الشعب يريد إسقاط نظام التوجيهي- د.صبري صيدم
استجيب من خلال هذا العنوان لطلب أحد أصدقائي الذي طلب مني أن يكون هذا الشعار عنواناً لحملة جديدة تستهدف الخلاص من نظام امتحانات التوجيهي الحالي تجاوباً مع الموقف التالي الذي وضعته على صفحتي على شبكات الإعلام الاجتماعي وفيه كتبت: بقدر شعوري بالسعادة والتبريكات لطلبة التوجيهي الناجحين بقدر إيماني بضرورة تغيير نظام التوجيهي الحالي لما يسببه من ضنك وآلام للأسرة أولا والطلبة ثانياً وقناعتي بأن هناك سبلا أخرى لتقييم الطلبة عوضاً عن هذا السبيل الذي لست واثقاً حتى من إنه يعبر عن القدرات الواقعية للطلبة..
وهذا لأن النظام الحالي لم يعد قديماً فحسب وإنما مضن للأمهات والآباء الذين يشعرون معه بأنهم هم من يخوضون الامتحانات وليس فقط أبناؤهم وهم من يتحملون مشقة تلك الامتحانات ومعاناتها وآلامها وهم من يرون صعوبة أن يكون لامتحان أن يقيم عاماً حافلاً بالدراسة والمتابعة ناهيك عن الرعب الذي يعيشه هؤلاء وهم ينتظرون ساعة الصفر فإن ارتبك ابنهم أو ابنتهم أو توتر أو حتى توعك أثناء أدائه الامتحان انهار مستقبله وضاعت معه أسرته وأحلامهم.
كما أن تقييم الطلبة يجب أن لا يبق مستنداً إلى الإجابة على الأسئلة في امتحان خطي فقط إذ تعدى ذلك في العالم اليوم إلى تبني مفهوم التقييم التفاعلي والتراكمي الموزع على عدة اختبارات شفهية وتحريرية تعتمد على القدرات التحليلية والتفاعلية للطالب.
كما أن أسرة اليوم ليست أسرة الأمس فمتطلبات الحياة التي تستوجب دخول الأم والأب إلى سوق العمل وحاجتهما للعمل لساعاتٍ طويلة جداً ونقل أجزاء من العمل معهم إلى بيوتهم أيضاً لا توفر لهم الإمكانية اللازمة لمتابعة أبنائهم.
إضافة إلى أن التطور التقني المتسارع واختلاف التعامل الآدمي مع مخرجات التكنولوجيا وتبعاتها اجتماعياً وثقافياً وتطور التفكير الآدمي باتجاه التواصل اللحظي وسرعة الوصول إلى المعلومة وانفتاح الطرق أمام كل ما هو متاح على الشبكة العنكبوتية يجب أن يفرض نظاماً تعليمياً جديداً قائماً على الإبعاد التفاعلية و التحليلية والإبداعية.
لذلك فاليسامحني جمهور المتحمسين للتوجيهي كما عرفناه تاريخياً إذ لا يمكن حقيقة الاستمرار به أو التعايش معه بأي شكلٍ من الأشكال.. هذا ليس هجوماً على أحد ولا انتقاصاً من قيمة أحد أو دور أحد. فالمؤسسة التعليمية كانت وما زالت بالنسبة لي وزارة الدفاع التي تمتلك خيرة القيادات والضباط والمسؤولين والمثابرين. لكن حتى وزارات الدفاع في العالم تغير عتاد قواتها وتسرح صنوف آلتها العسكرية وتطور مفاهيم القتال والمناورة والتكتيك وتواكب التطور التقني وتغذي البحث العلمي وتبيع خبراتها وتجاربها. لذلك لا حرج من أن نواجه الواقع اليوم بأن نظام التوجيهي لم يعد موائما لعصرنا الحالي. وهنا أقر صراحة بفضل هذا النظام ذات يوم لكن ذلك اليوم قد فات ولا حرج في ان نطور ما هو جديد.
إذا, مقولة "الشعب يريد" وإن كانت من باب المداعبة وشد الاهتمام لكنها أيضاً تعبر عن مشاعر الطلاب والأهل حول أهمية التغيير والتبديل لنظام التوجيهي الحالي.
وهنا أسجل الاحترام للجهود التي بذلت سابقاً لتطوير هذا النظام. لكن حقيقة فكرة استمراره بصورته القائمة ليس مقبولاً ويستوجب البدء بتغييره. وبهذا لا بد وأن نرفع جميعاً شعار: الشعب يريد إسقاط نظام التوجيهي!
s.saidam@gmail.com