الوضع في السجون على حافة الانفجار...- الاسير محمد عيسى القواسمي -سجن النقب الصحراوي
كلمة يرددها معظم الاسرى في كافة سجون الاحتلال المنتشرة على امتداد الوطن الحبيب, بل اصبحت السجون كقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة من لحظات الضغط النفسي والجسدي الذي يمارس بحقنا , والاخذ بالازياد شيئا فشيئا, ولكننا نخشى ما نخشاه ان ينفجر الوضع على رؤوسنا نحن دون ان يأخذ الانفجار صداه وبعده المطلوبين , بل اكثر ما نخشاه هو ان يرتد صداه القاتل الى زنازيننا دون ان يحمل معه حفنة امل في رفع قضيتنا واظهار معاناتنا الى الرأي العام الشعبي والرسمي والعالمي , لفضح ممارسة ارهاب ادارة مصلحة السجون المدعومة من حكومة المستوطنات الليكودية فهذه الاخيرة ومنذ توليها لمهامها الحكومية وما قبل ذلك , وهي تزيد من هجمتها الشرسة بحقنا .
فأشكال القمع واساليب التعذيب تعارض كل الاعراف الانسانية , ليس ذلك فحسب بل وتضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي نصت عليها اتفاقية جينيف الثالثة والرابعة في بنود حسب معالمة اسرى الحرب ( وحبة القمح تشكو لمن حين يكون القاضي دجاجة) حيث اننا نتعرض داخل سجون الاحتلال لشتا اساليب القمع ونواجه اوسع واكبر هجمه عرفت بتاريخ الحركة الوطنية الاسيرة, والتي تحاول من خلالها ادارة السجون تفريغ حمولة حقدها المسخرة لها من تجارب التاريخ في القهر والقمع والتعذيب وانتهاك حقوق وكرامة الانسان هذه الانتهاكات قد فاقت اساليب اجهزة القمع الفاشية والنازية وكافة تجارب القهر عبر التاريخ, فإدارة مصلحة السجون لا تكتفي بعزلنا عن عالم الاحياء ووضعنا في مدافن الاحياء ,وبإعتقادي انه ليس هناك ما هو اشد واقسى من أن يعيش الانسان احساسا بالقهر والعجز حين يحقد رفاق دربه وقيده يقضون نحبهم من خلال سياسة الاهمال الطبي وسياسة الاغتيال والتصفية الجسدية على اسِرة مايسمى بمستشفى سجن الرملة , ولا ابالغ في القول ان قلت بأن راحة الموت البطيء اصبحت تنبعث من اروقة وزنازين السجون الصهيونية , وهذه الرؤية لايختلف معي عاقلان على انها باتت واضحة شاخصة امام الجماهير الفلسطينية المساندة لقضيتنا الوطنية والانسانية واما المؤسسات الحقوقية والانسانية المختصة والمعنية بشؤون الاسرة.
ان مشاهد القهر اليومية التي يمر بها الاسير الفلسطيني ما هي سوى مشاهد مصغرة من حجم القمع اليومي والمعاناة المستمرة عى مدار الساعة , هذه المشاهد البعيدة كل البعد عن مرأة المجتمع الدولي المبتلى بفقدان الضمير الانساني , والجماهير الفلسطينية بسبب الضعف الاعلامي المرئي والمسموع وغيرها من الوسائل التي تفضح جرائم هذا المحتل الذي امعن في ارهابه وممارساته اللا اخلاقية واللا انسانية بحق الحركة الاسيرة داخل سجون الاحتلال.
هذه المشاهد ستبقى اذا لم تأخذ قضيتنا اهتماما واسعا من كافة المستويات, بحيث لا تقف عائلة الاسير وحدها عارية من الجماهير المساندة لقضيتنا الوطنية والانسانية.
ولا شك ان ظاهرة الاسرى والاعتقال كانت وما زالت ظاهرة رافقت النضال الوطني الفلسطيني واصبحت توازي واحياننا تفوق ظاهرة (اللجوء) في تأثيراتها وتداعياتها على الانسان الفلسطيني في جميع نواحي الحياة السياسية والاجتماعية , لكنها وللأسف الشديد لم تحظى هذه القضية ببحث علمي وجاد من قِبل لجان حقوق الانسان ولجان الاسرى والمؤسسات المختصة.
لقد بات من الضروري الأن وقبل فوات الاوان ان ننفض عن انفسنا غبار اللامبالاة بإتجاه هذه القضية بحيث يتم متابعتها وفق اسس قانونية واعلامية وبأدوات بحثية واكاديمية لما هو عقلي اكثر منه خطاب تمجيد وافادة بالبطولات التي قضناها في ركب الانتفاضة بغية تحقيق امال شعبنا في الحرية والاستقلال , فهذه الاخيرة على اهميتها المعنوية للاسير تظهر حبا لقضيتنا اكثر مما تبدي دعما لنا , فمن يدعم قضيتنا يعمل على انهائها ومن يحب هذه القضية يكرسها , ولا يخفى على احد وخاصة المهتمون بشؤون الاسرى ان مفردات الخطاب الذي يتناول قضيتنا ( والسائد اليوم ) هي مفردات تتراوح ما بين الخطاب الحماسي التمجيدي بنضالاتنا وما بين اثارتها من خلال تقديمها على نحو فلكلوري , وهو على كل حال خطاب موجه للداخل الفسطيني الذي قد يصنع تعاطفا او يزيدمن تعاطف المتعاطفين من اهالي الاسرى والجماهير المساندة لنا , الى انه لم يخلق تضامنا فعليا في الاوساط العربية والاجنبية لإنجاز فهم القراءات العلمية والقانونية لما تمارسه ادارة مصلحة السجون ضدنا , وفضح نظام سجونها القائم وفقا لأحدث نظريات الهندسية البشرية في علم نفس الجماعات وعلم الاجتماع , والتي تدار بأحدث نظم المراقبة والسيطرة , تهدف في الاساس الى صياغة جيل من الاسرى وصهر وعيهم الفكري وتحويلهم الى موضوع سلبي متنقي غير فاعل , لذلك نحن بحاجة الى ان يأخذ كل انسان فلسطيني ووطني دوره في حمل رسالتنا الوطنية والانسانية والاكثر حساسية لدى شعبنا الفلسطيني لإيصال صوتنا للعالم أجمع ( أن لا معنى ولا قيمة لتمثال الحرية في الولايات المتحدة الامريكية وعشاق الحرية وطلابها يقضون زهرات شبابهم داخل سجون الظلم والقهر الاسرائيلية ) لقد اّن الاوان للكشف عن جرائم هذا المحتل الذي يتشدق بشعارات السلام لتظليل العالم في الوقت الذي يمارس فيه كافة انواع القهر بحقنا وبحق شعبنا الذي حرم من ابسط حقوقه.
ويبقى السؤال الذي يدور في خلد كل اسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال الى متى ستبقو صامتين منتظرين سماع خبر اسير مسن او مريض قضى نحبه خلف القضبان..؟؟؟
ارقبو فينا حركة الزمن على اجسادنا وارواحنا .. محمود ابو صالح .عبد الله ابولطيفة.. خالد الشاويش.. منصور موقدي.. و... و.. و .. كلهم دخلو السجون وهم في زهرة شبابهم باتو في الفصل الاخير او قليلا من ذلك اطال الله عمرهم .