دموع الأسيرات- خالد معالي
تنهمر الدموع في لحظات صدق مع النفس؛ كونها لحظات تتجلى فيها أجمل المعاني الإنسانية من الخير، والمحبة، ورفض الظلم؛ وهو ما يحصل مع الأسيرات الفلسطينيات المنسيات في سجون الاحتلال والمعذبات، واللواتي لا نتذكرهن إلا عند اعتقالهن أو الإفراج عنهن، وقد يكون اعتقالهن مجرد خبر عابر عند البعض.
أبشع حدث يمكن أن يتخيله المرء هو فقدان حريته؛ فكيف إذا كان الحدث يتعلق بفلسطينيات يفتقدن حريتهن ويقهرن صباح مساء، ويتلذذ السجان في التصعيد ضدهن بمختلف الأساليب والأشكال العقابية.
أثقل دموع؛ هي دموع فقدان الحرية، وأحلاها وأثمنها؛ هي دموع لحظات الإفراج، والأسيرات ينتظرن بفارغ الصبر تلك اللحظات.
الأشد معاناة في الوطن المحتل والجريح هم الأسرى، ولكن الأسيرات اللواتي يأكل الحديد من أجسادهن، وتذوب زهرة شبابهن خلف القضبان؛ هن الأشد معاناة، حيث يصرخن "وامعتصماه" دون صدى يذكر.
تعسا؛ لأمة، أو شعب، أو حتى إنسان شريف ينام ملئ جفنيه، وخيرة فتيات ونساء العالمين وأطيبهن خلقا لا يعرفن للنوم طعما؛ تحت وقع سياط الجلادين.
وبرغم الهجمة المسعورة من قبل إدارة السجون على الأسيرات؛ إلا أنهن يهزئن به، ويحولن عذاباتهن إلى أمل جديد وتفاؤل، بقرب الحرية والانعتاق من العبودية.
دروس قاسية من الأسيرات تتوالى؛ فرؤوسهن رغم القيد شامخة، ويطلن عنان السماء، وينبن عن الأمة في خط الدفاع الأول، وفي اضعف مراحلها.
لم ينكسرن الأسيرات الماجدات، ولم يعبئن بسياط جلاديهن، ويكتبن بالدم على جدران زنازينهن: صامدون ..صامدون ...؛ ومن هنا فان العار والشنار سيبقى يلاحق كل من ادعى بأنه مسلم وغيور ، ولا يحرك ساكنا، لنصرة الأسرى والأسيرات ولو بأضعف الإيمان بالكلمة الطيبة، والدعاء لهم جميعا.
أنتن وجع في كل قلب حر وغيور في هذا العالم، ونخزة ضمير لكل حر وأبي في هذا الوطن المأسور والمقهور. انتن تبددن الظلمات، وتشرقن دائما في قلوب الأحرار مهما علا صوت الطغيان.
أروع الأمهات هي التي صمدت، وتحدت سجانيها بعزيمة وإرادة لا تلين. وأجمل الأمهات هي أنجبت أبطالا لتحرير فلسطين، وما أعظمكن أيتها الأسيرات؛ وأنتن تلقن الرجال معاني دروس التضحية والفداء.
نحني خجلا لكن أيتها الأسيرات، فانتن تقدمن أغلى ما تملكن من حريتكن، وتوجعن ضمائرنا على الدوام. وانتن يا أسيراتنا رمز العزة والطهارة تدفعن ضريبة الوطن المغلوب على أمره والمقهور بقوة البطش والإرهاب؛ فقليل من الصبر وتحدي جبروت السجان، والقيد سيكسر، والله معكن وناصركن، "أليس الصبح بقريب".