في نيسان "الميسرة" !!! - عكرمة ثابت
لنيسان في ذاكرة الفلسطينين سمة خاصة، فهو شهر المجازر والمذابح والسجون والمواجهات، شهر الشهداء والجرحى والاسرى على مر سنوات طويلة من الإحتلال والإعتقال والإغتيال والإجتياح.
وفي هذا العام ، يهل علينا نيسان - الذي لا ننسى آهاته وويلاته وأحزانة – حاملا معه الدموع والمآسي ، يقدم لنا خيرة أبنائنا محمولين على الأكتاف ويعدنا ببدايات مريرة من معاناتنا التي لم تتوقف في صراعنا المشروع مع الاحتلال وجنوده وقطعان مستوطنيه... يأتي نيسان ليدمي قلوبنا بارتقاء المناضل الكبير والاسير الوطني " ميسرة ابو حمديه " الى علياء المجد والخلود وينبئنا بأن " ميسرة " ليس الاخير !!!.
سويعات قليلة بعد وصول جثمان الاسير الشهيد " ابو طارق " يصدق وعد نيسان بإرتقاء "عامر وناجي " من ابناء عنبتا البررة وجرح عدد من زملائهما في مواجهات مع جنود الاحتلال والبطش على حاجز عناب العسكري ، عنبتا تنتفض نصرة للاسرى ودفاعا عن حقهم بالحرية والتعليم والعلاج، ويهّب شبابها كالاسود معتلين جبل " الراس " وتلة " الليات " رافعين شارات النصر والثبات، مطلقين صرخة الاحرار من الشهداء الخالدين ياسر عرفات وابوعلي مصطفى والوزير ابو جهاد وعبدالرحيم محمود وثابت ثابت والكثير الكثير ممن رسموا بدمائهم خارطة الدولة والاستقلال.
اليوم ومع إقتراب 17نيسان " يوم الاسير الفلسطيني " تتعانق ارواح الوطنيين الشرفاء من ابناء فلسطين في كل المحافظات ، لتلتحم في شكل من اروع اشكال الحرية والإنتصار ... اليوم تتقاطع صرخة ابو حمدية التي هزت زنازين القهر والظلم مع صرخات واناشيد كل المناصرين للأسرى وهم يهتفون (حلمنا أن نكون ... وعدنا ان نصون حقنا في ارضنا ونحطم السجون ... نحن نفح العبير ... نحن صوت الضمير ... نحن قصف الرعود إن يدّوي النفير ).
نعم اليوم في نيسان – ورغم الحزن والالم – تنصر اخر الكلمات للشهيد البطل "عامر نصار" حين صرخ في وجه قاتله اللعين قائلا ( وجّه رصاصك حيثما شئت من جسدي ... أموت انا اليوم وتحيا غدا بلدي )، وينتصر حجر رفيقه الشهيد "ناجي البلبيسي" على طوابير الجنود المدججة باسلحة القتل ليكنسهم عن ارضنا ويطرد ما تبقى منهم من أعالي جبالنا فهذه الارض لنا ومن حقنا ، وفيها سنحيا كراما صامدين ثابتين خالدين.
في نيسان الاسير والتاريخ والمخيم - نيسان الجريح والشهيد والمبعد المتّيم ، نيسان المهد والمقاطعة والمجزرة والحصار والدمار - نقف اليوم موحدين مسلحين بثقتنا بالله وبقيادتنا الحكيمة وبارادتنا الوطنية التي لا تنكسر لننتفض بوجه الظلم والاحتلال والاستيطان ... نقف اليوم لنعاهد الشهداء والاسرى وكل الاحرار أن نصون دمائهم ونحفظ وصاياهم ونسير على خطى تضحياتهم ونضالاتهم دفاعا عن كرامتنا وعن ارضنا واستقلاليتنا وسيادة دولتنا الفلسطينية الواعدة ... نعاهد اللواء القائد ميسرة ابو حمدية والشهيدين عامر وناجي وكل شبل وشاب وفتاة وإمرأة إنتفضت نصرة للشهداء والاسرى وللتخلص من ظلم وبطش الاحتلال والسجان، بأن نمضي نحو مشروعنا الوطني التحرري الاستقلالي حتى القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة.
في نيسان هذا العام ، نقول لاسيراتنا واسرانا أن موعدكم مع الفجر حان ... موعدكم مع الشمس بات على مرمى حجر نناجي فيه معاناتكم المريرة ونقاوم فيه عنجهية السجان ... فيا كل الاسرى والمعتقلين ... يا احبتنا وراء القضبان من جنرالات الصبر الطويل ومن عمداء الحرية الاكيدة ... يا فلذات أكبادنا من الاسرى المرضى والمصابين والمضربين عن الطعام ... اصبروا واثبتوا فقد إقتربت ساعة إنتصاركم ... استبشروا من الله خيرا بأن حبيبكم الحي الحر " ميسرة " قد إرتقى نجما ليكون " ميسرة نيسان " لعام حريتكم بإذن الله.
في نيسان ... الميسرة مهما إشتدت حلكة الليل وطال ليل الزنازين
في نيسان ... الميسرة مهما تعاظمت المصائب والمآسي
في نيسان ... الميسرة والاحتلال والاستيطان الى زوال
في نيسان ... الميسرة والمجد للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للاسرى والعودة للمبعدين والمشردين
في نيسان ... الميسرة عاشت الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس