الشعيبي يغادر النزاهة - عادل عبد الرحمن
الموظفون المدنيون والعسكريون في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) إلتزموا بقرارات الحكومات الشرعية المتعاقبة برئاسة الدكتور سلام فياض منذ انقلاب حركة حماس عام 2007. ولم يغادروا مواقع الشرعية برئاسة الرئيس محمود عباس. ومن لم يلتزم بالاضراب، الذي اعلنته الحكومة في اعقاب اختطاف الشرعية في القطاع تم ترقين قيده، واوقف راتبه.
مع ذلك بقي نفر من انصار تعميق الانقسام بين ابناء الشعب الفلسطيني كلما عادت الازمة المالية تطل بوجههاعلى المشهد، يقرع جرس الشؤوم والمناداة ب"قطع " رواتب الموظفين في محافظات غزة، ووقف تحمل الدولة اية مسؤليات او اعباء مالية في التربية والتعليم والصحة والكهرباء تحت حجج وذرائع واهية لا تمت للازمة المالية بصلة.
مما لاشك فيه ان قيادة الانقلاب الاسود في محافظات الجنوب إستفادت جيدا من إلتزام القيادة الشرعية وحكومتها بمسؤلياتها المالية تجاه ابناء الشعب الفلسطيني. ولكن القيادة برئاسة محمود عباس، كانت ومازالت المسؤولة عن ابناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وخاصة في غزة والقدس. وهي ام الولد، ولم تتعامل القيادة بطريقة مناطقية سخيفة كما ارادها البعض، ولم تسقط في مستنقع العابثين بمصير ووحدة الارض والشعب والاهداف الوطنية، العازفون على انغام تعميق الانقسام.
كانت تصريحات السيد عزمي الشعيبي مفاجأة من العيار الثقيل لمن استمع اليها في إذاعة اجيال، عندما قلب الحقائق، حين قال ان "العسكريين في محافظات غزة مضربيين عن العمل" ثم فتى فتواه البشعة والمرفوضة ، التي تقول بضرورة "عدم دفع الحكومة رواتب اولئك المضربين!؟"
سؤال او اسئلة للاخ عزمي، وهو الذي تقلد مواقع مهمة في السلطة الوطنية، فكان وزيرا ونائبا في آن، فضلا عن انه رئيس مؤسسة تدعي النزاهة والشفافية، ما الذي دفعك للوقوع في هكذا خطأ ؟ ولماذا ؟ ولمصلحة مَّنْ؟ أهذه هي النزاهة والامان؟ وهل فعلا انت لا تعرف بقصة الاضراب ، الذي دعت اليه حكومة الدكتور فياض؟ والم تعرف بقصة ترقين قيد كل من تمرد على قرار الحكومة وتعامل مع قيادة الانقلاب الحمساوية ؟ وكيف تقوم منذ اعوام الانقلاب بمناقشة موازنة السلطة ثم الدولة سنة بعد اخرى، وانت ومؤسستك تقومون بدور المؤسسة التشريعية ؟ هل لك إخبار الشعب عمن يروج لهذه البضاعة الفاسدة؟ وهل تعتقد ان وقوفك على مؤسسة تدعي النزاهة، أنك بت بعيدا عن المسألة والادانة حين تخطىء وتجانب الصواب؟
لا يعرف المرء كيف استطاع رجل يقود مؤسسة تدعي النزاهة، يغادر مواقع النزاهة، ويتجنى عليها، ويحملها فوق طاقتها. في الحقيقة ان اللغة لم تخن الشعيبي، بل تطاول هو عليها وعلى الضباط والجنود الملتزمين بالشرعية، مما اوقعه في مستنقع المطبيلن للانقسام شاء ام ابى، لان المواقف لا تقاس بالنوايا، بل بما يصدر عن الانسان من مواقف في هذا الشأن او ذاك.
موظفوا وضباط وجنود فلسطين من ابناء المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) كما كانوا بالنسبة للرئيس ابو مازن ورئيس حكومته في بؤبؤ العين، سيبقون كذلك، ولن تقدم القيادة الشرعية، ام الولد والوطن والاهداف الوطنية على اي فعل غبي يسيء لتاريخها ومسؤلياتها تجاه ابناء الشعب العربي الفلسطيني في انحاء الدنيا كلها وخاصة في القدس وغزة والشتات. ويخطىء من يعتقد انه يستطيع تعميم الافكار السوداء والخبيثة، التي لا تحمل لا في شكلها ولا في مضمونها اي بعد ايجابي يخدم المصالح الوطنية..
ويا حبذا لو ان الاخ عزمي يعيد النظر في مواقفه الخاطئة، ويعتذر عما بدر عنه، لان ما اعلنه، لا يليق به وبموقعه وبمكانته وبتجربته الوطنية. لان هكذا فعل يزيل الاساءة التي لحقت به جراء التصريح غير الموفق والبعيد عن الحقيقة.