صحافي بريطاني: جدار اسرائيل الفاصل لا يوفر الأمن ويحتجز وراءه فلسطينيين في ظروف من الفوضى والروائح الكريهة
طفل فلسطيني في مخيم شعفاط بالقرب من جدار الفصل العنصري
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
haيقول جايلز فريزر، وهو مراسل لصحيفة "ذي غارديان" البريطانية في تقرير له نشرته الصحيفة اليوم السبت ان الجدار الفاصل الذي اقامته اسرائيل في الضفة الغربية يبقي سوء معاملتها للفلسطينيين بعيداً عن انظار الاسرائيليين وانها ترفض توزيع قوات شرطة في مخيمات اللاجئين في المناطق الواقعة تحت احتلالها تاركة الفلسطينيين المشردين هناك للعيش في حالة من الفوضى. وهنا نص تقريره:
"معظم اهالي القدس لا يستطيعون العثور على مخيم شعفاط على الخارطة او اعطاءك اي توجيهات للوصول اليه. ومع ذلك فانه على بعد اقل من ثلاثة اميال عن حائط المبكى (البراق)، وضمن حدود بلدية القدس نفسها تماماً. وعلى الرغم من ان كثيرين من سكان شعفاط العرب يدفعون ضريبة الأملاك (أرونونا) لبلدية القدس – واذا لم يفعلوا فانهم يخسرون بطاقة هويتهم الزرقاء الغالية، التي تسمح لهم بالعثور على أشغال في القدس الغربية المزدهرة وغيرها – فانهم لا يحصلون على اي خدمات تقريباً. هذه ارض تدعيها اسرائيل لنفسها، ولذلك فان الشرطة الفلسطينية غير قادرة على العمل هنا. ولكن الشرطة الاسرائيلية ترفض دخول المخيم، ولذا فانه قطاع فوضى. ويجلس تجار المخدرات المحليون تحت الشمس عند مدخل المخيم، تحت بصر الجنود الاسرائيليين الذي لا يفعلون شيئاً. وتدير وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين (اونروا) المدارس وتجمع القمامة وتخوض معركة خاسرة لتنظيم امور الصرف الصحي. ويرفض الاسرائيليون ذلك. انه مكان من دون حكومة، ومن دون خدمات حكومية ومن دون كثير من الامل. ولا يبدو ان احداً يعير اهتماماً.
زرنا المدرسة الثانوية المحلية التي يوجد فيها 2,000 تلميذ. تسمع اصوات اثارة موقتة مع انتشار اشاعة تقول ان الماء قد يسيل الى الحنفيات اليوم. ولكنها اشاعة كاذبة. لا توجد مياه جارية في المدرسة منذ تسعة شهور. عندما اردنا زيارة المرحاض همس لنا المسؤول في الامم المتحدة: تبولوا ولكن لا تخرجوا غائطا. المكان محاط من ثلاث جهات بالجدار الفاصل. والثغرة التي كانت في الجدار للصرف الصحي سدت في الآونة الاخيرة، وهو ما اوجد ما يسميه الناس المحليون "بحيرة خراء" تلامس الجدار وتثير شكوى من يعيشون في الجانب الآخر من الجدار في مستوطنة "بسغات زئيف" الحافلة بالاشجار من الرائحة الكريهة. والواقع ان رائحة الغائط هي السبب الوحيد الذي يجعل مستوطني "بسغات زئيف" على اتصال بإنسانية اولئك الذين هم على الجانب الآخر من الجدار، الاعضاء مثلهم في المدينة نفسها، وهي مدينة يفترض انها احد اقدس الأماكن على الارض. ولنقلها مرةً اخرى: هؤلاء اناس يعيشون حسب الاصول وبصورة قانونية في منطقة تدعي اسرائيل انها ضمن اسرائيل، ولكنهم موضوعون مع ذلك وراء قفص خرساني.
احتفل اليهود في الايام القليلة الماضية بالسنة الجديدة "روش هاشاناه"، حيث اجتمعوا كعائلات لتناول التفاح المغموس في العسل والرمان. ومن الناحية العقائدية فان هذا العيد هو بداية فترة التوبة بحثا عن الذات والذي ينتهي بـ"يوم الغفران". كانت العائلة التي تبنتني في القدس رائعة، ولديها اهتمام واسع بالمسألة الفلسطينية، وتشعر باليأس لعدم اكتراث الاسرائيليين. غير ان احد صانعي الة الكمان الموسيقية من تل ابيب يمثل اليسار الاسرائيلي بافضل صورة. ويقول "ندفن رؤوسنا في الرمال مثل النعام". وبكلمة اخرى: الوضع في غاية الصعوبة ولهذا فانهم وجدوا ان لا فائدة ترجى من التفكير في الامر.
قد يكون من المفهوم ان الاسرائيليين يكرهون القادمين من الخارج من امثالي، الذين يتحدثون عن الظروف التي يعيش فيها الفلسطينيون. ويظل مع ذلك انهم هم الذين عليهم ان يعيشوا دوما بقلق لجهة الامن. والوضع في حقيقة الامر معقد تماما – ولعله كذلك خاصة بالنسبة الى الصهاينة من امثالي. غير ان الجدار لا يوفر الامن على نطاق واسع حسبما يتصور البعض. اذ لا تحتاج مجموعة من الشبان الا اقل من دقيقة للصعود عليه في شعفاط. توضع السلالم على احد جانبيه، وتقترب سيارة من الجانب الاخر ومعها سلم ايضا. وخلال لحظة واحدة يكون الشبان قد تخطوا الجدار، واخذت السيارة تنهب بهم الارض. هناك الالاف ممن يفعلون ذلك كل يوم. الشبان وحدهم هم الذين يقومون بهذا العمل، اما الضعفاء وكبار السن فان الجدار يحتجزهم. وكل ما يفعله الجدار حقا هو انه يعزل الاحوال في مكان مثل شعفاط بعيدا عن الانظار وعما يعتمل في صدور اطار اوسع من الاسرائيليين. انه جدار في العقل اكثر مما هو جدار أمني".
عن القدس المقدسية