نظرة فلسطينية للعدوان على سوريا - ماهر حسين
(في فلسطين نختلف ونتفق مع النظام ونتفق ونختلف مع الثورة ولكننا في فلسطين نرفض الاعتداء الإسرائيلي على سوريا )
. فلسطينيا" نحن شعب يطمح للحرية وللاستقرار وللسلام ...
فلسطينيا" نحن شعب يعيش تحت الاحتلال ويعيش كل يوم معاناة الاحتلال ... فلسطينيا" نحن شعب خبٍِر المعنى الحقيقي للجوء وعاش مخاطر اللجوء ومصاعب اللجوء ....
فلسطينيا" نحن شعب يتشرف بالانتماء إلى العرب فقضيتنا قضيتهم وقضايا العرب قضايانـــا ...
فلسطينيا" نحن نرتبط بتجربة خاصة مع بعض الدول منها الأردن الشقيق ولبنان الحبيب والعراق العظيم ومصر الشقيقة الكبرى وبالطبع الشــــام ودمشقها الحبيبة ولنا تجربة خاصة مع النظام الحاكم لها .
بالطبع خصوصية العلاقة الفلسطينية مع بعض الدول نابعة من الجغرافيا و هذا لا يمس بمحبتنا للكويت وللكبرى السعودية ولإمارات الخير والمحبة والعطـــاء....
فنحن نحب كل دولنا العربية ونتأثر بها ونحترمها ونرجو الخير دوما" لكل الدول العربية وللشعب العربي بكل مكان .
فلسطينيا" وبحكم العلاقة والجغرافيا والتاريخ فإن ما يحدث بسوريا يكتسب أهمية خاصة لدى شعبنا .
فسوريا ...دوما" كان لها حضور بحكم الجغرافيا والتاريخ والتأثير وعندما نتحدث عن الثورة الفلسطينية وعن القضية الفلسطينية فإننا نجد الكثير مما يُقال سياسيا" عن الدور السوري ...
البعض ينتقد هذا الدور والبعض يؤيده والبعض الأخر يتبع موقف النظام السوري بغض النظر عن الموقف وبالطبع هناك من يعارض الموقف السوري بغض النظر عن الموقف .
بطبيعتي أقف دوما" في المنتصف فلا أعادي نظام بشكل مطلق ولا أؤيده بشكل مطلق فانا اتفق مع موقف النظام وأعارض موقفا" أخر له محاولا" بكل الأحوال أن انطلق بتأيدي ومعارضتي من فلسطين . وعروبة فلسطين .
سوريا دوما" كانت في موقع التأثير على فلسطين وهذا لا خلاف عليه ...
فدولة مثل سوريا بحجمها وتاريخها يجب أن تمتلك صفة التأثير وعندما يكون هذا التأثير إيجابي فحتما" نحن معه وعندما يكون سلبي حتما" نحن ضده ولكن وللأسف في العهد الحديث من الدولة السورية بقيادة أل الأسد كان دوما" هناك محاولات سورية للسيطرة على القرار الفلسطيني أدت إلى اصطدام مع القيادة الفلسطينية وأساس هذا الصدام هو الدعم الدائم لمنظمات فلسطينية بهدف السيطرة على القرار الوطني مما أدى إلى خلق نماذج بائسة من أتباع النظام السوري على شاكلة المنشق أبو موسى والتابع الدائم للنظام السوري احمد جبريل حيث شكلت هذه المنظمات أساءه لشعبنا ولقضيتنا .
لو أن نظام أل الأسد وقف إلى جانب الشرعية وابتعد عن محاولات السيطرة على القرار الفلسطيني فحتما" سيكون الحال أفضل ومع كل ذلك وبعيدا" عن الخلاف السياسي فسوريا هي سوريا ...
وسوريا هي المدد والأساس والأمل . بعيدا" عن العلاقات مع سوريا فلقد ثار الشعب السوري سلميا" على النظام وتعامل النظام وللأسف بغرور مع هذه الثورة ولم يفهمها وتطورت الثورة من مطالب ببعض الحرية إلى ثورة عارمة تطالب بإسقاط نظام الأسد وبدأ العنف القاتل والملعون وبدأت الطائفية المقيتة تجد مكانا" لها في شام العز والفخـــــــار .
بالنسبة لي وللكثير من الفلسطينيين نحن نقف إلى جانب الشعب ونحترم رغبات الشعب ومطالبه بالديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد والمحسوبية فنحن بالطبع مع طموح الشعب السوري وإن كنا لا نستطيع التعميم .
بالنسبة لي وبمقالات سابقة انتقدت التعامل الرسمي السوري مع مطالب الشعب هناك وانتقدت الاعتقاد لدى بشار الأسد بأنه مٌحصن ضد الثورة لأنه مٌمانع فهذا الكلام غير صحيح بظل (الممانعة الكلامية) وبظل زيادة الفساد والمحسوبية وغياب الديمقراطية وتحول سوريا من جمهورية عربية سوريه إلى مزرعة لأل الأسد وأقاربهم وطائفتهم بل إن سوريا تحولت لتابع لإيران بشكل غير مسبوق .
كان على بشار ونظامه بان يفهموا بان الممانعة ليست كافية للمواطن السوري الباحث عن كرامته ولقمة عيشه ودوره الغائب .
كان على بشار ونظامه وعائلته بان يعلموا بان العلاقات مع إيران ليست بديلا" للعلاقة مع الشعب .
في نفس الوقت وبالقرب من سوريا وبالتزامن مع الثورة هنــــاك أستقر الأمر والحكم للإخوان المسلمين بمصر وبفعل ما شاهدناه من الإخوان أصبحنا نخشى الإخوان المسلمين وحكمهم ونظامهم وتنظيمهم الذي يشكل خطر على العقل العربي كما أنه يشكل خطر على الاستقرار العربي خاصة بظل التسويات الواضحة مع الاحتلال الإسرائيلي ...
لقد ظهرت عيوب الإخوان المسلمين بسرعة في مصر وتونس مما جعلنا جميعا" نخشى على سوريا من الإخوان ومن التطرف والتشدد ومن الغياب الفعلي لسوريا الدولة .
لقد شاهدنا الأخوان المسلمين وعيوب حكمهم وأدى هذا إلى تراجع البعض عن دعم الثورة السورية وكما أن ظهور تنظيمات متطرفة ومتشددة في سوريا أدى إلى خوف البعض من الثورة السورية ككل .
في ظل كل ما سبق فإن فلسطين وشعبها الراغب في الحرية والاستقلال والذي يتفهم مطالب الشعب السوري هو نفس الشعب الذي يخشى من القادم في سوريا ولكن الثابت لدى الفلسطيني وبكل الأحوال هو الرفض المطلق للتدخل الإسرائيلي في سوريا بضرب دمشق والاعتداء عليهـــا . الاعتداء على سوريا مرفوض ...
نختلف ونتفق على النظام ونختلف ونتفق مع الثورة ونختلف ونتفق معا" على تقييم الموقف حسب علاقتنا مع النظام السوري ولكن الجميع متفق على رفض الاعتداء على سوريا .
وبغض النظر عن موقفنــــا من النظام ومن الثورة فلقد شكل التدخل الإسرائيلي المباشر بضرب دمشق ضربة شعبية للثورة وللمعارضة وكما انه شكل فرصة للنظام لاكتساب شعبية وشرعية .
ويجب التوضيح هنــــا بأنه ومنذ اليوم الأول للثورة السورية لم ألمح للحظة واحده تأييد إسرائيلي للثورة فإسرائيل أوجدت علاقة مـــا مع نظام أل الأسد فسوريا الأسد هي التي عزلت العمل المقاوم عن الجولان مما جعل الجولان أهدأ حدود بالعالم وبالطبع إسرائيل لا تنسى دور النظام السوري وأل الأسد في خلق هذا الهدوء والحفاظ عليه ...
فبغض النظر عن أي ظرف إقليمي سواء انتفاضة فلسطينية أو اعتداء على غزة أو حرب بالجنوب اللبناني البطل فإن (الجولان) لا علاقة له بالأمر ...ممنوع الاقتراب من الجولان وممنوع العمل من هناك لان سوريا أهم ...
إسرائيل أوجدت تفاهم ما وهدنة ما مع سوريا الأسد الأب والابن وهذا واضح . بالنسبة لإسرائيل لم أرى بان هناك موقف مؤيد للنظام أو حتى للثورة في سوريا وما يهم إسرائيل معروف فهناك قضايا مرتبطة بالاستقرار وبالأمن وهذا ما يهمهــــا .
أخيرا" لست مع النظام وأخشى نتائج الثورة التي قد تجلب لنا صراعا" طائفيا" ودويلات ولكننا حتما لا نقبل أن يكون هناك اعتداء إسرائيلي على سوريا .
بالطبع هناك أحاديث عن رد سوري وهذا حتما" لن يكون فسوريا أيام قوتها لم ترد على اعتداءات إسرائيل واحتفظت بحق الرد بحثا" عن توازن استراتيجي ...
وهناك أحاديث عن حزب الله وهذا الحزب أمره ليس بيده أو بيد سيده حسن فمن المعروف بأن قرار الحزب يأتي من الشرق ...وهناك أحاديث مضحكة عن فتح الجولان للمنظمات الفلسطينية على شاكلة القيادة العامة والتنظيم المنشق عن فتح وهذه التنظيمات مجرد أسماء خاصة بعد أن التزمت حماس بموقف الأخوان المسلمين وتركت النظام السوري الذي وقف معها ودعمها !!!!
المعارضة والشعب السوري كما أظهرت وسائل الإعلام كبروا وهللوا للعدوان على سوريا وهذا بالطبع ليس نابعا" من حب لإسرائيل ولكنه حتما" نابع من كراهية شديدة للنظام جعلت الشعب والمعارضة غير قادرة سوى على أن تؤيد العدوان على سوريا ...
وخاصة بان الجيش السوري هو الجيش الذي يقاتل في شعبه . في الصراع الدائر وللأسف وبظل احتدام القتل قد تتغير الأولويات وقد يغيب الوعي ولكن فرح المعارضة وتهليلهم ليس خيانة وضرب إسرائيل للنظام السوري ليس رغبة بسقوطه وبكل الأحوال نرفض البلطجة الإسرائيلية بضرب دمشق .
في فلسطين نختلف ونتفق مع النظام ونختلف ونتفق مع الثورة ولكننا في فلسطين نرفض الاعتداء الإسرائيلي على سوريا .