الطفلة تالا من مخيم جنين : امنيتي وحلمي ان اعيش دون الم و"ابر" حقن
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
مخيم جنين – تقرير علي سمودي - نهضت من نومها سعيدة والسعادة اصبحت شبه معدومة في حياتها المريرة ولكنها عاشتها للحظات وهي تقص على مسامع والدتها التي لم تعد تعرف للنوم طعما من شدة قلقها على حياتها ، تفاصيل الحلم الجميل الذي تشاهده لاول مرة في منامها فمنذ سنوات وكوابيس مروعة تسكن حياتها ، ولكن الحلم الذي افرحها يعتبر الحلم الحقيقي لها ولعائلتها ولكل من عرفها وبكى وما زال لحالتها الماساوية، فبينما كرمها الله برحمته الواسعة وما زال يمنح قلبها الضعيف القوة لينبض بالحياة ما زالت تلك الطفلة الصغيرة تنتظر قلوب البشر لتتلمس عذابها المستمر والمها الذي لا تحتمل جبال ولكنها ما زالت صابرة متوكلة على الله ان يفرج كربها ويحررها من حياة الالم التي تلازمها حتى في احلامها التي رات فيها نفسها وقد اجرت العملية الجراحية في المانيا وتعافت ، فلم تجد والدتها الصابرة معها سوى الدموع والدعاء لله ليجعل ذلك ممكنا وقبل فوات الاوان .
تلك سطور من حياة البؤس والالم التي تعيشها الطفلة اللاجئة تالا بسام ابراهيم بني غرة (12 عاما ) التي تنحدر عائلتها من قرية المنسي قضاء حيفا وتسكن منذ نكبة عام 1948 في بيت متواضع في مخيم جنين و التي تبكي حكايتها الشجر والحجر والصخر قبل البشر بعدما خطف المرض المباغت صحتها وحياتها وحولها لطريحة الفراش ورهينة الالم بعدما اصيبت بالشلل اثر اصابتها بمشاكل في القلب قبل عدة شهور .
حياة تالا
عندما كان مخيم جنين يتعرض للقصف والدمار بسبب الاجتياحات الاسرائيلية للقضاء على مقاومة اهلها الذين صمدوا وتصدوا لالة الحرب الاسرائيلية بكل الاشكال بما فيها التمسك بارادة الحياة والصمود والثبات ، كانت تالا تولد في 3-5-2000 في المستشفى الملاصق للمخيم الذي عاشت فيه عائلتها بصمود وثبات رغم كل الويلات والماسي التي تعيد للاذهان صور الحكايات القديمة لرحلة اللجوء لوالدها الذى عانى من التشرد و الفقر ولكنه كافح لتوفير حياة كريمة لاطفاله ابراهيم ( 15 عاما ) تالا (12 عاما ) وصهيب 10 سنوات .
عاشت تالا حياتها بشكل طبيعي كلل الاطفال اللجوء في المخيمات يتمسكون بالحياة رغم الاحتلال وما يرسمه من صور معاناة حرمتهم حياتهم وطفولتهم،ولكن عائلتها حرصت على رعاية اطفالها .
ومنذ ولادتها لم تعاني تالا من اية امراض، كما تروي والدتها المربية نجاة اسماعيل ابو قطنة ، فقد انجبتها بولادة طبيعية لتكون الثانية في عائلتها المكونة من 5 انفار ، وتقول والدتها " في المستشفى انجبت تالا وتمتعت بصحة ممتازة وعاشت حياتها دون اي مشاكل ،وكبرت مع اشقائها وسط حرصنا على تعليمهم وتربيتهم بافضل طريقة رغم ظروفنا الصعبة ".
تقاسم الوالد قبل مرضه مع زوجته الحياة بحلوها ومرها ، فعمل في عدة مهن لتوفير حياة كريمة لاسرته وساعدته رفيقة دربه زوجته التي تحمل الجنسية الجزائرية من خلال عملها كمدرسة ، ومن شدة حبها وتعلقها بطفلتها تالا حرصت على ان تلتحق بالدراسة في مدرسة قرية كفرقود التي تدرس فيها ، وتقول " منذ صغرها كانت مميزة بالنسبة لي وقريبة من قلبي ورغم حبي لكل ابنائي كان لتالا منزلة ومكانة خاصة لذلك الحقتها في المدرسة التي اعمل بها لتكون لجانبي دوما ".
بين الطموح والنكبة
تبكي الوالدة لصابرة وهي تساعد طفلتها بالتنقل على فراشها ، فهي تعجز عن تحريك نفسها وتحتاج لمساعدة في قضاء ابسط احتياجاتها بعدما اصبحت غير قادرة على النوم الا على ظهرها ، وتقول " حياتي بؤس ودموع منذ مرض طفلتي واحيانا لا اصدق ان تالا الطفلة البرئية كثيرة الحركة والنشاط التي كانت تملا البيت والدنيا علينا عاجزة عن الحركة فقدت كل حياتها واحلامها وطفولتها "، وتضيف " حديثها وتصرفاتها كانت اكبر من سنها ، تصلي وتصوم وتحفظ القران الكريم ، مطيعة لوالديها ومحبة لاسرتها والحياة ".
تعرض ام تالا شهاداتها المدرسية وهي تبكي وتقول " بسبب المرض انقطعت عن مدرستها وحرمت من التعليم رغم انها كانت طالبة متفوقة في دروسها في كافة الصفوف ، كانت هوايتها الرسم وتحب الرياضة ولكنها لم تعد قادرة على الدراسة والحركة ، انها اكبر مصيبة بحياتي فطفلتي كانت تطمح ان تصبح طبيبة اسنان ولكنها اليوم تعيش نكبة لم اتوقعها في اسوا كوابيس حياتي فهي غير قادرة على اكمال شرب كاس ماء ".
المرض المفاجيء
تنهمر دموع والدة تالا المربية التي افنت حياتها في التعليم والمشاركة في الحملات الشعبية بعد مجزرة مخيم جنين كمتطوعة لايصال صوت ورسالة الشعب الفلسطيني كونها تجيد اللغتين الانجليزية والفرنسية وساهمت في انقاذ حياة العديد من العائلات المنكوبة ولكنها تعجز عن ايجاد حل للنكبة التي حلت بطفلتها مؤخرا بعدما اصبحت في الصف السابع ، وتقول " بدات ماساتنا في مطلع شهر ايلول الماضي بعد انتظام الدوام الدراسي ، فجاة اشتكت تالا من الم في الراس والمعدة وحالة استفراغ ، فسارعنا لعرضها على الاطباء معتقدين انها حالة مرضية عادية ".
اختفلت تشخصيات الاطباء ورغم العلاج اصيبت الطفلة بمضاعفات مختلفة ، وتقول والدتها " تدهورت حالتها الصحية بسرعة واصبحت تتقيا اي شيء سواء اكلت ام لا ، ورغم خضوعها لعلاج مكثف في المستشفى واجراء الفحوصات لازمها المغص والم الراس والتقيؤ وفجاة اصبحت طريحة الفراش".
صدمات وماسي
صدمة قاسية عاشتها العائلة بسبب تتالي الصدمات مع تفاقم حالة تالا التي جرى عرضها على اطباء قلب متخصصين وكانت النتيجة القاسية بعد الفحوصات ان الطفلة مصابة بمرض تضخم القلب التوسعي، والذي يعتبر في لغة الطب كما افاد الاطباء الذين تابعوا حالة الطفلة في مستشفيات "هداسا" في الداخل والمقاصد الخيرية في القدس انه حالة نادرة من امراض القلب والتي لا يتوفر علاج لها في اسرائيل وفلسطين .
وتقول ام تالا " واجهنا صدمة كبيرة ولم نصدق التشخيص رغم انه صدر عن افضل اطباء الاختصاص وتابعنا الفحوصات وصور الاشعة ولكن كان قرار الاطباء واحد ان تالا تعاني من تضخم القلب التوسعي وهذا يعني قصور في وظائف القلب يهدد المصاب في كل لحظة بتوقف عضلة القلب والوفاة "، واضافت " والمصيبة الكبرى ان الاطباء ابلغونا ان الحل زراعة قلب وهو غير متوفر هنا وتكاليفه باهظة جدا ".
الم وعذاب
تلك النتائج شكلت نكسة كبيرة للعائلة التي تعيش ظروف ماساوية تفاقمت بعدما اصيب رب الاسرة (44 عاما ) باعاقة حركية افقدته عمله الذي تعتمد عليه عائلته في معيشتها ، فاصبح طريح الفراش ولا يقوى على الحركة دون الاستعانة بالعكازات بسبب عجزه عن توفير تكاليف اجراء عملية زراعة مفاصل صماعية في الحوض ليتحرر من الاعاقة .
اصبحت الزوجة امام تحدي كبير في مواجهة الماساتين زوجها واعاقته وعجزه وطفلتها ومرضها وعدم توفر ادنى امكانية لعلاجها ، وتقول " لم نملك سوى الصبر والايمان بالله ، زوجي تحمل المه وقاومه وكرسنا حياتنا في سبيل علاج طفلتنا وانقاذ حياتها بعدما عرضنها على طبيب فرنسي ابلغنا ان قلبها لا يحتمل وتحتاج لعملية سريعة وكل دقيقة تمضي تضاعف من الخطر على حياتها ".
وهذا ما حل بحياة الطفلة ، التي تحولت لجحيم ومسلسل الم لا يتوقف فاصبحت تقضي حياتها بين الاطباء وغرفة العناية المكثفة ، وتقول والدتها " استمرت الانتكاسات في حالة طفلتي حتى اصبحت في وضع سيء جدا بعدما اصيبت بانخفاض في الضغط وتقيؤ مستمر وادخلت غرفة للعناية المكثفة في مستشفى المقاصد وتم انقاذ حياتها عن طريقة الاجهزة منعشة للقلب فتحسنت حالتها وقرروا لها عدة ادوية "، وتضيف " في تاريخ 14-11-2012 ، قام الطبيب الايطالي ستيفان لويزي بفحص تالا في مستشفى المقاصد وابلغنا ان الحل الوحيد زراعة قلب وهذا غير متوفر فلسطين ".
البحث عن امل
الوالدة التي اصيبت من الحزن والبكاء بامراض الضغط والسكري تخلت عن حياتها واصبحت تعيش لطفلتها والبحث عن علاج ، وفي نفس الغرفة التي ترقد فيها تالا في منزلها تلازم والدتها جهاز الكمبيوتر وتستثمر اتقانها للغات الفرنسية والانجليزية للبحث عن الحل ، وتقول " في البداية قدمنا اوراقها لكافة الجهات للحصول على تحويلة لعلاج طفلتي في الخارج ولكن لم يستجيب احد لصراختنا بينما كانت حالة طفلتي تتدهور يوميا "، وتضيف " كتبت قصتها بكل اللغات وراسلت عشرات المؤسسات والجمعيات الفلسطينية والعربية والاجنبية بالخارج ، وبحث عن اطباء ومستشفيات متخصصة لانقاذ حياة طفلتي ".
في العناية المكثفة
دون ياس او كلل تعمل ام تالا ليل نهار في استخدام كل السبل الاتصالات والانترنت والفيس بوك لانقاذ حياة الطفلة التي تعيش منذ اسبوع في غرفة العناية المكثفة في مستشفى الرازي في جنين ، وتقول " لم اعد قادرة على النوم وابنتي تموت امامي ، تركت كل حياتي وبيتي وعملي وطفالي في سبيل انقاذ حياة تالا التي داهمتها نوبة الم جديدة ، حيث تشتد اوجاعها لان عضلة القلب تزداد ضعفا ،وهي من شدة المرض تعاني من الم في الظهر والصدر وسعال "، وتضيف " من شدة الالم اصبحت غير قادرة على النوم ، فهي تستلقي طوال الوقت على جنبها ومن المؤلم ان حالة طقلتي تسؤ وانا اتحسر واتالم لعجزنا وليتني اتمكن ان اعطيها قلبي لاحررها من حيلة الجحيم التي تعيشها ".
اريد ان اعيش
رغم الالم والحزن ، ترسم الطفلة البرئية ابتسامة لا تفارق محياها طوال الحديث تعبر عن ارادتها ومقاومتها وتمسكها بالامل ، وتقول " امنيتي وحلمي ان اعيش واغادر فراشي واعود لمدرستي واتخلص من الابر والالم والادوية ، انني مؤمنة ومتوكلة على الله ".
ورغم عجز الاطباء عن ايجاد مكان في جسدها لغرز الابرة لتزويدها بالمضدات، قالت وهي تتالم " حلمت انني اجريت العملية ونجحت ، واصلي لله في كل يوم ان يحقق حلمي ويشفيني من المرض، فانا حزينة لان كل عائلتي تتالم واصبحت حياتنا في المستشفى وغرفة العناية المكثفة ، يا رب اشفني واعطيني الحياة ".
الامل الاخير
كلمات ابكتنا جميعا مع والدتها التي انهمرت دموعها وهي التي لم يبقى باب الا وطرقته بحثا عن المساعدة لعلاج طفلتها ، وبعد جهد ومعاناة واتصالات مستمرة وبمساعدة الدكتور الفلسطيني العامل في ايطاليا يوسف عبد الغني ( العضو في تجمع الاطباء الفلسطينين في اوروبا ) تلقت الخبر السار بموافقة مستشفى "بابا جيوفاني" في مدينة بيرغامو في ايطاليا على اجراء العملية زراعة قلب للطفلة ، وقالت الوالدة " لاول مرة اشعر ان الحلم بدا يتحقق ويمكن انقاذ حياة طفلتي ، فالجهود الكبيرة التي بذلها الدكتور يوسف ومتابعته لملف طفلتي الطبي حقق الموافقة "، وتضيف " لكن اجراء العملية بحاجة لتغطية تكاليفها الباهظة فورا اضافة لتقديم تعهد مكتوب ورسمي من وزارة الصحة الفلسطينية باستكمال العلاج بعد عودتها من ايطاليا وتوفير الادوية والفحوصات المناسبة ".
تبكي ام تالا وتقول " لا ادري ، هل المفروض ان افرح ام احزن ، فانجاز العملية وهي الامل الاول والاخير والوحيد لمنح طفلتي حياة جديدة بحاجة لتوفير الضمانات لذلك اناشد الرئيس محمود عباس ووزير الصحة منحنا التعهد المطلوب فورا "، وتابعت " واناشد ابناء شعبي واهل الخير واصحاب الضمائر الحية في فلسطين الوقوف لجانبنا والتبرع لتغطية تكاليف العملية فطفلتي في غرفة العناية المكثفة منذ اسبوع وحالتها كل يوم تسؤ فارجوكم اغيثونا وانقذوا حياة طفلتي قبل فوات الاوان ".
zaمخيم جنين – تقرير علي سمودي - نهضت من نومها سعيدة والسعادة اصبحت شبه معدومة في حياتها المريرة ولكنها عاشتها للحظات وهي تقص على مسامع والدتها التي لم تعد تعرف للنوم طعما من شدة قلقها على حياتها ، تفاصيل الحلم الجميل الذي تشاهده لاول مرة في منامها فمنذ سنوات وكوابيس مروعة تسكن حياتها ، ولكن الحلم الذي افرحها يعتبر الحلم الحقيقي لها ولعائلتها ولكل من عرفها وبكى وما زال لحالتها الماساوية، فبينما كرمها الله برحمته الواسعة وما زال يمنح قلبها الضعيف القوة لينبض بالحياة ما زالت تلك الطفلة الصغيرة تنتظر قلوب البشر لتتلمس عذابها المستمر والمها الذي لا تحتمل جبال ولكنها ما زالت صابرة متوكلة على الله ان يفرج كربها ويحررها من حياة الالم التي تلازمها حتى في احلامها التي رات فيها نفسها وقد اجرت العملية الجراحية في المانيا وتعافت ، فلم تجد والدتها الصابرة معها سوى الدموع والدعاء لله ليجعل ذلك ممكنا وقبل فوات الاوان .
تلك سطور من حياة البؤس والالم التي تعيشها الطفلة اللاجئة تالا بسام ابراهيم بني غرة (12 عاما ) التي تنحدر عائلتها من قرية المنسي قضاء حيفا وتسكن منذ نكبة عام 1948 في بيت متواضع في مخيم جنين و التي تبكي حكايتها الشجر والحجر والصخر قبل البشر بعدما خطف المرض المباغت صحتها وحياتها وحولها لطريحة الفراش ورهينة الالم بعدما اصيبت بالشلل اثر اصابتها بمشاكل في القلب قبل عدة شهور .
حياة تالا
عندما كان مخيم جنين يتعرض للقصف والدمار بسبب الاجتياحات الاسرائيلية للقضاء على مقاومة اهلها الذين صمدوا وتصدوا لالة الحرب الاسرائيلية بكل الاشكال بما فيها التمسك بارادة الحياة والصمود والثبات ، كانت تالا تولد في 3-5-2000 في المستشفى الملاصق للمخيم الذي عاشت فيه عائلتها بصمود وثبات رغم كل الويلات والماسي التي تعيد للاذهان صور الحكايات القديمة لرحلة اللجوء لوالدها الذى عانى من التشرد و الفقر ولكنه كافح لتوفير حياة كريمة لاطفاله ابراهيم ( 15 عاما ) تالا (12 عاما ) وصهيب 10 سنوات .
عاشت تالا حياتها بشكل طبيعي كلل الاطفال اللجوء في المخيمات يتمسكون بالحياة رغم الاحتلال وما يرسمه من صور معاناة حرمتهم حياتهم وطفولتهم،ولكن عائلتها حرصت على رعاية اطفالها .
ومنذ ولادتها لم تعاني تالا من اية امراض، كما تروي والدتها المربية نجاة اسماعيل ابو قطنة ، فقد انجبتها بولادة طبيعية لتكون الثانية في عائلتها المكونة من 5 انفار ، وتقول والدتها " في المستشفى انجبت تالا وتمتعت بصحة ممتازة وعاشت حياتها دون اي مشاكل ،وكبرت مع اشقائها وسط حرصنا على تعليمهم وتربيتهم بافضل طريقة رغم ظروفنا الصعبة ".
تقاسم الوالد قبل مرضه مع زوجته الحياة بحلوها ومرها ، فعمل في عدة مهن لتوفير حياة كريمة لاسرته وساعدته رفيقة دربه زوجته التي تحمل الجنسية الجزائرية من خلال عملها كمدرسة ، ومن شدة حبها وتعلقها بطفلتها تالا حرصت على ان تلتحق بالدراسة في مدرسة قرية كفرقود التي تدرس فيها ، وتقول " منذ صغرها كانت مميزة بالنسبة لي وقريبة من قلبي ورغم حبي لكل ابنائي كان لتالا منزلة ومكانة خاصة لذلك الحقتها في المدرسة التي اعمل بها لتكون لجانبي دوما ".
بين الطموح والنكبة
تبكي الوالدة لصابرة وهي تساعد طفلتها بالتنقل على فراشها ، فهي تعجز عن تحريك نفسها وتحتاج لمساعدة في قضاء ابسط احتياجاتها بعدما اصبحت غير قادرة على النوم الا على ظهرها ، وتقول " حياتي بؤس ودموع منذ مرض طفلتي واحيانا لا اصدق ان تالا الطفلة البرئية كثيرة الحركة والنشاط التي كانت تملا البيت والدنيا علينا عاجزة عن الحركة فقدت كل حياتها واحلامها وطفولتها "، وتضيف " حديثها وتصرفاتها كانت اكبر من سنها ، تصلي وتصوم وتحفظ القران الكريم ، مطيعة لوالديها ومحبة لاسرتها والحياة ".
تعرض ام تالا شهاداتها المدرسية وهي تبكي وتقول " بسبب المرض انقطعت عن مدرستها وحرمت من التعليم رغم انها كانت طالبة متفوقة في دروسها في كافة الصفوف ، كانت هوايتها الرسم وتحب الرياضة ولكنها لم تعد قادرة على الدراسة والحركة ، انها اكبر مصيبة بحياتي فطفلتي كانت تطمح ان تصبح طبيبة اسنان ولكنها اليوم تعيش نكبة لم اتوقعها في اسوا كوابيس حياتي فهي غير قادرة على اكمال شرب كاس ماء ".
المرض المفاجيء
تنهمر دموع والدة تالا المربية التي افنت حياتها في التعليم والمشاركة في الحملات الشعبية بعد مجزرة مخيم جنين كمتطوعة لايصال صوت ورسالة الشعب الفلسطيني كونها تجيد اللغتين الانجليزية والفرنسية وساهمت في انقاذ حياة العديد من العائلات المنكوبة ولكنها تعجز عن ايجاد حل للنكبة التي حلت بطفلتها مؤخرا بعدما اصبحت في الصف السابع ، وتقول " بدات ماساتنا في مطلع شهر ايلول الماضي بعد انتظام الدوام الدراسي ، فجاة اشتكت تالا من الم في الراس والمعدة وحالة استفراغ ، فسارعنا لعرضها على الاطباء معتقدين انها حالة مرضية عادية ".
اختفلت تشخصيات الاطباء ورغم العلاج اصيبت الطفلة بمضاعفات مختلفة ، وتقول والدتها " تدهورت حالتها الصحية بسرعة واصبحت تتقيا اي شيء سواء اكلت ام لا ، ورغم خضوعها لعلاج مكثف في المستشفى واجراء الفحوصات لازمها المغص والم الراس والتقيؤ وفجاة اصبحت طريحة الفراش".
صدمات وماسي
صدمة قاسية عاشتها العائلة بسبب تتالي الصدمات مع تفاقم حالة تالا التي جرى عرضها على اطباء قلب متخصصين وكانت النتيجة القاسية بعد الفحوصات ان الطفلة مصابة بمرض تضخم القلب التوسعي، والذي يعتبر في لغة الطب كما افاد الاطباء الذين تابعوا حالة الطفلة في مستشفيات "هداسا" في الداخل والمقاصد الخيرية في القدس انه حالة نادرة من امراض القلب والتي لا يتوفر علاج لها في اسرائيل وفلسطين .
وتقول ام تالا " واجهنا صدمة كبيرة ولم نصدق التشخيص رغم انه صدر عن افضل اطباء الاختصاص وتابعنا الفحوصات وصور الاشعة ولكن كان قرار الاطباء واحد ان تالا تعاني من تضخم القلب التوسعي وهذا يعني قصور في وظائف القلب يهدد المصاب في كل لحظة بتوقف عضلة القلب والوفاة "، واضافت " والمصيبة الكبرى ان الاطباء ابلغونا ان الحل زراعة قلب وهو غير متوفر هنا وتكاليفه باهظة جدا ".
الم وعذاب
تلك النتائج شكلت نكسة كبيرة للعائلة التي تعيش ظروف ماساوية تفاقمت بعدما اصيب رب الاسرة (44 عاما ) باعاقة حركية افقدته عمله الذي تعتمد عليه عائلته في معيشتها ، فاصبح طريح الفراش ولا يقوى على الحركة دون الاستعانة بالعكازات بسبب عجزه عن توفير تكاليف اجراء عملية زراعة مفاصل صماعية في الحوض ليتحرر من الاعاقة .
اصبحت الزوجة امام تحدي كبير في مواجهة الماساتين زوجها واعاقته وعجزه وطفلتها ومرضها وعدم توفر ادنى امكانية لعلاجها ، وتقول " لم نملك سوى الصبر والايمان بالله ، زوجي تحمل المه وقاومه وكرسنا حياتنا في سبيل علاج طفلتنا وانقاذ حياتها بعدما عرضنها على طبيب فرنسي ابلغنا ان قلبها لا يحتمل وتحتاج لعملية سريعة وكل دقيقة تمضي تضاعف من الخطر على حياتها ".
وهذا ما حل بحياة الطفلة ، التي تحولت لجحيم ومسلسل الم لا يتوقف فاصبحت تقضي حياتها بين الاطباء وغرفة العناية المكثفة ، وتقول والدتها " استمرت الانتكاسات في حالة طفلتي حتى اصبحت في وضع سيء جدا بعدما اصيبت بانخفاض في الضغط وتقيؤ مستمر وادخلت غرفة للعناية المكثفة في مستشفى المقاصد وتم انقاذ حياتها عن طريقة الاجهزة منعشة للقلب فتحسنت حالتها وقرروا لها عدة ادوية "، وتضيف " في تاريخ 14-11-2012 ، قام الطبيب الايطالي ستيفان لويزي بفحص تالا في مستشفى المقاصد وابلغنا ان الحل الوحيد زراعة قلب وهذا غير متوفر فلسطين ".
البحث عن امل
الوالدة التي اصيبت من الحزن والبكاء بامراض الضغط والسكري تخلت عن حياتها واصبحت تعيش لطفلتها والبحث عن علاج ، وفي نفس الغرفة التي ترقد فيها تالا في منزلها تلازم والدتها جهاز الكمبيوتر وتستثمر اتقانها للغات الفرنسية والانجليزية للبحث عن الحل ، وتقول " في البداية قدمنا اوراقها لكافة الجهات للحصول على تحويلة لعلاج طفلتي في الخارج ولكن لم يستجيب احد لصراختنا بينما كانت حالة طفلتي تتدهور يوميا "، وتضيف " كتبت قصتها بكل اللغات وراسلت عشرات المؤسسات والجمعيات الفلسطينية والعربية والاجنبية بالخارج ، وبحث عن اطباء ومستشفيات متخصصة لانقاذ حياة طفلتي ".
في العناية المكثفة
دون ياس او كلل تعمل ام تالا ليل نهار في استخدام كل السبل الاتصالات والانترنت والفيس بوك لانقاذ حياة الطفلة التي تعيش منذ اسبوع في غرفة العناية المكثفة في مستشفى الرازي في جنين ، وتقول " لم اعد قادرة على النوم وابنتي تموت امامي ، تركت كل حياتي وبيتي وعملي وطفالي في سبيل انقاذ حياة تالا التي داهمتها نوبة الم جديدة ، حيث تشتد اوجاعها لان عضلة القلب تزداد ضعفا ،وهي من شدة المرض تعاني من الم في الظهر والصدر وسعال "، وتضيف " من شدة الالم اصبحت غير قادرة على النوم ، فهي تستلقي طوال الوقت على جنبها ومن المؤلم ان حالة طقلتي تسؤ وانا اتحسر واتالم لعجزنا وليتني اتمكن ان اعطيها قلبي لاحررها من حيلة الجحيم التي تعيشها ".
اريد ان اعيش
رغم الالم والحزن ، ترسم الطفلة البرئية ابتسامة لا تفارق محياها طوال الحديث تعبر عن ارادتها ومقاومتها وتمسكها بالامل ، وتقول " امنيتي وحلمي ان اعيش واغادر فراشي واعود لمدرستي واتخلص من الابر والالم والادوية ، انني مؤمنة ومتوكلة على الله ".
ورغم عجز الاطباء عن ايجاد مكان في جسدها لغرز الابرة لتزويدها بالمضدات، قالت وهي تتالم " حلمت انني اجريت العملية ونجحت ، واصلي لله في كل يوم ان يحقق حلمي ويشفيني من المرض، فانا حزينة لان كل عائلتي تتالم واصبحت حياتنا في المستشفى وغرفة العناية المكثفة ، يا رب اشفني واعطيني الحياة ".
الامل الاخير
كلمات ابكتنا جميعا مع والدتها التي انهمرت دموعها وهي التي لم يبقى باب الا وطرقته بحثا عن المساعدة لعلاج طفلتها ، وبعد جهد ومعاناة واتصالات مستمرة وبمساعدة الدكتور الفلسطيني العامل في ايطاليا يوسف عبد الغني ( العضو في تجمع الاطباء الفلسطينين في اوروبا ) تلقت الخبر السار بموافقة مستشفى "بابا جيوفاني" في مدينة بيرغامو في ايطاليا على اجراء العملية زراعة قلب للطفلة ، وقالت الوالدة " لاول مرة اشعر ان الحلم بدا يتحقق ويمكن انقاذ حياة طفلتي ، فالجهود الكبيرة التي بذلها الدكتور يوسف ومتابعته لملف طفلتي الطبي حقق الموافقة "، وتضيف " لكن اجراء العملية بحاجة لتغطية تكاليفها الباهظة فورا اضافة لتقديم تعهد مكتوب ورسمي من وزارة الصحة الفلسطينية باستكمال العلاج بعد عودتها من ايطاليا وتوفير الادوية والفحوصات المناسبة ".
تبكي ام تالا وتقول " لا ادري ، هل المفروض ان افرح ام احزن ، فانجاز العملية وهي الامل الاول والاخير والوحيد لمنح طفلتي حياة جديدة بحاجة لتوفير الضمانات لذلك اناشد الرئيس محمود عباس ووزير الصحة منحنا التعهد المطلوب فورا "، وتابعت " واناشد ابناء شعبي واهل الخير واصحاب الضمائر الحية في فلسطين الوقوف لجانبنا والتبرع لتغطية تكاليف العملية فطفلتي في غرفة العناية المكثفة منذ اسبوع وحالتها كل يوم تسؤ فارجوكم اغيثونا وانقذوا حياة طفلتي قبل فوات الاوان ".