الأنتخابات الأيرانية والرهانات الغربية : الأسير ماهر عرار /سجن النقب
هل تستحق الأنتخابات الأيرانية هذا القدر من الترقب والتكهن والتغطية
التحليلية من قبل الغرب والعرب وكل مواكب ومهتم بالشأن الأيراني؟ تساؤل
مشروع ويكتسب قوته وفاعليته ،على خلفية أرتهان السياسات الغربية والعربية
على صعيد الأزمة النووية وبقية الملفات الاقليمية والدولية الساخنة وذات
الصلة بيد أيران الطولة والعبثية في المنطقة ،و أحالة الأستراتيجيات
والتكتيكات لحين صعود الدخان الأبيض من المعبد الأيراني ومعرفة أي الفريقين
في معادلة
النظام الأيراني سينتصر في هذه المعركة الوهمية بين الاصلاحيين والمحافظين
في كنف عمامة المرشد. أي أن الغرب يراهن على متغير وتطور داخلي من شأنه أن
يلقي بظلاله على سياسات ايران الخارجية وعلاقاتها الأقليمية والدولية
وأنعكاس ذلك بأتجاه التسويات والحلول السياسية العالقة.أعتقد أن أنتظار
القادم أو المرجو الأيراني عبر مؤسسة الرئاسة من قبل الغرب والعرب هو مدعاة
للسخرية ودليل على الغباء السياسي ،أذ هل من العقلانية الرهان على التحول
من الداخل ؟ من الناحية النظرية قد يبدو الرهان واقعي ومنطقي ،بيد أنه من
الناحية الواقعية والسياسية يمثل
وهما وخرافة لا بل رهان على حصان خاسر ،فأذا كان الغرب يعتقد أن التيار
الاصلاحي في داخل ايران هو بمثابة حصان طراودة ،فلا جدال بأن هذه سذاجة
سياسية ومحدودية في رؤية وقراءة لطبيعة الطينة والتركيبة الأيرانية في
معادلة النظام ،حيث أن التباين السياسي الداخلي بين أصلاحي ومحافظ ،هو
تباين عرضي ولعل الوصف الأدق له يتمثل في حقيقة أنه صراع بين جيلين يختلفان
تكتيكيا ويتفقان أستراتيجيا ،ولنسوق في ذلك نموذج يتمثل في موقف التيارين
من الحقوق القومية سواء فيما يتعلق بهوية الخليج سيما الحق في المكتسب
النووي التقني الذي يمثل جوهر الصراع بين
الغرب وأيران،أذ نجد أن ثمة وحدة موقف خلف هذه القضايا وهي برسم الثابت
العقائدي لدى التياريين ..أن الصراع الداخلي الايراني لا يعد صراع بين
نهجين أو سياستين كما يذهب البعض الى تفسيره،حيث أن النزعة القومية والأرث
الفارسي الأمبراطوري على صعيد المنطقة والعالم ،هي عقيدة متأصلة في الوعي
والسياسة والتاريخ الأيراني منذ كسرى مرورا بالدولة القاجارية والبهلوية
والشاه والخمينية، سواء لدى السياسيين أو النخب والمثقفين ورجال الدين
..هذه الحقائق توجد قراءة أكثر منطقية وواقعية لطبيعة الصراع الأيراني
،خلافا لرهانات الغرب والعرب القابضين على
جمر الأنتظار والتحول من الداخل ،تتمثل في أن الصراع في أيران يختلف عنه
في أي نظام ومعادلة سياسية أخرى ،فالصراع يرتكز على قضايا داخلية أقتصادية
وأجتماعية أي حول هيمنة المرشد والمحافظين على الحياة الداخلية أقتصاديا
وأجتماعيا، بمعنى حول سيطرة رجال الدين على الدولة على حساب مؤسسة الدولة
،وبالتالي نفهم أن الأصلاحيين يناضلون في أطار البحث عن موطأ نفوذ وحضور في
هذه الثيوقراطية العقائدية الجمعية،فلا عجب أذا ما حقق الأصلاحيين أنتصارا
على خصومهم المحافظين،مع الأبقاء على أستراتيجية أيران الخارجية أقليميا
ودوليا ،حيث أن البعد القومي
ونزعته محدد وضابط سياسي ورئيسي لدى الأصلاحيين كما هو لدى المحافظين
...ولعل الترقب الغربي والأنتظار للقادم المتحول في أيران،أبلغ دليل قطعي
على أن أيران لاعب قوي ومحوري له الدور الفاعل في تحديد قواعد اللعبة
الأقليمية والدولية.