسودها الإنقسام.