الأسير معتصم رداد .. نموذج من المعاناة لمرضى "سجن الرملة " - إسلام عبده
مكان أشبه بالقبر ممد فيه على سرير المرض، حراس مدججين حولك لا يعرفون للحياة طعم، محاط بالسلاسل والأغلال من كل جانب .. لا تقوى على رفع جسدك المنهك ، شرايين المحاليل الطبية تتصل بجسدك الهش لتمده بالدم والغذاء تنبت من لحمك تعلوا في السماء ، وصوت الجهاز الطبي كمؤقت قنبلة على وشك الإنفجار ... أوجاع آلام لا بداية لها ولا نهاية .. أقسى ما يمكن أن تفعله هو أن ترفع بصرك الى السماء وتمتم ببعض الكلام ولا يسمعك أحد .
مشهد لك أن تتخيله عزيزي القاري لحال الشاب الأسير معتصم رداد ابن الثلاثين ربيعاً المتواجد فيما يسمى بعيادة سجن الرملة منذ ثلاثة سنوات .. يعاني من سرطان الأمعاء ومشاكل صحية متعددة من التهابات في الرئة وفقر الدم ومشاكل في القلب ، وهو من الأسرى المهددة حياتهم بالخطر الشديد نتيجة اصابته بالالتهابات وأورام سرطانية في الأمعاء ونشوء مضاعفات ومشاكل صحية أخرى نتيجة الاهمال الطبي المتعمد ويخشى أن يكون هو الشهيد رقم 208 من شهداء الحركة الأـسيرة .. على طريق الشهيد ميسرة أبو حمدية وغيره الكثير من شهداء الاهمال الطبي .
هو الابن الأوسط بين إخوته حظى بمكانة خاصة في قلب أمه ، ترعرع وعاش في أكناف قرية صيدا في طولكرم .. اعتقل أول مرة عام 2002 وأفرج عنه بعد قضاء عشرين شهراً في سجون الاحتلال .
حب الجهاد والمقاومة وشغفه بالدفاع عن الأرض التي عاش وتربي فيها دفعته الى العودة مرة اخرى الى المقاومة ، جعل "اسرائيل" تضعه على قائمة المطلوبين لديها ، ليعيش بعد ذلك حياة المطار من مكان لآخر . حتى كان اليوم الذي تم فيه محاصرته في أحد المنازل في مدينة جنين وخاض خلالها اشتباكاً مع جنود الاحتلال ليتم اعتقاله في العام 2006 مرة أخرى ويوضع في زنازين التحقيق والتعذيب ويحكم عليه عشرون سنة ليعيش بين ظلمة القضبان وجبروت الاحتلال .
بدأت علامات المرض تظهر على الأسير معتصم بعد اعتقاله بعاميين عندما شعر بآلام شديدة ومغص في البطن ليتطور الامر شيئاً فشيئاً في اهمال واضح ومتعمد من قبل ادارة السجن ليصبح نزيفاً حاداً ودائم يخرج الدم من داخل معدته .
تقول والدة الأسير وبلكنة الفلاحة الفلسطينية وهي مبتسمة " إن معتصم له مكانة خاصة في قلبي رغم أن فرحتي به لم تكتمل إلا انني أشعر انه دائماً بجواري يشاركني همومي وأحزاني كعادته منذ صغره تحمل المعاناة منذ نعومة اظافرة ، كان ذراعي الأيمن في الحقل عند جني الزيتون والسوق ..كان مطيعاً يتمتع بهدوء شديد وسكينة كبيرة حتى انك لا تشعر بوجوده في البيت من شدة هدوئه ، حتى منذ صغره صغره عندما كان عمره 7 سنوات كانت تصرفاته كالكبار وكانه شاب ابن عشرين سنة".
والدته التي حرمت من أن تضمه إلى حضنها كعادته كما كان يفعل دائماً ، حاولت خلال حديثها معنا استحضار بعض المواقف الطريفة التي دائما تخفف عنها من ألم ولوعه الفراق ووجع الأم التي تنتظر خبر لا تتمني سماعه يوماً، وأن تلملم جراحها بابتسامة تذكرها بمعتصم ، وهي لا تكف عن الدعاء لابنها والرضا عليه بأن يشفيه ويعافيه وأن تنعم برؤيته قبل ان يفرق القدر بينهما كما فرق بينه وبين والده الذي توفي بعد اعتقاله بعاميين
عاهد رداد شقيق الأسير يقول أن وضعه الصحى في غاية الخطورة بسبب الاهمال الطبي الذي يمارس بحق الاسرى كما حدث مع أشرف أبو زريع وعرفات جردات وأخيرا الشهيد ميسرة ابو حمدية ،، ويريد الاحتلال من خلال ذلك أن يوجه رسالة للأسرى وذويهم أنه لن يفرج عن أي أسير مريض حتى الموت ،
يؤكد شقيق الاسير أنه ومنذ اربع سنوات ونحن نطالب بإدخال لجنة طبية وإدارة السجن ترفض، وخلال زيارة معتصم الاخيرة أخبرنا بأن ادارة عيادة سجن الرملة تبيت نية لقتله،
وفي ختام حديثه وجه شقيقه مناشدة عاجلة لجميع الضمائر الحية وتفعيل الحراك الشعبي والرسمي والدولي فيما يتعلق بقضية معتصم وإخوانه المرضى في سجون الاحتلال ، لانهم بحاجة الى وقفه واحدة من هذه المؤسسات الدولية ومن العالم الذي يهتم بحقوق الإنسان أن يتدخلوا وينقذوا حياة الاسير معتصم رداد
اذاً هي سياسية لا انسانية تعبر عن صلف وجبروت المحتل الذي لا يراعي حرمة انسان وحياة مريض ، ويقى الخوف مشروعاً على مصير حياة رداد في أن هو الأسير الشهيد رقم 208 ليلتحق بركب قافلة الشهداء الذين تم اعدامهم دون مقصلة في سجون الاحتلال .