كواليس دبلن .... - شريف النيرب*
وصل وفد نقابة الصحفيين الفلسطيين إلى العاصمة الإيرلندية دبلن في الثاني من يونيو الماضي صباحاً بعد رحلة مرهقة من السفر عبر مطاري القاهرة وعمان إلى فرانكفورت ثم إلى دبلن حيث مكان إنعقاد المؤتمر العام للإتحاد الدولي للصحفيين ، ومنذ اليوم الأول بدأ الوفد الفلسطيني معركة من التحديات بدأت أولاً مع نقابة الصحفيين في دولة العراق الشقيق حيث أعلن الأستاذ الصديق مؤيد اللامي نقيب الصحفيين العراقيين نيته ترشيح نفسه لعضوية اللجنة التنفيذية للإتحاد علماً أن نصيب قارة آسيا من اللجنة التنفيذية في الإتحاد ثلاثة أعضاء وإثنين إحتياط وكان عدد مرشحي آسيا أربع دول هي فلسطين والعراق والهند وباكستان ، بدأ التحدى عندما أقدمت عدة نقابات في داخلها عداء للدول الفقيرة وعلى وجه الخصوص فلسطين وذلك لعلاقتها الحميمة مع إسرائيل في تقديم تعديلات على بعض بنود قوانين الإتحاد الدولي بما يضمن هيمنة الدول الرأس مالية على الإتحاد الدولي وحينها لن ينجح العرب في تقديم مرشحيين لنيل عضويتين في اللجنة التنفيذية للإتحاد الدولي أو أن يتقدم العرب بمرشحيهما د. عبد الناصر النجار ومؤيد اللامي من العراق.
وفي هذه الحالة إذا ما عُدلت بعض مواد الدستور قد يخسر العرب مرشحيهما معاً ، إجتمعت الوفود العربية كافة وترأس الإجتماع الأستاذ حاتم زكريا الأمين العام لإتحاد الصحفيين العرب في قاعة وينز وسط العاصمة الإيرلندية كانت لحظات عصيبة ومحرجة للعرب لإقناع إحدى المرشحين التنازل للآخر خوفاً من ضياع الأصوات العربية المقدرة ب 48 صوت 20 منهم محسوبيين على القارة الأفريقية أو الكتلة الأفريقية لكنهم إلتزموا قرار الكتلة العربية وإجتماعاتها من أجل فلسطين ، دخل الأستاذ يوسف الأستاذ وكسر حاجز الخجل وطرح صيغة منطقية وافق عليها الجميع وهي أن يعمل العرب كل بمساعدة أشقاءه على حجب التصويت على مشروع تعديل القانون أولاً وهو ما يضمن للكتلة العربية مرشحين ، إتفقت النقابات العربية على هذا الطرح وبدأ الجميع بالعمل كخلية النحل بالإتفاق مع الكتلة الأفريقية ودول أمريكا للاتينية وفرنسا وروسيا ودول الإتاحد السوفيتي وفي الثالث من يوينو بدأت جلسات المناقشة على تعديل الدستور وإنتهت بالتصويت على رفض تعديل بعض مواد القانون وبدأ العرب بتنفس الصعداء وكان هذا الإنتصار العربي الأول في مؤتمر دبلن وبدأ العرب بترتيب أوراقهم للذهاب بمرشحين عرب للجنة التنفيذية ، بدأ الوفد الفلسطيني إجتماعاته مساء الثالث من يونيو منفرداً في فندق الإقامة والإتصال ببعض الكتل والإلتقاء معها وحددت الامانة العامة مهام محددة لكل عضو في الوفد الفلسطيني ، صباح الرابع من يوينو ذهب الوفد الفلسطيني إلى التحدى الأكبر حيث تقدمت نقابة الصحفيين بمشروع إدانة لإسرائيل على ما إقترفته من إستهداف للصحفيين الفلسطينين ومنذ صباح اليوم الرابع بدأ الوفد الفلسطيني بتوزيع المطبوعات التى تظهر جرائم إسرائيل وتوزيع المنشورات وصور الشهداء اللذين قضوا في حرب الأيام الثمانية وإقناع الدول بالتصويت لصالح المشروع الفلسطيني بإدانة إسرائيل ، وفي تمام الرابع بتوقيت دبلن بدأت جلسة التصويت وإذ بالقاعة تعج بالمساندين للمشروع الفلسطيني ونجح الوفد الفلسطيني بالتصويت لصالح مشروع إدانة إسرائيل وسط تصفيق حار من المجموعة العربية وأشقاء فلسطين في العالم ، في ذلك التوقيت كان الوفد الإسرائيلي قادماً من تل أبيب إلى مطار فرانكفورت وفور عمله بنجاح الوفد الفلسطيني في التصويت لصالح مشروعه عاد الوفد الإسرائيلي إلى تل أبيب من مطار فرانكفورت وفور علمنا بدأنا نكبر ونصفق وإستنشق الوفد الفلسطيني عبق إنتصاره الأهم في هذا المؤتمر وسط تنديد من أصدقاء إسرائيل اللذين بدأو علينا كيل التهم وعبارات التقبيح بصوت مرتفع ومتوتر وسط هدوء من الزملاء في الوفد الفلسطيني وعلى إثره إنسحبت ألمانيا وكندا وأمريكا من المؤتمر غاضبين من نتائج التصويت ، وعند إنتهاء الجلسة نظم الإتحاد الدولي مسيراً صامتاً تكريماً لشهداء الصحافة في العالم في شوارع دبلن ، كان الوفد الفلسطيني الأكثر حضوراً في المسير حيث حمل كل عضو يافطة مزينة بشهداء الصحافة الفلسطينية وصور أخرى تظهر عنجهية إسرائيل في إستهداف الصحفيين الفلسطينين ، وفي صباح اليوم التالي بدأ أعضاء الأمانة العامة جولاتهم المكوكية بتوثيق تحالفاتهم من الدول الصديقة وسط ذهول عربي من الميكانيكية والدينامية العالية التى يتمتع بها الوفد الفلسطيني دون كلل أو ملل علماً أن معدل خلودهم إلى النوم كان لا يتحاوز أربع ساعات في اليوم أو أقل بقليل ، وفي صبيحة اليوم السابع للمؤتمر أي موعد إنعقاد إنتخابات أعضاء اللجنة التنفيذية بدأ الوفد الفلسطينين العمل قبل فتح باب الترشح بساعات وواجه الوفد تحديات جسام في صناعة خليط متزن يحافظ على توزنات الكتل التى بدأت تنشق عن بعضها مثل دول أمريكا للاتنية التى إنقسمت إلى قسمين كتلة شرقية وأخرى غربية والكتلة الأسوية التى إنقسمت بين مؤيد للهند وداعم للباكستان وكيف يمكن لنا إستثمار بعض الدول الأوربية بما يضمن أن كل التناقضات ستعطى فلسطين ومرشحها وبدأنا بتحالفات مخفية مع جميع الكتل وما تحتويه من تناقضات وفي تمام الثانية ظهراً بدأت لحظة الإقتراع وإنتشر الوفد الفلسطيني متوزعاً على كل الكتل لتأكيد الإلتزام بالتصويت لصالح مرشح فلسطينين ، ساعة كانت مكوكية مرهقة وصعبة ، إنتهى التصويت ودق جرس إنتهاء الموعد المحدد وبدأت قلوبنا ترتعش تسللنا أنا وصديقي يوسف الأستاذ إلى غرفة فرز الأصوات وهناك كان مراقبنا الزميل موسى الشاعر عضو الامانة العامة وإنتضرنا نصف ساعة وبدأنا نلاحظ توفق د. عبد الناصر مقارنة بالمرشحيين ، خرجنا إلى الزملاء في الوفد الفلسطينين والاخوة في الجالية الفلسطينية ومسؤل الجالية د. بسام نصر وأصدقائنا العرب وأكثرهم توتراً في إنتظار النتيجة الأستاذ العزيز محمد يوسف رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين والوفد المرافق له وقد بدأت عليهم علامات التوتر بعد جهد كبير وأيام متواصلة ودعم واضح من الاخوة العرب وبالتحديد أبو يوسف من الإمارات وعند خروجنا بدأت على قسمات وجوهنا ملامح الإبتسام فوقف الجميع يتعانق فرحيين مهللين إلا د. عبد الناصر النجار الذي بدى متوتراً لا يؤمن بنتائج إستطلاعنا لحظات عصيبة وبعد ساعتين من الفرز دق جرس إنعقاد الجلسة لإعلان أسماء الفائزيين وإذا برئيس الجلسة ينطق بإسم فلسطين قبل مرشحها د. عبد الناصر كفائز في أعلى الأصوات وبدأ العرب بالتصفيق ومعانقة الوفد الفلسطينين وسط بكاء حار من الزملاء الفلسطينين وذهول كبير في أوساط الحاضريين ، إنتهى التصويت وخرج العرب إلى خارج القاعة وحملوا أعضاء الوفد الفلسطيني مع الأفارقة وبعض الزملاء في أمريكا اللاتينة وبدأو يهللو تحيا فلسطين وسط مشاعر مفعم بالإعتزاز والإنتصار .
*عضو الامانة العامة لنقابة الصحفيين