كيف ننسى فضل شناعة ونحن على دربه سائرون - نصر فؤاد أبو فول
كان في يوم 16/4/2008م يوما لا يوصف بمعنى القساوة التي وصفتها جريمة استشهاد أربعة عشر مواطنا شرق جحر الديك منهم الشهيد والزميل فضل شناعة مصور وكالة رويترز للأنباء في غزة
لم يتمالك زملائه الصحفيين خبر استشهاد فضل حتى أنهم وصلوا للحدث ولم يصدقوا وكانوا مذهولين , ليس إلا لماذا استهداف الصحفيون الذين لاذنب لهم إلا أنهم يغطون مساحة من الأخبار لعملهم الدوؤب والمشكورين عليه .
حتى لو كان فضل شناعة الأخ والصديق والزميل والمحبوب استشهد فهناك مليون أمثال الشهيد فضل سيواصلون مسيرته ولم ينقطع أمثال من ضحوا بأنفسهم من أجل فضح جرائم الإرهاب , يسألني البعض لماذا تهاجم إسرائيل وقادتها بهذا الشكل ؟ سأجيب بعد أن تتأكدوا مما أكتبه وما اعتبره وجهة نظر يجب أن تتحقق
إن دولة الإرهاب الصهيونية العنصرية ستزول وستزول كل معالم العنصرية والنازية الإرهابية لأننا كشعب فلسطيني سنموت علي هذه الأرض ولن تهزنا هزة ولا بخوف ولا بقصف ولا باغتيال , فليتذكر قادة الإرهاب الصهيوني أن الليل زائل والقيد سينكسر ولن يغفر لكم التاريخ ما ارتكبتموه بحق الشعب الفلسطيني .
نعم , لأن دماء الشهيد فضل وجميع شهدائنا الأبرار ستكون منارة نهتدي بها للقدس , وما علي الله ذلك بعزيز , فدماء فضل التي روت أرض غزة ستبقى مشبعة منها أرض فلسطين وأن الحق يجب أن يرجع لفلسطين ولمجدها العريق .
فضل الصديق الذي التقيته أول مرة قبل حوالي سبعة سنوات حين كنت في الصحافة وكان يبتسم كلما يراني وكأنه يجذبني إليه لا لشئ ويجعل نفسه جنديا إعلاميا في تغطيتها فتوسعت العلاقة ونعم الصداقة والأخوة في جامعة الأقصى , فكان يدرس نفس تخصصي قبل ستة بالصحافة والإعلام معي وكان زميلا بالجامعة فالتقاني وكنا في تدريب تصوير فكان يضحك معي ويتحدث لي عن مواقفه بالتصوير فقال لي في إطار حديثه أنا أحب التصوير وأحب فضح الاحتلال ولو كلفني ذلك حياتي , كلمات لم أسمعها إلا من الشهيد فضل الزميل فإنمهرت دموعه من عينيه وقال لي أنت تحب الشهادة وتحسبها بأي وقت وأنا كذلك .
كلمات فضل هذه صعقتني ولم أتوقعها من صحفي وفلسطيني جرئ بهذه الدرجة أن يتحدث بها رغم إيماني العميق بالشهادة الذي يتمناها كل فلسطيني , فكان نعم الأخ والصديق والزميل , هذا موقف من موقف التقيت به فضل وما أدراك بالموقف الأخر الذي تقطع به قلبه حزنا عليّ ليس إلا كان يعتبرني أخيه .
كان موقف أخر في يوم اصابتى بجروح خطيرة في حي الشيخ رضوان قبل ستة سنوات فتفاجأ كغيره من الموجودين بوجودي , فكان يصور المصابين ونظر إلي وكان يقول لي " نصر ... نصر ... كيف هوا الآن وكيف إصابته " فكان هذا الكلام اسمعه بشكل خفيف ورقدت في المستشفى ويقول لي وهو يصورني " نصر ... أنا فضل شناعة أخوك أنا فضل بالله ما تغيب عنى " كلمات لم تستطع عينيي أن توقف دموعي دون أن أري وذلك اصابتى في العين , فكان حزينا علي وضعي الحزين آنذاك وبفضل الله عدت لدراستي بعد تحسن وضعي الصحي من الإصابة وأخذ يسرد حديثه عما حدث معي ومعه بالمستشفى فهذا الموقف نقلته كما تحدث لي عنه .
كثيرة هي المواقف وكثيرة هي الصداقة والأخوة والزملاء , فما كان من فضل إلا أخا عزيزا علي قلبي وقلب كل فلسطيني فلن أتحدث عن سماعي لنبأ استشهاده , بسبب هذا اليوم الأسود والغائم علي حالتي النفسية حتى الأن .
وبالختام لم أرد أن أزخرف هذا المقال لأنه بالدرجة الأولى ليس للزخرفة وليس للمنظرة فهو شرح لا يٌوف حقه عن فلسطيني صحفي وعزيز علي قلوب الشعب الفلسطيني , أراد الموت من أجل الله سبحانه وتعالى ومن ثم شعبه ومن ثم عمله كصحفي فكلنا نحس علي جرحنا وجراحنا ما زالت تنزف فكانت وصية الشهيد فضل ( الوحدة الوطنية أسمى ما يتمناه كل فلسطيني ) , فأيها الشهيد البطل ستبقى البطل .