" كتالوج " اغتصاب الثورات باسم الدين- موفق مطر
ليتهم يتركون الشعب السوري وشأنه, تتدبر ثورته امورها مع النظام, فتدخل "مشايخ" وجماعات وأحزاب, وحماستهم لإرسال مسلحين بأحقاد مذهبية, مجردين من مفاهيم الحرية والإخاء الانساني, وضغط عقولهم بمعلومات "كتالوج اغتصاب الثورات" وشحنهم بطاقة عنصرية من مولد تعاليم السلطويين الدكتاتوريين القدماء المتجددين, ادى حتما الى ظهور جرائم يكاد المرء منا لا يصدق انها تحدث فعلا في سوريا, بلاد الحضارة .. لكنها الحقائق والوقائع المدفونة كخلايا ماموث متجمدة على مدى القرون المتوغلة في سجل التاريخ, فتحولت هذه الخلايا الهمجية في بيئة ومختبر النظام الدكتاتوري على مدى اربعين عاما الى خلايا حية, نمت وترعرعت بسرعة تفوق سرعة الضوء نسبيا في حاضنة عنف مذهبي وطائفي اصطنعها النظام خصيصا للقضاء على آمال الشعب السوري بالحرية والديمقراطية, فكانت صورة اعدام فتى ( 15 عاما ) أمام والديه وجيرانه والمارة بطلقتين في العنق والرأس بحجة شتم وسب الرسول محمد عليه الصلاة والسلام !!
لو كان محمدا حيا وشتمه هذا الصبي, لأخذه رسول المحبة والسلام الى صدره, وترفق بكفيه على رأسه, والقى على مسامعه وفي قلبه كلمات هدى وعاطفة وحب، ثم ربت على كتفه وقال له: كن خلوقا يا بني حتى يحبك الناس, لكن استغلال هؤلاء الهمجيين لظلام الفوضى, والفراغ الأمني، وانشغال الوطنيين الأحرار الحقيقيين بالدفاع عن شعبهم وتحقيق اهداف ثورتهم, ليتسللوا من الخطوط الخلفية, بثياب الثوار وسلاحهم, ويقدموا على اغتصاب الثورة، وافتعال جرائم ضد الانسانية, وزيادة على ذلك تصوير افعالهم التي يندى لها جبين الانسانية, وكأنهم في سباق محموم مع جرائم الجنود الطائفيين في قوات الأسد والحرس الثوري من بلاد فارس ومن فرق الأحزاب الطائفية الناطقة بالعربية في البلاد المجاورة ونشره هذه الصور بهدف الارعاب والارهاب, ومآرب اخرى تصب كلها في خدمة النظام, الذي يعمل على تدمير الحاضنة الجماهيرية, وتحويلها الى جمر يحرق المناضلين المخلصين .
بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 حاولت جماعات وأحزاب اسلامية التسلل الى حركة فتح لاختطاف الثورة الفلسطينية, لكن وعي القيادة حينها اجبرهم على الانكسار والتراجع, لكنهم استنسخوا الشيطان في عمليات ممنهجة اثرت سلبا على الحاضنة الجماهيرية للثورة الفلسطينية في الاردن ولبنان, ولا يخفى علينا انقضاض هؤلاء على الحراك الجماهيري في تونس ومصر وتمكنهم من اختطاف آمال وأهداف ملايين الشباب والرجال والنساء الذين ما تحركوا الا ليقيموا العدل والمساواة, وينشئوا النظام الديمقراطي, فاذا بهم امام دكتاتورية افظع وأشد ايلاما.. لكنها باسم الدين, وهكذا يفعل أمثال هؤلاء في سوريا, وان كان على نطاق ضيق, عبر تطبيق النسخة الطالبانية لإرهاب المجتمع لضمان السيطرة !!
ليس هؤلاء سوريين حتى وان كانوا من آباء وامهات سوريين, ليس هؤلاء الا مجرمين بلا جنسية ولا دين ولا مذهب حتى وان كانت لحاهم تلامس ركبهم, فهؤلاء جنود رغباتهم وشهواتهم السلطوية, وجنود فرقة المعادين أبدا للحرية والديمقراطية, الذين يفضلون العمى على رؤية الانسان فخورا بكرامته وقيمته وحقوقه الانسانية, انهم العدو الذي خرج فجأة على قانون المحبة والتسامح الذي خطه الشعب السوري منذ أن خط الأبجدية للناس اجمعين.
لم يعرف السوريون هذا النوع من الجرائم ضد الانسانية, فالهمجية دخيلة على مجتمع ما كان له ان يكون صانع حضارة لولا مبدأ المحبة والتسامح, فالمجتمع في سوريا يلتقي على دين السماء حتى وان تعددت السبل اليها, والسماء لا ترضى بأقل من تقديس الانسانية واحترام الانسان جسدا وروحا. اما من ادعى انه يقتل باسم الله فانه شريك بالجريمة ضد الانسانية حتى وان لم يك يحارب تحت راية جيش الأسد. أو رفع راية مطرزة بمصطلحات دينية, فالشعوب تثور لتتحرر من الجلاد لا ليأتيها جلاد جديد ظالم باسم الدين.