في يوم الأسير للأسرى .. أنتم السادة- بهاء رحال
في السجن أعني داخل المعتقل، أي ما وراء الجدران والأسلاك، جلادون بزيهم وعتادهم وفاشيتهم ومعتقلون هم السادة، هم السادة خلف قضبان السجن يواصلون تحديهم للسجان ويعلنون انتصارهم عليه كلما ازداد تعسفاً وبطشاً بهم اقتربوا أكثر من الحرية، هم السادة وحكاية شعب قرر أن يحيا رغم الاحتلال بعزة وكرامة، هم السادة والطليعة الرافضة للوصاية والانحناء أمام الطغاة العابرين فوق زماننا المنصرفين من عالمنا المضطهِدين لأحلامنا، هم السادة ونور الطريق إلى الثورة والعودة، المحلقين في فضاء الحرية كلما ازدادت عتمة الزنزانة وازداد السجن اسوداداً وظن الآخرون أن بوابات الاعتقال مغلقة إلى الأبد، تراهم يخرجون كلما ضاقت علينا بنورهم ووهج البشارة يعزفون نشيدنا الوطني على بوابات القدس العتيقة ويرتلون بحناجرهم الصلوات ويسبّحون ما استطاعوا لله وللحرية وللوطن، يحملوننا على الأكف ونحملهم ونتخطى زمن الهزيمة والانكسار نحو النصر الجديد القادم، يبحثون فينا وعنا هم نحن ونحن هم، فلذات أكبادنا يعبرون إلى الحرية عبر ظلمات الأسر وسطوة الجلادين وقسوة السلاسل إلى الغد المشرق الساطع البياض، يصنعون تاريخهم وبطولاتهم وإشراقة الفجر القادم من عيونهم تسطع بريقا في عالمنا وفضائنا الحزين المثقل بهموم النكبة والنكسة والهزائم، كلما هتفنا لهم ازدادوا عزماً وصلابة وإيمانا، يحلقون بنا إلى أعالي جبل الكرمل في رحلة العودة ومشوار الرجوع إلى الملاذ الأول .
هم القادة في معتقلاتهم وسجونهم يكتبون تاريخنا وتاريخ أمتهم ويصنعون أملاً يأخذ طريقه غصباً في معادلات العالم الجديد، وهم الصفوة رغم السجن وعذاباته يتقدمون جموع العائدين إلى شاطئ عروس البحر(يافا) في رحلة العودة، يخرجون من كل مكان من من صحراء النقب وخيام عوفر، يخرجون من جلبوع والرملة وهداريم الى الحياة والحرية إلى حيفا ويافا والرملة إلى بيت الشمس وأم الفحم والناصرة، إلى زهر النرجس على مرتفعات الجليل يشق طريقه في نيسان ،، ينشرون ثقافة الحب والقيم الإنسانية ويعزفون لحن البداية، هم بداية البداية وتعويذة النصر والقيامة، هم حضارتنا الأسيرة المسلوبة في غياهب المعتقلات، وتراثنا المغتصب المصلوب على جدران النكبة وخشبة السجن والاعتقال، هم الإرادة المنتصرة على السجن والقيد وسلاسل السجان.