الفقراء الطيبون- بهاء رحال
للطيبين البسيطين والعاديين الذين يحملون معاني الحياة الجميلة في قلوبهم وضمائرهم الحية، تحية وقبلة على جباههم الوضاء الذي تصبب عرقاً في الحقل والمصنع والوظيفة والعمل، هؤلاء الذين لا ينشغلون بأسعار العملات والبورصة وسوق الأسهم والشركات ولا يتحدثون عن هبوط أو ارتفاع أسعار الذهب والألماس ولا يكترثون لأنواع الماركات العالمية وجودتها فيكتفون بالبضائع المستوردة من الصين رخيصة الثمن، ولا يتطلعون إلا للقمة عيشهم بكرامة وعزة نفس دون الحاجة ودون تسول، عيشٌ كريم يحفظهم وعائلاتهم بالحاجات الأساسية ولا يطلبون من الرفاهية شيء ولسان حالهم بالستر والبال الهادئ والاكتفاء بنصيبهم في الدنيا، وما أكثرهم في وطني، وهم يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني ولكن حتى بساطتهم في العيش لم تشفع لهم حيث أصبحت مستحيلة في واقع مستحيل محاصر بقلة فرص العمل وتدني الأجور والرواتب وزيادة البطالة من جهة ومن جهة أخرى فإن الغلاء الكافر يزداد كل شهر بل وكل يوم وترتفع معه مصائب تلك الناس وتتعاظم بشكل يثقل كاهلهم في العيش، شريحة ظل صوتها بعيداً عن آذان الحكومة التي لا تسمعهم على ما يبدوا ولا تلتفت لمطالبهم وإن سمعت فلا تتخذ من الإجراءات ما يكفي لمساعدتهم، فرغم الإضرابات العارمة التي شهدتها قطاعات متعددة وموجات التظاهر والاحتجاج التي سادت في الأشهر السابقة إلا أن الوضع ظل على حالة وبقي المواطن يعاني دون جدوى، ودون تقديم أية حلول من جانب الوزراء والمختصون وذوي الشأن، بل أنها زادت من أعباء الحياة عليهم وأثقلت كاهلهم أكثر بالنفقات والغلاء وارتفاع الأسعار الذي يتصاعد كل يوم حتى أصبحت أجور العمال والموظفين لا تكفي لسد رمق العيش ولا تلبي أدنى مقومات الحياة بالحاجيات الأساسية والطبيعية للإنسان ولسان حال الحكومة فقط يحدثنا عن العجز في الميزانية وعدم قدرتها على إدارة أزمتها واعتمادها المطلق على صمت المواطن المغلوب على أمرة والمطلوب منه أن يتقبل كل غلاء وكل ارتفاع بالأسعار بصمت ودون احتجاج، وإلا فقد يتهم بالعمل لصالح أجندات خارجية أو حزبية أخرى هنا أو هناك، لهذا عليه بالصمت والدعاء سراً في الليل على أن لا يسمعه أحد إن استطاع.