الأميون العرب- فؤاد ابو حجلة
نشرت "الحياة الجديدة" قبل أيام تقريرا للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم يتضمن معلومات مريعة حول واقع الأمية في الألفية الثالثة.
يقول التقرير إن الأمية متفشية في كل أرجاء الوطن العربي وإن عدد الأميين يتجاوز سبعة وتسعين مليونا من أصل ثلاثمائة مليون عربي ما يعني أن ثلث عدد العرب أميون لا يعرفون القراءة والكتابة ناهيك عن العلوم الحديثة في عصر الانترنت.
رغم ضخامة الرقم ينبغي الا تكون هذه المعلومة مفاجئة لمن يقرأ المشهد السياسي العربي بواقعية، وبصراحة أعتقد أن العدد الحقيقي للأميين العرب يفوق ما أعلنه التقرير، فما يجري في المنطقة العربية على امتداد فصولها السياسية وانتقالها من خريف البطاركة الطغاة الى ربيع الكهنوت الظلامي يؤكد أن الأمية راسخة في المجتمعات العربية وأن كل ما تعلنه الدول وتفاخر به الحكومات من برامج للتعليم هو محض هراء وأكاذيب مخجلة.
صرنا، بفضل الأنظمة المتخلفة والتابعة أمة أمية، وصارت ثرواتنا وبالا ووباء يصيب الناس بالتخلف وينشر الجهل ويشيع القيم المصنعة لاظهار مأساتنا وكأنها انجاز عبقري للنظام الرسمي العربي.
معظم الأميين العرب من النساء اللواتي يعانين من الظلم المجتمعي ومن الاقصاء السياسي والاستبعاد الذي يكاد يكون شاملا من المشاركة في الحكم ورسم السياسات، ويتم التعامل معهن باعتبارهن أضلاعا سياسية قاصرة ومجرد اكسسوارات في الحكومات الذكورية التي تحمي الجهل وتدافع عن التخلف.
الأميون العرب يعيشون في دول تختلف حول كل شيء وتتفق على إدامة برامج التجهيل وحجب المعرفة ونشر الشعوذة. وهم ضحايا لواقع عربي مخجل وسياق تطور مشوه يعيد الأمة ألف سنة للوراء بعد كل هبة شعبية ضد الظلم والظلام.
كنا نفخر كثيرا بأننا عرب، ونجتر أمجادا قيل لنا إننا صنعناها في أزمنة ماضية، وكنا نغني لهذه العروبة التي جردها النظام الرسمي من محتواها الانساني وحولها الى مجرد شعار كاذب يسقط في أول مواجهة مع الغرباء. وكنا نصدق ما يقوله الاعلام الرسمي العربي، لذا تحولنا جميعا الى أميين وإن كان بعضنا يعرف القراءة والكتابة.