عصف "المشروع الاسلاموي " بفلسطين - موفق مطر
اثبت كلام الدكتور محمود الزهار القيادي الاخواني في حماس ان ماحدث من صعود متسارع لجماعة الاخوان للواجهة السياسية وتمكينهم من السيطرة على بوصلة حركة الشارع وتهيئة الأجواء لتسليمهم السلطة في اقطار عربية متصلة جغرافيا كتونس وليبيا كان مخططا، وأن مقولة "الربيع العربي " كانت للتعمية على حركة مشروع اسلاموي اخواني مدعوم، فالدكتور الزهار جدد التأكيد على أن حركته حماس ليست جزءا من حركة التحرر الوطنية الفلسطينية كما يحب رئيس المكتب السياسي خالد مشعل الترويج، وانما هي رأس حربة لمشروع عالمي اسلاموي متعدد اللغات والجنسيات، فقوله: "ان الأحزاب الحاكمة الآن في تونس ومصر وغزة ( حماس) ليست مجرد احزاب وانما هي جبهات مشروع اسلامي يشمل المنطقة كلها ? عينهم على سوريا ? هدفه تحرير الانسان".
لم يفاجئنا ما كشفه الزهار، فتوجهات المشروع الاخواني الذي تم الباسه ثوب الثورة تارة، و"الربيع العربي" تارة أخرى لم تكن خافية الا على الجماهير العفوية التي انساقت مصدقة الشعارات الدينية وقيادات جماعة الاخوان الذين ظهروا بعلامات " تقوى " ووعود سرعان ما ذابت وتبددت مع أول طلعة شمس على وجودهم في السلطة.
وان كنا لانستثني محللين وكتابا ساهموا بقصد او عكسه في التعمية والتغطية حتى تمكن الاخوان من السيطرة على كابينة قيادة الحراك الشعبي والامساك بها ان لم نقل الاستيلاء عليها واحتلالها بقوة بالحول والقوة المادية والتنظيمية المكللة بقدرة خارقة على الاحتيال السياسي.
خطير كلام الزهار، فقد بث اقواله المتعارضة مع مبادئ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية بمناسبة يوم الأرض التي هي لب الصراع مع المشروع الصهيوني ، من عاصمة البلد العربي - تونس ? التي احتضنت وساندت أهم حركتي تحرر وطني في الوطن العربي في القرن الماضي هما الثورة الفلسطينية ومن قبلها الثورة الجزائرية، والأخطر من ذلك ? وهو المستغرب ? ان كلام الزهار وهجومه وتجنيه وافتراءه على حركة التحرير الوطني الفلسطيني كان بحضرة رجال وقادة من احزاب وحركات مقاومة فلسطينية ولبنانية -( حزب الله، الجهاد الاسلامي وحزب حركة النهضة في تونس ) ? وهي حركات وأحزاب ما زالت تعترف لحركة فتح بريادتها وقيادتها للمشروع التحرري الوطني، وبديمومتها كعمود فقري للممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية، وباعثة للهوية الوطنية.
خالف الزهار ?كعادته? التقاء الوان الطيف السياسي الفلسطيني على وحدة الأرض الفلسطينية والقضية والهدف، وتحدث عن فلسطين كأجزاء، وعن حرية الوطن (الأرض والشعب ) بالتفصيل لا بالجملة, رابطا غزة وهي جزء لايتجزأ من فلسطين الدولة المستقلة والأرض التاريخية والطبيعية بمشروع جماعة الاخوان المسلمين الذي سماه المشروع الاسلامي، مفككا رابطته التاريخية والحضارية والطبيعية والمصيرية مع الوطن الأم والجذور العربية (القومية) والانسانية.
يعلم الدكتور محمود الزهار أن صراعنا مع المشروع الاحتلالي الاستيطاني لم يكن ولن يكون دينيا ، فنحن نناضل لتحرير ارضنا وانساننا من الاحتلال والاستيطان باعتبارهما ظلما وفعلهما جريمة ضد الانسانية، ويعلم أيضا أن تحويل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى صراع ديني، فنحن نناضل لتحرير أرضنا والعودة اليها وقيام دولتنا المستقلة عليها، ولا يهمنا دين المحتل أو المستوطن، فالاحتلال والاستيطان بالنسبة لشعبنا ولأمتنا العربية جريمة ضد الانسانية ومخالفة للقوانين والشرائع الدولية والقيم والأخلاق الانسانية، وخلاف ذلك يعني اننا مع احتلال ايران للجزر العربية في الخليج العربي وعربستان، او احتلال بلد اسلامي قوي وكبير لبلد صغير. فكيف يريد الزهار تضامنا من شعوب العالم لقضيتنا فيما هو يتحدث باسم الفلسطينيين المظلومين بما يناقض تطلعات الشعوب وآمالها في الحرية وتقرير المصير وبناء الدول الديمقراطية، وبما يخالف مبدأ التقاء وتكامل الحضارات والثقافات والأديان السماوية؟
سيعصف المشروع الاسلاموي بالهوية وبالقضية الفلسطينية وبالمقدسات ان صدق المسلمون دعاية أصحاب هذا المشروع، كما ستضعف روابط القومية العربية وتصبح كقشة ان سمحوا بتغلب هذا المشروع على مبادئهم الانسانية النبيلة، فان كانت فلسطين بالنسبة للمسلمين والعرب قضية مركزية فليدعموا حركة الشعب الفلسطيني الوطنية لنيل استقلاله، بدون تمييز بين فلسطيني وآخر على اساس الدين ففلسطين وطن الفلسطينيين جميعا، المسيحيين والمسلمين واليهود والأحرار والعلمانيين الديمقراطيين وكل انسان مؤمن بالسلام.