قلق مشروع لفلسطيني على شباب تمرد المتوجهين إلى ميادين المحروسة - حسني المشهور
مرة أخرى يفيـض النيل العظيم على ضفافه ببعض من جواهره المكنونة كما ألقى على مدار تاريخه منذ أن سالت أولى قطراته من بلاد النجاشي وما قبل النجاشي لتسيل شمالاً إلى البحر تنشر الخضرة والحياة ... والجواهر التي فـاض بها النيل لأرض المحروسة هذه الأيام هـم هؤلاء الشباب المبدعين لحركة تمرد والمناصرين لهم ومن تبعهـم في مصر المحروسة ؛ ومن سيقلدهم قريباً في الميادين الأخرى لبلدان أخرى ... شباب بذات الجمال والقدرة على الإبداع بقدرة أجدادهم الذين استشعروا مبكراً حقيقة الإله الواحد الخالق والمدبّر ... وأدركوا حقيقة الانبعاث بعد الموت ... وحقيقة الإبداع للعمل الصالح والجميل في الحياة ليخدم موتهم وانتظارهم لانبعاث الحياة مرة أخرى !!! ولأن الإبداع في الزمن الريء يقلق ... يقلق المبدع ؛ ويقلق المتقبّل المتشوّق لرؤية ثمار هذا الإبداع ؛ كما يقلق كل الذين يرون في الإبداع فضحاً وتعرية لجمودهم وسوءات سلوكهم ... وعليه فإن الفلسطيني المبدع والمجرّب لما يعانيه المبدعون ؛ والمدرك أن كل إبداع في أمتنا هو انتصار ودعم له ؛ وله الحق في القلق المشروع عليكم يا شباب تمـرد وأنتم ومن يناصركم تتوجهون إلى ميادين مصر المحروسة متمردين على الغدر ؛ وعلى الخديعة ؛ وعلى التضليل ... هو استمرار لذات القلق الذي عبّر عنه الفلسطيني ... ذات الفلسطيني في سؤاله المشروع لكم وأنتم تنتصبون قامات شامخة في ميدان التحرير وبقية ميادين المحروسة يوم 25 يناير وما بعده عن موقع فلسطين في النظام الجديد الذي كنتم تنادون به وما زلتم تسعون إليه ... خصوصاً بعـد أن رأينا بالأمس من يريـد أخذكم وشباب الأمة بعيداً ... بعيداً عن صـُلب قضاياكم ؛ وبعيداً عنـا وعن فلسطين بأقصاها وقيامتها ؟؟؟ هو ذات القلق الذي انتابنا يومها ونحن نرى مشاهد صارخة لملامح الغدر والخديعة والتضليل على وجوهٍ عرفناها ورأيناها وهي تـُعطي الدبـر لفلسطين والأقصى متوجهة بعيونها وجوارحها إلى كراسي الحكم ؛ ورأيناها تغدر وتخدع وتضلل وتعبث بشعوب الأمة وقضاياها وهي في الطريق إلى تلك الكراسي ... ورايناها كيف تنقلب على الكثير من شعاراتها وتستبدلها بشعارات تنحرف بهذه الشعوب وتأخذها إلى متاهات بعيدة عن فلسطين حيث يجثم الكيان الصهيوني عدونا وعدوكم ؛ والخطر الدائم على فلسطين ومصر المحروسة وبلاد العرب والمسلمين أجمعين !!! هو ذات القلق والذي يقلقكم الآن من رؤية بعض من وقفوا بينكم وحولكم أيام ميدان التحرير بثياب الناسكين رافعين أيديهم (المتوضأة) ويصرخون بنصرتكم تربصاً ونفاقاً ... فعقروكم عقر الكلاب المسعورة عند أول فرصة سنحت لهم ... ولأن بعضهم ما زال يقف اليوم بينكم وحولكم يخفون أدوات العنف والقتل تحت ثيابهم ؛ وكلماتهم تعلوا بالتحريض على الفتنة يمهدون الطريق للإنقضاض على السلمية في الاستمارات والخطوات والأهازيج لتمردكم !!! هو ذات القلق والذي يقلقكم الآن من رؤية بعض من وقفوا بينكم وحولكم أيام ميدان التحرير يصرخون بنصرتكم تربصاً ونفاقاً وغدروكم عند أول فرصة لاحت لهم فتفاهموا سراً وعلانية مع جماعة الإخوان ووقفوا ظهيراً وسنداُ لهم ومكـّنوهم منكم ومن مصر ... وها نحن نرى بعضهم اليوم ما زالوا بينكم وحولكم ومستعدون للعودة لذات الأفعال !!! هو ذات القلق الذي يقلقكم من رؤية بعض من وقفوا بينكم وحولكم أيام ميدان التحرير يصرخون بنصرتكم تربصاً ونفاقاً وخذلوكم عندما لم يحتكمون إليكم ولو لمرة واحدة لتسوية خصوماتهم ... بل كانوا وما زالوا يذهبون مستغيثين زرافات ووحدانا إلى سفيرة الأمريكان لتسوية خصوماتهم ؛ أو ليشتكي بعضهم على بعضهم الآخر !!! هو ذات القلق الذي يقلقكم من التضليل والتحريف في وحدة الارتباط بين حرية الأوطان وحرية الإنسان فيها ... وقلقون من محاولات فصل حرية مصر وإنسانها عن حرية فلسطين بمحاولات واهمة تبحث عن حريات مشـوّهة ومشبوهة تجعل من شباب الأمة حطباً يتدفأ به جنود الأمريكان وحلف الناتو في حصونهم الجديدة أقصى الشرق ... ولأننا نعرف القدر الكبير والراسخ الذي تشغله فلسطين والقدس بأقصاها وقيامتها في نفوسكم أنتم ؛ وضمائركم أنتم ... فإننا قلقون أن يتمكن من يتمنى رغد العيش لشعب صديقه العزيز بيريز إقناع بعض أتباعهم من المصريين بالذهاب للجهاد بعيداً عن فلسطين ؛ والصمت عن جرائم من سمّاهم بشعب إسرائيل ... وهم الشعب الذي تسبب بكل مصيبة حلّت بمصر وجلبت ضنك العيش لكم ولنا ... وهم الذين يعملون على استمرار المأساة الفلسطينية ؛ وهم قطعان المستوطنين الذين يقومون بتهويد القدس والمسجد الأقصى ؛ ويدنسون الكنائس والأديرة ويغتصبون جزءاً عزيزاً من الأرض العربية ومكاناً هو في صلب عقيدتكم مسلمين ومسيحيين !!! واليوم فإن القلق أصبح يزداد ونحن نرى هذا التصاعد في عنفهم واعتداءاتهم عليكم وعلى استمارات تمردكم ... قلق بأن يقوم بعض الذين مازالوا بينكم ومحسوبين عليكم بردود محسوبة على هذه الاعتداءات لتسهيل الاغتيال لسلميتكم ؛ وتسهيل استدراجكم إلى العنـف الذي برعوا مجتمعين في توظيفه لأغراضهم ... قلق يزداد بأن يستدرجوكم للعنـف بعيداً عن هذه السلمية ؛ والتي مهما بلغ عدد ضحاياكم فيها فلن تساوي شيئاً أمام عدد الضحايا التي ستسقط من أبناء المحروسة لو نجحوا في استدراجكم للعنف !!! وأخيراً فإن هذا القلق لن يقلل من ثقتنا العميقة جداً والعالية جداً بكم في تمرد وبقدرتكم على حماية براعمكم النابتة من تحت الجمر ورماد الحريق العربي ورعايتها حتى تنتشر أوراقها الخضراء ؛ وتتفتح ورودها وأزهارها ... وثقتنا عميقة بأن انتظارنا لن يطول لنرى اليوم الذي تتعانق فيه ورودكم وأزهـاركم مع ورود وأزهار شعبنا النابتة من تحت الجمر ورماد المحارق التي يقيمها الصهاينة يومياً على أرضنا الفلسطينية ؛ ومع كل الورود النابتة من رماد الحرائق التي أشعلوها في بلادنا العربية وسموها زوراً بالربيع العربي ... وليس فيها من العرب إلا الضحايا والحطب ؛ وليس فيها للعرب إلا الدمار والرمـاد... ورود تتشوق لعناق يصنع الربيع الحقيقي للعرب ... تمسكوا بسلميتكم ... تمسكوا بسلميتكم ... تمسكوا بسلميتكم ... و: محروسـة يا مـصـر وتحيـا مصـر ليحيـا العـرب ويحيـا المسـلمين