شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    مجزرة جديدة: عشرات الشهداء والجرحى في قصف للاحتلال على مشروع بيت لاهيا    3 شهداء بينهم لاعب رياضي في قصف الاحتلال حي الشجاعية وشمال القطاع    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي الصبرة جنوب مدينة غزة    لازريني: مجاعة محتملة شمال غزة وإسرائيل تستخدم الجوع كسلاح    شهيدان جراء قصف الاحتلال موقعا في قرية الشهداء جنوب جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على بلدة قباطية جنوب جنين  

الاحتلال يواصل عدوانه على بلدة قباطية جنوب جنين

الآن

في الذكرى الثانية وداعاً أيتها الفارسة "جميلة صيدم" - ساهر الأقرع

يتبادر في مخيلتك عند ذكر المناضلة "جميلة صيدم"، - رحمها الله - صورة ذهنية ترتسم فيها ملامح "ام صبري"، بأدق تفاصيلها، ابتسامتها التي لا تغيب حتى في أحلك اللحظات .. تبقي فيها "ام صبري"، مبتسمةً بشوشاً رغم مسؤولياتها الجسام، وأعمالها العِظام .. ابتسامة "جميلة صيدم" رحمها الله - كانت جواز عبور استعمرت به قلوب محبيها .. اتخذت منها الطريق الأقصر للوصول إلى الآخرين، حتى والألم يجتاح جسدها الطاهر، والمرض قد نهك منها ما نهك، إلاّ أن ابتسامتها المناضلة "ام صبري" تبعث الأمل لقلوب الناس، حتى تملكهم بابتسامة، تشرح بها صدور ملتقيها.
لكل شخصية سمات تتميز بها وتشكل جاذبية خاصة تملك سلطة غير طبيعية على الآخرين، إلاّ ان (كاريزما) ،( ام صبري) أخضعت وتملكت الكل بابتسامة كانت تخترق طريقها في قلوب محبيها، أسرع من أي شيء آخر، عفوية الابتسامة الدائمة جعلت مُحيّا "ام صبري" مبتسمةً رغم كل الألم، وفي كل الظروف، كانت ابتسامتها البلسم الشافي، والحب الوافي، تمد محبيها بالتفاؤل والأمل، بالأمان، بالعطف والحنان.
لقد كانت ابتسامتها ابتسامة سيدة عظيمة، تبذل بسخاء، فنالت المحبة، والأجر والثواب بإذن الله، طوال وقتها صدقة في سبيل الله، إما بأعمالها الخيرية ومواقفها المبهرة، أو بابتسامتها في وجه أخيها المسلم.
ستبقي ابتسامتها الأخّاذة حاضرة دوماً، ابتسامة هذه المرأة الحديدة العظيمة دوما علي ملامح وجهها ، قدمت الخير لوطنها، بحثت عن المحتاجين والمرضى، وأنشأت المراكز الطبية والخدمية، بعد أن أرست القواعد والنظم، وجهزت الدرع الحامي للوطن، بعد أن أمضت عمرها تركض وتلهث إخلاصاً لوطنها، وتمسكاً بدينها، حتى المرض لم يذبل ابتسامتها، وغادرت دنيانا الفانية بقلب راض، وفؤاد قانع، وستبقى بسمتها محفورة في الأذهان.
لقد ترّبعت الخالدة "ام صبري"- رحمها الله - في قلوب محبيها بحسن خُلقها، ونور وجهها، وقدّمت بـ 'ابتسامتها' دروساً وعبر لكل الأجيال، في كيفية التعامل مع الناس، واحتواء الأشخاص، وكسب القلوب، وغيرها من الأمور التي تقدم لها الدورات وتؤلف من اجلها المجلدات، كل ذلك قدمتها من دون أن تنطق حرفاً، من دون أن تهمس صوتاً، فقط بابتسامتها.
اليوم بعد أن حلت علينا الذكري الثانية لوفاة المغفور لها باذن الله المناضلة "ام صبري صيدم" ستبقي ابتسامتها عالقة في الأذهان، سيردد الصدى نبرات صوتها الموجهة بالخير، ستظل نبراتها، وهمسات ضحكاتها، باقية إلى الأبد، "جميلة صيدم"، إلى جنات الفردوس بإذن الله، بدعوات من فرج كرباته، بدعاء المكلومين، برجاء المعوقين.
إلى جنة الخلد "ام صبري" كما كنت ضاحكةً مستبشرةً في دنياك الفانية، ستكونين بدعاء محبيك، ومواطنيك، ومن كنت له عوناً ونصيراً، في الجنة، حيث الوجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة.
من المؤكد في كل ذكري سنوية لوفاة المناضلة "ام صبري" تقترب علينا هناك الكثير من المسئولين من أصحاب المعالي وأصحاب السعادة الحاليين والمتقاعدين .. سيتساءلون وهم في حيرة من أمرهم عن أسباب حجم هذا الحزن الكبير الذي يعم الناس، وسيتساءلون فيما بينهم في كل لحظات وفي كل أجواء هذا الحزن الوطني لماذا حظت به المناضلة "جميلة صيدم" بهذا الكم من الحزن عند اقتراب ذكري وفاتها كما كانت تحظي أيضا في حياتها بحجم اكبر من الإعجاب ومن التقدير ومن الاحترام من كل الناس!!
هم يتساءلون .. وسيتساءلون دوما بكل استغراب وبكل حيرة ما الذي جعل الناس يبدون كل هذا الحزن في ذكراها بل وسيسألهم أبناؤهم وستسألهم أسرهم هل سيحظون هم بعد وفاتهم بمثل ما حظت به "ام صبري" من حزن وطني واجتماعي تجسد في كل المظاهر؟؟
- يا ترى لماذا يوزع الناس الحزن بقدر دقيق جدا وتلقائي وطبيعي بين الأموات؟؟
- لماذا يتفاوت حجم حزن الناس بين شخص وآخر عند اقتراب ذكري وفاتها؟؟
- الإجابة هنا أن هناك مسئولين جاءوا وغادروا كرسي العمل والمسؤولية والسلطة كما حضروا !!
مسئولون جاءوا واستمروا على كرسي المنصب سنوات طويلة ثم منهم من غادر كرسي السلطة دون ان يحس به الوطن والمواطن ودون ان يلمس على الواقع شيئا من انجازاتهم..!! بل إن هنا بغزة الآن من هم في ذاكرة النسيان حتى وان كانوا حاضرين على كرسي المسؤولية..!! ولكنهم في أعين الناس كالأموات بانجازاتهم وان كانوا أحياء بأجسادهم ، فهم الآن يشاهدون حجم الحزن لذكري وفاة المناضلة "ام صبري"، ومشاهدتهم هذه خير دليل على أن الناس والمجتمع خير من يمنح الإعجاب في المسئول وفي درجة النجاح والتميز في مسؤوليتها في حياتها و مماتها !! ولذلك فهم الآن يدركون أن المجتمع هو من يمنح درجات الحزن عند موت الإنسان بكل عدالة وبكل إنصاف قياسا على حجم انجازات المسئول وحجم إخلاصه وأمانته في مسؤوليته التي تربع على كرسيها لسنوات طويلة !!
قبل ثلاث سنوات وعندما ماتت "ام صبري"، نعاها بكل صدق كل من سمع عنها وكل من عرفها وكل من قرأ لها وكل من سمع لها الصغير والكبير الرجال والنساء..
ماتت "ام صبري"، الأم  والمسئولة والأديبة والشاعرة والمثقفة والمتحدثة .. وبموتها نعاها بكل أسى كل من عرفها سواء من السلطة الفلسطينية أو من الأحزاب أو الفصائل!! ماتت "ام صبري"،.. هذه الفارسة  في المعركة الفلسطينية – الإسرائيلية، وهي المعركة الطويلة التي تخوضها مع (عناصر) أعداء هذا  الوطن .. وهي خسارة من المؤكد أنها مكسب وانتصار كبير جدا للطرف الآخر في هذه المعركة!!
فذكري فارسة فلسطين ستبقى حاضرةً في أذهان كل المواطنين الذين عاصروا تلك الفترة الزمنية العصيبة ومعهم إخوانهم العرب بل والعالم الذين يتذكرون مقارعتها خلال سنوات كثيرة من احتلال غزة .
أتت موعد ذكري وفاته الـ"جميلة"، من غير أن نسمع أو نقرأ أو نشاهد أنها وظفت أحد أبنائها أو احد أقاربها أو احد أنسبائها في أي من مواقع المسؤوليات الكثيرة التي تولتها على مدى حياتها وهي سنوات مسؤولياتها.
- ماتت "ام صبري"، دون أن نشاهد لها قصورا ومخططات وأبراج سكنية ومزارع واستراحات في كل موقع!!
هنيئا لكٍ يا "ام صبري"، في قبرك بحجم هذا الحزن الطبيعي الصادق والدعاء المقبول إن شاء الله .. وهنيئا لأسرتك بهذه المحبة الوطنية التي زرعتها "ام صبري"، على مدى أربع وستين عاما بالنزاهة والإخلاص والتواضع ..  وعزاؤك يا وطني الغالي في فقدان مناضلة نادرة أمثالها في كل صفات المسؤولية.


ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024