مصر قائدة في المنطقة شريك في العالم !!!- يحيى رباح
كما أن الجماعة والرئيس السابق مرسي تبادلاً الفشل وهم يديرون المعركة السياسية في السنة الأخيرة ,فكذلك الأخوان والأميركان تبادلاً الخديعة.
والسبب أن جماعة الأخوان المسلمين وهم العمود الفقري للإسلام السياسي, قد تعودوا على الاستخدام من قبل الولايات المتحدة ,عقود من الاستخدام, استخدام ضد الثورة المصرية إلى حد التخطيط لإغتيال جمال عبد الناصر, واستخدام ضد الدولة الوطنية إلى حد انكارها من خلال تشجيعهم على فكرة إعادة الخلافة الإسلامية, واستخدامهم في أفغانستان واستخدامهم ضد منظمة التحرير الفلسطينية!
وكان الإسلام السياسي يأخذ من الأميركيين ثمناً لابأس به لقاء هذا الاستخدام ,ولقاء هذه الأدوار, إلى حد أنه حين قامت الثورة المصرية الأخيرة على يد الشباب المصري, لعب الأميركيون الدور الرئيس في تمكين الاخوان المسلمين من الوصول الى الحكم,عبر اتفاقات جرت بينهم, وعبر غل يد المجلس العسكري الذي تسلم مقاليد الأمور في المرحلة الأنتقالية, قبل أن تجري انتخابات مشكوك جداً في نتائجها المعلنة الذي صعد بموجبها الدكتور محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة في مصر بعد خمس وثمانين سنة من إنشاء جماعة الاخوان المسلمين على يد حسن البنا في عام 1928م.
لمتانة هذه العلاقة بين الاخوان المسلمين والولايات المتحدة القائمة على الاستخدام الأمثل، اعتقد الاخوان المسلمون أن أميركا لن تتخلى عنهم مطلقاً، وأن يدهم ستمتد من فوق الماء أو من تحت الماء لإنقاذهم في اللحظة الأخيرة من أي مناوئين لهم حتى لو كان المناوئ هو الشعب المصري بغالبيته الساحقة عبر أكثر من اثنين وثلاثين مليوناً نزلوا إلى الشوارع يوم الثلاثين من يونيو الماضي وما بعده يطالبون برحيل محمد مرسي.
من هذه الزاوية: يمكن أن نفهم حالة الإنكار والصدمة التي يعاني منها الإسلام السياسي في مصر والمنطقة، إنه لا يريد أن يصدق أنه دخل في مرحلة «الأفول»، تماماً مثلما لا تريد الولايات المتحدة أن تصدق أن مصر بعد إزاحتها عن دورها في المنطقة منذ عقود، قد عادت لتكون مهيأة لدور القيادة في المنطقة من جديد، بل ولدور المشاركة في السياسية العالمية، لأن هناك مناوشة كبيرة على مستوى العالم للدور الأميركي المتفرد، ولعل نموذج المشكلة السورية المعقدة خير مثال على ذلك، وها هي مصر تحضر في قلب المشهد من جديد من خلال إقصاء الإسلام السياسي وعدم تمكينه من الاستخدام لإلحاق الأذى بحقائق وطموحات الثورة المصرية الجديدة.
من الواضح من ردة الفعل الظاهرة من قبل الولايات المتحدة الأميركية ضد هزيمة الإسلام السياسي في مصر، أنها كانت تعوَل عليه كثيراً، وتراهن عليه إلى أقصاه – وهذا بالضبط هو رد فعل إسرائيل أيضاً – لأن الرهان على الإسلام السياسي كان يدور حول التعهد بتأمين الأمن الإسرائيلي، وتزوير أجندة المنطقة من تأمين مصالح الدول الوطنية إلى انقسامات وحروب طائفية، وخلق أولويات زائفة بعيداً عن أولويات القضية الفلسطينية وبقية احتياجات الأمن القومي العربي.
يحتاج الأمر إلى كثير من الوقت والحكمة والأداء الدقيق حتى يخرج الأخوان المسلمون وتفريعاتهم من حالة الانكار والصدمة ولابد للقوى المدنية التي استردت المبادرة بمساعدة المؤسسة الوطنية الأكثر قوة وهي الجيش العربي من النجاح بسرعة في استمرار التقدم بالمسيرة الديمقراطية، والمصالحة الوطنية، واستيعاب الجميع بأحجامهم الحقيقية وليس بامتيازاتهم الأميركية مثلما كان يراهن الأخوان المسلمون.
مصر دولة محورية، قائدة في منطقتها وفي محيطها العربي والإفريقي والإسلامي وبالتالي في العالم، فهي الواصلة بين قارتين، والواقعة بين بحرين هما الأبيض والأحمر، وفيها أهم شريان للتبادل التجاري في العالم وهي قناة السويس، وأكبر ضامن للأمن والاستقرار في العالم، وبالتالي فإن الصراخ القائم الآن في الأوساط الأميركية وتوابعها لن يدوم طويلاً، فالكل بحاجة إلى مصر، فأهلاً بمصر الجديدة، مصر الثورة، مصر القوية، التي استردت وعيها، واستردت للإسلام العظيم نوره الساطع بعد تجريده من القراصنة الذين اختطفوا وتاجروا به، أهلاً بمصر التي يتعانق هلالها مع صليبها بإعجاز من أكثر من أربعة عشر قرناً، مصر التي استوعبت حضارات الدنيا ومصرتها، مصر القائدة في المنطقة والشريك في العالم.