علاقة الخادمين الذليلين لـ "قم" و"المقطم"، حماس وحزب الله: (اخاصمك آه، أسيبك لا)- امل مصطفى السعيد
كثيرا ما كانت التساؤلات حول طبيعة العلاقات التي تجمع بين حماس بحزب الله، بمعنى ما الذي يجمع "الشامي بالمغربي"؟! وكثيرا ما كانت تقابل تلك العلاقات بالانتقادات اللاذعة من قبل اسلاميين متشددين معادين للشيعة من منطلق عقائدي – وان كان هذا المنطق مرفوضا لارتباطه بالعصبية والعنصرية المتشنجة والبغيضة بالنسبة لي على اقل تقدير- ، لكن المؤكد، وتاريخيا، ان تلك العلاقة المشبوهة ولدت، ونمت، وترعرعت في حضن النظام السوري صاحب اكبر الدكاكين السياسية على امتداد القرن الماضي، المتاجر بالثورات، متعهد الانقلابات، صانع الفتن والتمردات، مبتدع الانشقاقات الحزبية، والمتاجر الاكبر بالقضية الفلسطينية، رافع شعار "المقاومة" و"المانعة" الكاذب وسرعان ما اكتشفنا ان التفسير السوري للمقاومة هو مقاومتها لتحرير فلسطين! وان الممانعة بمعناها وتفسيرها الوحيد وبالمنطق السوري هو منع استرداد الجولان، وباية وسيلة!!
وعندما نقول سوريا هي الحضن الدافيء لحماس وحزب الله فاننا نعني ايران ونظام الملالي اي "الحنفية" حيث الكل يعمل لخدمة "الحاخام الاكبر" في قم وطهران، واقصد بالكل سوريا وحماس وحزب الله ومن هم على شاكلتهم من القوى السياسية والثورية الفلسطينية واللبنانية والعربية عموما، التي ارتضت ان تكون "خشخيشة" في يد "السيد" الايراني و"تابعه" الذليل في دمشق!!
تحالفات كريهة، نتنة، تفوح منها رائحة الانتهازية و"التقية السياسية" جمعت بين حماس وحزب الله على اجندات مشبوهة، لم تكن في يوم من الايام خالصة لوجه الله، او الوطن، او الامة، او ثورية بالمعنى الحقيقي للثورية، بمعنى ان حماس عندما اتخذت المقاومة كشعار، لم يكن نابعا من وازع وطني او مقاوم حقيقي، وانما من باب المزايدة على ابو عمار والسلطة الفلسطينية ممثلة بحزبها الوحيد "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية بكافة فصائلها، وكذلك فعل "شبيه حماس"، حزب الله باجندته الخفية وتقيته المعهودة حيث كان ابعد اللبنانيين عن الانتماء للبنان الوطن، او للمقاومة الحقيقية، وانما التبعية لولاية الفقيه في قم، وبالتالي فان عدوى "التقية السياسية" هي ما جمعت بين الخادمين، المطيعين، الذليلين لايران ونظام الملالي في قم، اصحاب اكبر منظومة عنتريات كاذبة في المقاومة الخالية اصلا من المقاومة!!!
ما يدل على خواء تلك العلاقة وانتهازيتها هو تلك الغمامة او السحابة من الخلاف العنتري الطاريء بين حماس وحزب الله في اعقاب مواجهات القصير بسوريا والتي كادت ان تصل بقرار حزب الله طرد حماس من المربع الامني في الضاحية الجنوبية ببيروت، واقصد بذلك مربع الخوف والارهاب والتشبيح حيث الداخل لهذا المربع مفقود، والخارج مولود، وحيث اي زائر لهذا المربع متهم بالعمالة والتجسس حتى تثبت براءته، تماما كما تمارس حماس في غزة ربيبة حزب الله من افعال وجرائم تعذيب وانتهاكات لحقوق الانسان يندى لها الجبين ليس في المربع الامني وانما في قطاع غزة بكامله الذي تحول لمربع امني حمساوي، وبامتياز وهو ما جعل اهل غزة يتنادون للتمرد على هذا الظلم الحمساوي وخلعه، وانا معهم قلبا وقالبا
اقول: ان هذا الخلاف العنتري كاد ان يصل لحد رفع الغطاء عن ممثلي حماس في لبنان وكوادرها العسكرية والامنية لولا تدخل "السيد" في طهران ويصدر تعليماته لحزب الله بوقف الحملات والاجراءات الامنية والاعلامية ادراكا منه ان الوقت لا يخدم حاليا مثل تلك المواجهات والتوجهات، وان محاسبة حماس وقصاصها قادم لا محالة، وان التصعيد بين "الدمى العميلة" في غير محله رغم خيانة حماس المتمردة على سيدها وولي نعمتها في قم وطهران ووقوفها لجانب المقاتلين السوريين في القصير، وباسلحة ايرانية، وبخطط حفر انفاق كانت حماس قد تلقتها على ايدي عناصر ايرانية وحزب الله، لينطبق على حماس القول: علمته الرماية ..... الخ
هنا لا بد من تساؤل خطير قبل ان اعود لموضوع المواجهة بين حماس وحزب الله في القصير وتبعاتها، لاهميتها ولكثرة ما قيل فيها من تحليلات واراء، والسؤال المحير هو:
لماذا اختارت حماس الوقوف ضد نظام بشار، الحضن الدافيء؟ ولماذا اشهرت حماس سيوفها في القصير في مواجهة عناصر حزب الله ؟
الجواب وبكل بساطة، ان حماس لم تكن في يوم من الايام تمتلك زمام امرها في اية قضية من القضايا المصيرية، فلسطينية كانت، او عربية، او حتى اسلامية، لان مرجعيتها اصلا تكمن في المقطم، هناك في مكتب المرشد العام للاخوان، ومن هنا تفسير ما حدث في الشان السوري وتعارض مصالح حماس وحزب الله، انه اختلاف المرجعيات في القضايا الرئيسية والمصيرية، فمرجعية حماس في الشان السوري هو في المقطم حيث توجيهات وتعاليم المرشد بضرورة اسقاط بشار انتقاما لمجازر حماة على يد "الاسد الاب" وتصفية الحساب مع نظامه، بينما حزب الله مرجعيته في "قم"، هنا وقع الخلاف، هنا ظهرت انتهازية حماس و"تقيتها السياسية" وخيانتها، وبانها على استعداد للتحالف مع الشيطان ارضاء للقابع في المقطم!!
اعود مرة اخرى للخلاف الذي كشف كما يحلو للبعض ان يسميه بتغير خارطة العلاقات السياسية بين الخادمين الذليلين، تناقضات كشفت عن خلل في مفهومي "المقاومة والممانعة" حيث تفسر ايران وسوريا وحزب الله وقوف حماس لجانب المقاتلين في القصير وقوفا الى جانب امريكا واسرائيل.
ما زاد الطين بلة تصريح عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المنتمي لحماس بان "بقاء نظام دكتاتوري كنظام الأسد هو طعن في صدر وقلب القضية الفلسطينية، وزوال الدكتاتورية هو بداية الطريق لانتصار القضية الفلسطينية ورفعة شأنها". وان "قضية فلسطين على رأس أجندة العلماء المسلمين دائمًا وأبدًا، لكن في حال نزف الدم في سوريا فإن هناك عنصر ضغط ملح ينادي المسلمين لأن يوقفوا شلال الدم الذي يمارسه النظام السوري ضد أبناء شعبنا في سوريا". وختم معزوفته بالقول ان "فقه الأولويات يفرض التأكيد على وقف شلال الدم لشعب ينزف منذ عقود طويلة تحت النظام السوري المستبد والظالم".
وليت الامر وقف عند تصريحات الدويك لان اعلان الزهار من غزة وبراءته من اية بيانات خاصة بسوريا جاءت لتصب البنزين على النار في اطار الصراع الداخلي بين حماس الداخل والخارج، صراع "مشعل – الزهار" وهو ما يعني ان حماس ليست سواء، ولان ما يحكم قادتها هو المصلحة والمنفعة الشخصية والولاء للمرشد، وليس للامة، او لفلسطين، او لخيارات تخدم الشعب الفلسطيني ولا تزج به في اتون القضايا الداخلية للدول العربية وتناقضاتها....
ومن هنا اختلطت عناوين التحليلات السياسية حول سر العلاقة بين حماس وحزب الله، تساءل البعض ان كان ما حدث "جفاء مؤقتا أم نهاية لتحالف تاريخي؟" وكيف ان سوريا هي التي جمعت الحليفين وهي التي فرقت بينهما ايضا، وهنا تكمن المفارقة ايضا!! تساءل البعض ايضا ان كان ما حدث قطيعة أم أزمة عابرة؟ وهل حقا ان حماس خانت حزب الله وتحالفت مع العدو الإسرائيلي ضد سوريا؟؟
الشيء الموكد ان ما حدث يعكس مازق حماس وخياراتها المحكومة بالمقطم، وليس بفلسطين الشعب، الوطن، القضية، خاصة وانها كانت تعتقد ان القضية السورية ستحسم في بضع اسابيع او شهور، كما حدث في تونس وليبيا ومصر واليمن....
ويبقى السؤال حول مصير علاقة خادمي قم بعدما نفذا معا عمليات تشبيح ايام الثورة في مصر، واقتحام السجون المصرية واطلاق سراح حماس وحزب الله والبلطجية معا:
اي مصير يحكم تلك العلاقة المشبوهة، وما سر هذا الغزل المبطن بين قادتهما على مقاهي بيروت بعد التهديد والوعيد؟؟ ام ان القاعدة التي تحكمهما هي قاعدة:
" اخاصمك اه، اسيبك لا.."!!؟؟
* كاتبة استراتيجية