الأسرى.....شهداء مع وقف التنفيذ... أمعاء ناطقة تتحدى قضبان صامتة- أسعد عودة
وكأن خطاهم تحكي رواية الوجود منذ الأزل، باردة مبطنة بلهيب يلذع الروح, جبارة زعزعت اللحن والحروف، فأي عزة هم يرتدون؟! رغم العتمة وظلم السّجان، إلا أنهم متمسكين بكرامتهم, لماذا يا ترى؟ لأن الدم الفلسطيني في عروقهم يجري، نعم فهذا شعب يتصبح ببندقية ويغفو على أوتار من حجر، كانت وصية الأجداد تلك، وها هي الوصية تشهد أن بالعلقم حياتنا تنغمس، فهذا فقد أبا وهذا لم يعد له بيتا، وهذه حُرِمت من فلذة كبدها، حتى السماء تبكي من آهاتها، التي تعيد القلب إلى رمالٍ مبللة.
منذ سنوات قليلة، زادت القوانين الظالمة في سجون الاحتلال، وتعددت طرق التعذيب النفسي، يبقى الأسير أيام وسنوات دون حكم، ينتظر عسى أن يصدر أمرا به وربما لا يصدر، وكأن الإنسانية عُدِمت في هذا الزمن، حتى الكراسي لم تحرك ساكنة، ابن الوطن يموت مقابل نيل رضى ذلك الغريب؟! يهتمون بأتفه الأمور وهناك بشر أمعاءهم تناجي هل من مجيب؟ فالحمد لله في موسوعة (جينيس) أصبحنا مذكورين، بأكبر طبق(كنافة) وثوب الوطن العريق، استيقظوا يا أمة الإسلام والمسيح، هناك أرواحا لاترى مشرق الشمس ولا المغيب.
نسمع أصوات ترفض الخروج من أفواه أصحابها تدين الأسرى على ما هم فيه وتقول هذا الأمر انتحار وهذا حرام والعديد من الذين استهانوا بالأسرى وراهنو على سقوطهم و وقفوا ينتظرون حتى يموتون.
أقول لهم أن الأسرى استعانوا بالإضراب لعلَّ صوت الأمعاء يُسمع، لأن صوتهم لم يعد مسموع، افتخروا يا شموع المقاومة أنتم من أعدتم صياغة التاريخ، أنتم من أخجلتم الشيب وكسرتم قسوة الحجر، أنتم من استصرختم أفواه أمهاتكم بقول الحق: أيا بشر على أي سطر نحن نمكث؟ وكيف لنا على حمل النقاط فوق الرؤوس؟! أنتم من استغاثت أمعاءكم ناطقة: في منفى أنا وليس هو بمنفى! أتجرع أكوابا هواءها كاد أن يُنسي العزة حروفها، فيا ويلتاه على عرب اختلسوا الكرامة رسما دون معنى، سامر منك أنا فإن عنك تخلوا قل لهم أن للروح بارئها.
وبالأمس انتصرت إرادة العيساوي و سينتصر جميع الأسرى على السجان .
هم من أرادوا أن يوصلوا لجميع الدول العربية وللعالم اجمع أن فلسطين لا تنتظر من قطر أو السعودية أو أي دولة أن تأتي من اجل أن تحررها ألا أن أبناء فلسطين قالوا كلمتهم بإرادتهم و عزمهم هم الذين سيقومون بتحريرها وطرد المحتلين منها حتى أخر محتل انتفاضة بدائها الأسرى وتبناها جميع أبناء الشعب الفلسطيني و ستستمر حتى أخر قطرة دم فلسطينية حتى أخر شبر من الأراضي الفلسطينية.
هناك على تلك القضبان صُلِبت الحرية، إما نحن ذهبنا في سبات بقيت هي تحرس ذاك الطفل ذاك الشاب ذاك العجوز وتلك الأنوثة الفلسطينية، التي هزت قبعة السجان الغاصب، فكم من أنامل صغيرة خطت الحلم ووصلت، إلا أحلام شعبي مأواها جدران زنزانة حقيرة، لا تقي من برد ولا حر، زمان ما كانت الأم تسدل اللحاف وتُبرد الجبين بقبلتها انطوى، وآن الآوان ليرجع ذلك الزمن، كفانا ذل واستحقار وخيبات تقتل الأمل، يكفي أن فلسطين أم لنا، يكفي ان العيساوي وشراونة وجميع الأسرى شرف لنا، إن موقفهم هو أعظم موقف بالتاريخ، الخالق معكم وقلوبنا لن تنساكم، وإن سمعتم أنين الأم قولوا لها: لا يا أماه زغردي وإياكي أن تنثري دمعا في هذا الوطن ليس له مأوى.