كيري متفائل والواقع أكثر تعقيداً- يوسي بيلين
انتهت الجولة الرابعة لوزير الخارجية الاميركي جون كيري في الشرق الاوسط في الاردن بلقاء مع الملك عبد الله ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ولن يغير هذان اللقاءان حقيقة ان الجهد الاميركي لتحريك المسيرة السياسية وتقديمها قدما تقديما حقيقيا لا ينجح. ويبين الذين حوله ان هذه ليست الجولة الاخيرة وستأتي الزيارة الحاسمة كما يبدو في حزيران. فهل الفرصة التي منحه إياها اوباما قد استنفدت بلا شق طريق أو ينجح في إجلاس الطرفين مع ملك الاردن في لقاء مصور يبدأ تفاوض بعده؟
لا ينمي أحد آمالا كبيرة جدا، واذا تم الاتفاق على بدء مسيرة بغير شروط مسبقة أو مع قبول جزئي من اسرائيل لهذه الشروط المسبقة فسيكون ذلك مفاجأة حقيقية، ويشيع كيري التفاؤل.
إن كيري يؤمن بأنه فتحت نافذة فرص وشجعه على ذلك زيارة وزراء الخارجية العرب لواشنطن واعلان رئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها الاستعداد لتبادل أراض بين اسرائيل والدولة الفلسطينية التي ستنشأ. وهو يعتقد ايضا ان الحديث الآن عن فرصة تنبع عن مواجهة عدة دول الجبهة الايرانية – السورية.
إنه يتذكر التحالف العربي في حرب الخليج الاولى، ويؤمن بأن تلاقي المصالح الذي نشأ آنذاك في مواجهة الغزو العراقي للكويت يعود الآن: فقد وجدت دول الخليج والعربية السعودية والاردن ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية وحتى حماس أنفسها مع اسرائيل في مواجهة محور ايران – سوريا – حزب الله.
وهو يؤمن بأنه يمكن إحداث شيء جديد والرابط الأفضل هو العدو المشترك. ويعتقد كيري أن حكومة اسرائيل الحالية أكثر ليونة لتسوية من تلك التي سبقتها وهو على يقين من انه اذا حدث اجراء سياسي فسيقفز حزب العمل الى العجلة ويعوق معارضة البيت اليهودي اذا وجدت.
إن كيري مصمم الآن على الاتجاه الى تفاوض فقط في الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية وفي الترتيبات الامنية المطلوبة بين الدولتين، وبعد ان يتوصل الطرفان بينهما الى اتفاق كامل على هذين الشأنين يتم بعد ذلك التباحث في الشؤون الاخرى – القدس واللاجئين والمستوطنات – مع كسر المبدأ القديم وهو "لا يتم الاتفاق على شيء ما لم يتم الاتفاق على جميع الموضوعات في جدول الاعمال". وكل ما يتم الاتفاق عليه يوضع جانبا ولا يكون مفتوحا لتغييرات بسبب التفاوض في الشؤون الاخرى.
ويؤمن وزير الخارجية الاميركي بأن الرئيس عباس سيفي بوعده وهو انه اذا اتخذ في الجمعية العامة للامم المتحدة قرار الاعتراف بفلسطين دولة مراقبة، فسيتخلى عن شروطه المسبقة لاجراء التفاوض (وهو الوعد الذي نقضه على أثر نشر نية اسرائيل ان تبني في المنطقة E1). وهو يؤمن بأن نتنياهو يستطيع التوصل الى اتفاق على حدود دائمة حتى لو كان ثمن ذلك تأخيرا طويلا لبعض تنفيذ ذلك.
أرى في تقديري أن كيري متفائل جدا. لأنه يصعب علي أن أرى اتفاقا دائما على الحدود وذلك خاصة لأنه من غير الممكن فصل الحدود عن قضية القدس، وعن الاشتغال بشأن اللاجئين بعد ذلك. وآمل أن يكون على حق وأتمنى نجاحه.
لكن من المهم انه اذا نشأت مسيرة سياسية ان يتمكن الطرفان من الخروج من القناة الدائمة الى قناة التسوية المرحلية التي تبدو لي أكثر عملية اذا أخذنا الواقع في الحسبان وإلا أمكن ان تفضي خيبة الأمل الى انكسار.